عماد خليل
تقرير: عماد خليل - خاص الأقباط متحدون
أصدرت الشبكة العربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي عن حرية التعبير وذلك بمقر نقابة الصحفيين ظهر أول أمس وذلك تحت عنوان "حرب مفتوحة تخوضها الحكومة ضد حرية التعبير".. هذا هو أدق وصف لحالة حرية التعبير في مصر عام 2008، فإسكات الأصوات التي ترى الحكومة أنها "تعالت" أو "تجاوزت" هو الهدف و المحك، ولا يهم الوسائل أو الأدوات المستخدمة، فحرب من هذا النوع غالبًا لا تحكمها قواعد، وما حدث –ويحدث أيضًا- يؤكد أن شعار "الغاية تبرر الوسيلة" ليس مستبعدًا من قبل الحكومة المصرية.
وأكد جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان أن التقرير اعتنى بحرية الإعلام وقضايا الحسبة وأنه أوضح أن الحكومة المصرية تدرك حجم القضايا التي تعلقت بحرية التعبير وحرية الصحافة التي تداولتها المحاكم في العام السابق "2007"، كان دليلاً واضحًا على عداءها لحرية الصحافة وعلى استبدادها، مما جعل صورتها في الخارج موضع شك ومحل انتقاد، مما دفعها إلى التفكير في عقاب الإعلاميين والمنتقدين وإسكاتهم، ولكن بطريقة غير مباشرة ولا تؤخذ عليها.
وتعد قضايا الحسبة الدينية والسياسية وسيلة جيدة ضمن هذا النوع، فهي تستهدف بالأساس هؤلاء المنتقدين وتصب في مصلحة الحكومة، دون أن ترتبط بها بشكل مباشر، وهناك التجفيف من المنع "حيث عرقلة أو إغلاق الشركات التي تقدم خدمات البث الفضائي"، كما أن هناك قرارات حظر النشر.. كل هذه الوسائل ما زالت مستخدمة بدرجات متفاوتة وحسب الحاجة، لكنها لم تعد كافية لتحقيق هدف "عقاب المنتقدين والأصوات العالية" دون أن يخل هذا بصورة الحكومة "في الخارج بالطبع".
انتهاكات جسيمة وقضايا أقل "الإفلات من العقاب"
الإختطاف والمعاملة القاسية وأحيانًا التعذيب والحصانة من العقاب، هي الوسيلة التي كانت تمارس على استحياء في السابق، وتم التوسع في استخدامها خلال عام 2008، فتلك الوسيلة توفر الردع وتحقق الهدف، حيث يختطف الصحفي أو المدون ويتم الاعتداء عليه ثم إطلاق سراحه، أو يتم الاعتداء عليه في الشارع مباشرة وبشكل سريع، ليتم بذلك توصيل الرسالة للآخرين، ومع جهاز نيابة عامة متسامح ووطيد العلاقة مع جهاز الشرطة، فلا خوف من العقاب. لذلك فحين تقول الحكومة المصرية بشكل مباشر أو عبر أحد أبواقها (صحافة صفراء، والمجلس القومي، وضباط شرطة....إلخ) أن هناك تراجعًا ملحوظًا في عدد القضايا المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة التي نظرتها المحاكم أو حققت فيها النيابة العامة خلال عام 2008 بالمقارنة مع عام 2007 فهذا حقيقي وصحيح، ولكننا نكون صادقين أيضا حينما نقول أن الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين وأصحاب الرأي ازدادت في عام 2008 عما كانت عليه في عام 2007.. وذلك ببساطة لأن الانتهاكات التي نقوم برصدها وتوثيقها ليست قاصرة فقط على القضايا التي تناولتها المحاكم أو النيابة، ولكننا نرصد الانتهاك من حيث هو انتهاك وقع على ممارسة حرية التعبير أو بسببها.
وقد شهد عام 2008 بعض المحطات والأحداث الهامة التي أثرت –سلبًا أو إيجابًا- على حرية الرأي والتعبير في مصر، بحيث يمتد أثرها أو تنعكس نتائجها على هذا الحق وممارسته في الأعوام اللاحقة ومن هذه المحطات:
أولا: المحطات المؤثرة سلبًا على حرية التعبير
1- ضم رؤساء تحرير الصحف القومية لعضوية الحزب الوطني.
