بقلم: خالد منتصر
مات عالم الكيمياء الحيوية الأمريكى، روبرت فورشجوت، صاحب الفضل فى اكتشاف الفياجرا، وصدم الكثيرون من العرب والمصريين عندما عرفوا من وكالات الأنباء أنه يهودى، فكيف سيستمرون فى الدعاء على اليهود أحفاد القردة والخنازير فى صلاة الجمعة وهم قد تناولوا حبة الفياجرا ليلة الخميس؟!،
وكيف سيستقيم إيمانهم وكيف سيسامحون أنفسهم على الدعاء بالخير وطول العمر لمكتشف هذا العقار السحرى الذى أنقذ فحولتهم، فظل اليهودى حياً بفضل هذا الدعاء ٩٢ سنة كاملة؟،
وبماذا سيردون يوم الحساب عندما يسألون عن إنفاقهم على الفياجرا، التى صُنف العرب من المحيط إلى الخليج كأكبر الشعوب استهلاكاً له ولبدائله التايوانى المضروبة، وصرفت مصر عليه كل عام ما يوازى دخلها من قناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج؟!
تخرج فورشجوت فى جامعة نورث كارولينا ١٩٣٧، وحصل على فلسفة الدكتوراه فى الكيمياء الحيوية ١٩٤٠، وظل أستاذاً للفارماكولوجى حتى ٢٠٠٤ فى أكثر من جامعة آخرها ميامى، وفى عام ١٩٧٨ اكتشف فورشجوت مادة فى الخلايا الداخلية المبطنة للوعاء الدموى تساعد على استرخاء الجدار ومن ثم توسيع هذا الوعاء الدموى وتدفق الدم بداخله،
وظل تسع سنوات يجرى الاختبارات فى معمله لتحديد هذه المادة حتى توصل إلى أنها أوكسيد النيتريك التى كانت لها سمعة سيئة فى تلوث البيئة، استحق فورشجوت عن هذا الاكتشاف العبقرى جائزة نوبل ١٩٩٨ لأهميته فى أبحاث القصور الدموى للشرايين التاجية، ولكن ماعلاقة هذا الاكتشاف بالفياجرا؟!.
تلقفت شركة «فايزر» هذا الاكتشاف وطبقته على الفياجرا، وللصدفة البحتة حصل الفياجرا على موافقة هيئة الدواء فى نفس عام حصول فورشجوت على جائزة نوبل!،
لكن هل كان الفياجرا مصنوعاً أساساً لعلاج الضعف الجنسى؟، هذه صدفة أخرى، فالفياجرا كان فى الأساس دواء لعلاج قصور الشرايين التاجية وكانت الاختبارات تجرى على هذا الأساس، ولكن العلماء لاحظوا أنهم عندما يطلبون الأقراص من المرضى المتطوعين يزوغون ويخترعون أعذاراً وهمية للاحتفاظ بهذا الدواء،
وكان السر هو تحسن قدرتهم الجنسية بمجرد تناول هذا الدواء، وكان الفضل لأوكسيد النيتريك الذى ينطلق عبر عملية معقدة من تأثير الإنزيمات كى يوسع شرايين العضو التناسلى ليتدفق الدم ويعالج الضعف الجنسى، وحصدت فايزر مكسباً صافياً قدره مليار دولار فى أول ثلاث سنوات من استخدام هذا الدواء،
واكتسحت الفياجرامانيا العالم حتى وصل استهلاك الفياجرا فى أول عشر سنوات من استخدامه حتى ٢٠٠٨ حوالى مليار و٨٠٠ مليون قرص فياجرا، أما معدل الاستهلاك مقارنة بعدد الرجال بشكل عام يصل إلى ٦ أقراص كل ثانية فى مصر.
أنا لا تبهرنى الفياجرا برغم أهميتها الطبية، ولكن ما يبهرنى هو المنهج العلمى الصارم الذى يتبعه العلماء عند اختراع أى دواء، والرحلة الطويلة بداية من تجربته على الحيوانات وانتهاء بمقارنته مع «البلاسيبو»،
وهو القرص الزائف الذى لا يحتوى على المادة الفعالة، أما داعية وزارة الأوقاف الذى أفتى بأنّ الخنازير الموجودة حاليّا ليست إلاّ مسوخاً من اليهود البائدة، سخط الله عليهم فمسخهم قردة وخنازير، وبنى على ذلك وجوب قتلها وجوباً شرعيّاً أيّاً تكن الطريقة والوسيلة، فأنصحه باستكمال فتواه وتحريم الفياجرا لأن مكتشفها قرد يهودى!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3486&I=93