في فبراير 2008 قام الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بضم رؤساء تحرير الصحف القومية إليه، ضاربًا بنصوص قانون الصحافة عرض الحائط، حيث تنص المادة 55 على "وتكون الصحف القومية مستقلة عن السلطة التنفيذية وعن جميع الأحزاب، و تعتبر منبرا للحوار الوطني الحر بين كل الآراء والاتجاهات السياسية و القوى الفاعلة في المجتمع".
يأتي هذا رغم أن الحزب الوطني الحاكم لديه جريدة تعبر عنه هي جريدة "الوطني اليوم" ليصبح بعد ضم رؤساء تحرير ال24 مطبوعة صحفية قومية مسيطرا على 25جريدة، بإعتبار أن الصحف القومية باتت تعبر عن رؤية الحكومة ومواقفها بدلا من تعبيرها عن "القوى الفاعلة في المجتمع".
في حين أن باقي الأحزاب المصرية التي تبلغ 24حزبًا، لا يسيطر أي منها "حتى الأحزاب التي تمنح بعض الترخيصات الصحفية لآخرين" سوى على صحيفة واحدة تعبر عنه.
وقد وصف الكاتب الصحفي الدكتور محمد السيد سعيد ضم رؤساء تحرير الصحف القومية للحزب الوطني قائلاً "رؤساء تحرير الصحف القومية، ودائمًا هم شخصيات مقربة من الدوائر الأمنية والسياسية، وينقلون إلى مؤسساتهم "الفساد" الذي تعيشه أجهزة الدولة خاصة مسألة انفراد شخص أو اثنين بالقرار".
2- ازدهار سوق قضايا الحسبة
صدق ما أكدته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تقريرها السابق لعام 2007 من العودة القوية لقضايا الحسبة السياسية والدينية، حيث شهدت المحاكم المصرية عام 2008 المئات من هذه القضايا التي طالت في أغلبها كتابًا وصحفيين وفنانين من كل الخلفيات، حتى أنها لم تستثني بعض الكتاب والصحفيين المقربين من الحكومة.
ويومًا بعد يوم ونتيجة غض الحكومة للطرف عن هذه القضايا فقد بدأت الحسبة تستقطب المزيد من المحامين والباحثين عن الشهرة أو المال والراغبين في كسب ود الأجهزة الحكومية أو الحزب الوطني، حيث يكفي في هذا النوع من القضايا أن تحرر بلاغًا للنيابة العامة أو ترفع قضية في محكمة جنائية أو في محكمة مجلس الدولة تزعم فيها أنه باعتبارك مصري فقد أصابتك مقالة الصحفي س أو ص بـ"أضرار نفسية وأدبية"، أو أن هذه المقالة أو تلك قد "أساءت لسمعة الدولة بالخارج" بالإضافة بالطبع أنه يمكنك أن تستبدل صفة مصري "مسلم أو عربي" لتزعم تضررك من هذه المقالة أو هذا الفيلم أو هذه الصورة!
ورغم أن القانون يشترط في من يقيم الدعوى أن يكون له صفة في القضية ومصلحة مباشرة إلا أن ما يهم في هذا النوع من القضايا ليس هو القانون، ولكن المستهدف من هذه القضية أو هذا البلاغ للنيابة العامة.
وقد رصدت الشبكة العربية في يوم واحد (الثلاثاء 17 مارس 2008) وفي محكمة واحدة هي محكمة مجلس الدولة 22قضية حسبة لأحد هؤلاء المحتسبين ضمن قائمة القضايا التي نظرتها المحكمة في هذا اليوم وعددها 96 قضية.
وتتعلل الحكومة دائمًا بأنها ألغت قضايا الحسبة في منتصف التسعينات عقب قضية التفريق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته عقب قضية حسبة إتهمته بالإرتداد عن الإسلام، إلا أن الوقع يؤكد أن ما حدث هو "مواربة الباب" بحيث تقبل القضايا التي تستهدف المنتقدين سواء صحفيين أو كتاب وتُرفض نفس القضايا لو إستهدفت أحد رموز النظام أو الحزب الوطني أو الوزراء، وهو ما يسيئ بشدة للقضاء والنيابة العامة حيث تسمهما هذه القضايا بعدم الاستقلال والمشاركة في الانتقام السياسي.
فضلاً عن ذلك فمن الواضح أن الزيادة الهائلة في قضايا الحسبة سوف يطال إن آجلاً أو عاجلاً الحكومة المصرية نفسها، ليس فقط من قبل المتشددين الذي يتجهون لإستغلال هذه الثغرة الخطيرة في "الجهاد القانوني الديني" ولكن أيضًا عبر الباحثين عن الشهرة والمال عبر قضايا تسلط الأضواء عليهم دون أن تكلفهم سوى جنيهات قليلة أو قد لاتكلفهم أي شيء على الإطلاق.
وفي حوار لجريدة المصري اليوم مع الكاتب الصحفي عادل حمودة في 30 أكتوبر 2008 حول مصلحة الحكومة من قضايا الحسبة السياسية أجاب:
"بالطبع نعم، لأنها تعاملنا من منطلق الحاكم التركي، تتعالي علينا ولا تواجهنا بشكل مباشر، ولا أعلم من أين يأتي لها هذا الإحساس بالغطرسة، نكتب فلا ترد علينا، نُهاجمها فترسل لنا محاميًا صغيرًا يقيم دعوي حبس أو غرامة. وأنا أتعجب كيف يتأتي لها هذا الإحساس في ظل سلسلة من الإحباطات المتوالية التي لم نر مثلها من قبل، يكفي أن نذكر بقاءها رغم سقوط صخرة وزنها ٨ أطنان علي أجساد مصريين في الدويقة، وهو ما أعتبره عارًا. والسبب في رأيي أنه لا يشغل بال حكومتنا اليوم سوي مشروع التوريث".
3- قانون حظر التظاهر في أماكن العبادة
في بداية شهر أبريل 2008 أقرَّ مجلس الشعب المصري بأغلبيته التابعة للحزب الوطني مشروع قانون يحمل إسم "الحفاظ على حرمة أماكن العبادة" وهو المعروف إعلاميًا بتعبير أصدق وهو "قانون حظر التظاهر في دور العبادة" والذي تضمن ثلاثة مواد اساسية هي:
1. حظر تنظيم المظاهرات لأي سبب داخل أماكن العبادة أو في ساحتها.
2. مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في أي قانون آخر يعاقب على مخالفة الحظر المنصوص عليه في المادة الأولى بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كان الجاني من الداعين إلى المظاهرة أو المنظمين لها، ويعاقب كل من شارك في المظاهرة بالحبس مدة لاتتجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز ألفي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
3. يعاقب على التحريض على المظاهرة بالمخالفة لأحكام المادة الأولى أو على المشاركة فيها بالعقوبة المقررة في المادة الثانية، ولو لم يترتب على التحريض أثر.
وجاء هذا القانون بمثابة ضربة موجعة لحركة المطالبة بالديمقراطية في مصر حيث أهدر حق التظاهر وحرية التجمع السلمي في مصر، كما يوضح إصدار هذا القانون المدى الذي تطورت إليه حركة المطالبة بالديمقراطية في مصر حيث أن قانون الطوارئ المطبق بالفعل في مصر منذ عام 1981 يعطل هذا الحق ويقيده، إلا ان تصاعد هذه الحركة جعل الحكومة المصرية تسن قانونًا جديدًا وواضحًا لمنع أو الحد من حركة التظاهرات السلمية التي اندلعت منذ عام 2003 ولم تتوقف حتى الآن وإن اختلفت أشكالها، ومثلما هي العادة عندما تطب الحكومة المصرية إجراء معادي للحريات أو تطلق قانونًا معوقًا لحرية التعبير فهي تزعم عبر أحد أو بعض رموزها بأن هدفها هو تنظيم ممارسة هذا الحق وليس إهداره لكن هذه المزاعم التي تأتي غالبا ساذجة أو مكشوفة الكذب تصبح في كثير من الأحيان دليلاً حيًا على هدف الحكومة الحقيقي وهو وضع مزيد من العراقيل على ممارسة هذه الحقوق، حيث عقب أحد رموز الحزب الوطني المعروفين وهو "نبيل لوقا بباوي"عضو مجلس الشورى على القانون في جريدة الجمهورية يوم 6فبراير 2008 قائلاً "إن هذا القانون جاء متأخرًا مئات السنوات.. فلا توجد دولة من بين جميع دول العالم 101 دولة.. تجيز التظاهر في أماكن العبادة.. وأن التظاهر داخل دور العبادة يخالف الدستور" ثم أضاف بباوي اقتراح كوميدي يتلخص في "أن تحدد الحكومة إحدي المدن الجديدة للتظاهر.. حتى لا تتوقف الحياة في القاهرة!".
4- الإفلات من العقاب
رغم أن عام 2008 شهد العديد من الاعتداءات البدنية والمعاملة القاسية ضد صحفيين ومدونين وصلت لحد الاختطاف والتعذيب في بعضها، إلا أن أغلب هذه القضايا والانتهاكات ظلت بمنأى عن العقاب والمسائلة بل وصل الأمر إلى تغير بعض هذه الوقائع رأسًا على عقب، حيث عوقب الصحفي أو المدون الذي تعرض للانتهاك وكوفئ الضابط او الجهة التي مارست الانتهاك.
وقد تتعلل النيابة العامة كجهة وحيدة منوط بها تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظف العام "طبقًا لقانون الإجراءات الجنائية" بعدم علمها بالانتهاك في بعض القضايا، إلا أن العديد من هذه الانتهاكات قد تم الإبلاغ عنها وأستقبل مكتب النائب العام المئات منها سواء المتعلق بالاختطاف أو سوء المعاملة لصحفيين أو مدونين دون أن تسفر هذه البلاغات والشكاوي عن عقاب الجهة التي مارست الانتهاك ضد أصحاب الرأي، بحيث بات توجه النشطاء والصحفيين لمكتب النائب العام لتقديم شكوى من انتهاك هدفًا في حد ذاته بدلاً من اعتباره آلية أو وسيلة لتقديم المسئول عن الانتهاك إلى المحاكمة.
في حين أصبحت وزارة الداخلية تسمح بمحاكمة بعض ضباطها المتورطين في قضايا تعذيب، فلم يشهد عام 2008 محاكمة أي ضابط بسبب تعديه بالضرب او التعذيب أو الاختطاف الذي تعرض له العديد من الصحفيين أو المدونين، وهو ما يفتح المجال واسعًا لأن تضيف الحكومة المصرية نفسها في قائمة الدول التي تسمح بالإفلات من العقاب اذا ما استمر تراخي النيابة العامة في تقديم المسئولين عن هذه الانتهاكات للمحاكمة.
ثانيا: المحطات المؤثرة إيجابًا على حرية التعبير
1- التراجع الثاني عن مشروع قانون نشر الشائعات
في منتصف يونيو عام 2006 صرح عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني "هشام مصطفى خليل" في قناة الجزيرة أنه "أكثر واحد مع الحريات وأكثر واحد مع الإصلاح وأكثر واحد مع حرية الرأي وأكثر واحد مع الصحفيين وحرية ما يقولونه" دفاعًا عن مشروع قانون تقدم به لمجلس الشعب تحت عنوان (قانون مكافحة الشائعات في مصر) ونتيجة لتصدي نقابة الصحفيين في هذا الوقت لهذا القانون الجائر، وإلتفاف الصحفيين المصريين وتضامن مؤسسات المجتمع المدني معها، تراجعت الحكومة عن هذا المشروع وظل حبيسًا في الأدراج.
إلا أن أحد النواب التابعين للحزب الوطني المعروفين المغرمين بما يسمى "الفرقعات الاعلامية" عاد ليطرح نفس المشروع مرة أخرى في بداية عام 2008، بمناسبة تداول المحاكم الجنائية للقضية المعروفة بـ "شائعة صحة الرئيس" المتهم بها الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور، عبر طرحه مرة أخرى لنفس المشروع مع تغليظ العقوبات على ما يسميه "نشر الشائعات".
ومرة أخرى ورغم تباين الخلفيات بين الصحفيين المصريين والاختلافات بينهم، فقد تصدى هؤلاء الصحفيين المصريين وبإستثناءات بسيطة لهذا المشروع بقوة ووضوح وصلت لحد أن يصفه الصحفي "صلاح عيسى" رئيس تحرير جريدة القاهرة الحكومية ساخرًا بـ "باب قويطة في قانون العقوبات" نسبة لنائب الحزب الوطني صاحب مبادرة طرح هذا المشروع للمرة الثانية "محمد خليل قويطة".
وللمرة الثانية في أقل من عامين ينجح الصحفيين المصريين في إجبار الحزب الوطني وحكومته على التراجع عن هذا المشروع، ليعود مرة أخرى لنفس الدرج الذي إحتفظ به منذ المرة الأولى في عام 2006 لينتظر العودة للمرة الثالثة.
2- إلغاء رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات على الصحف الخاصة
بتاريخ 18/10/ 2007 فوجئ عمرو الليثي رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الخميس بصدور قرار من وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات والإدارة المركزية للرقابة المالية على المؤسسات الصحفية عبر خطاب موجّه من الجهاز إلى الجريدة لموافاة الجهاز بكل البيانات عن الجريدة مثل حساب الجريدة في البنوك والأصول الثابتة لها وتقرير مجلس الإدارة عن نشاط الجريدة خلال العام ومحاضر اجتماع الجمعية العامة لاعتماد الميزانية والهيكل الإداري للجريدة واللوائح المالية والإدارية المطبقة.
مما دفعه لأن يرفع دعوى أمام القضاء الاداري ضد الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس المجلس الأعلى للصحافة يطعن فيها على تجاوز الجهتين لدورهما، مما يعد تدخلاً فى شأن داخلي من شؤون تلك الصحف الخاصة والمستقلة التي هي ملكية خاصة.
وفي تاريخ 16/12/2008 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار إخضاع ميزانية صحيفة الخميس الأسبوعية المستقلة لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما يعني إلغاء الرقابة على جميع الصحف الخاصة فى مصر، كما أحالت الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير المادة 33 من قانون تنظيم الصحافة التي تنص على إشراف الدولة على الصحف فى مصر دون تحديد، حيث يستند على شبهة عدم الدستورية لتعارضه مع ما كفله الدستور من حرية صحافة وحماية الملكية الخاصة من التدخل فيها.
وقالت المحكمة في حكمها إن "قانون الجهاز المركزي للمحاسبات أناط بالجهاز الرقابة المالية على الصحف القومية والصحف الحزبية تحديداً، دون أى إشارة إلى الصحف الخاصة التى تصدر عن شركات مساهمة، وتكون ميزانياتها جزءاً من ميزانية الشركة وفي ذات الوقت فإن الجهاز يختص بالرقابة المالية على الجهات التى تنص قوانينها على خضوعها لرقابة الجهاز".
وهو الحكم الذي اعتبره الكثيرون انتصاراً لحرية الصحافة حيث تم الحكم بعودة الحق الطبيعى للجمعيات العمومية للشركات التي تملك الصحف وليس للدولة.
3- بدء عمل لجنة التحقيق بنقابة الصحفيين وتعاونها مع النائب العام
في خطوة لم تكتمل ملامحها بعد أحال النائب العام بعض الدعاوى القضائية إلى لجنة التحقيق بنقابة الصحفيين وفقًا لمطلب نقابة الصحفيين بأن تكون صاحبة الحق في محاسبة أعضاءها للحد من مثولهم أمام المحاكم.
ورغم البطئ الذي شاب عمل اللجنة فقد بدأت في البت في جزء من هذه القضايا مثل قضية الصحفيين مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع وياسر بركات رئيس تحرير جريدة الموجز.
وتعتقد الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن لجنة التحقيق بنقابة الصحفيين وأياً كانت قراراتها المتعلقة بمخالفات منسوبة للصحفيين إلا أنها هي الجهة الأحق بالتحقيق ومعاقبة من يثبت مخالفته لميثاق شرف المهنة، بدلاً من المحاكم الجنائية أو حتى المدنية.
4- خطوة أولى في التفاعل الإيجابي مع مدوني مصر
رئيس الوزراء يعلق على مدونة على اسم مصر
في شهر يونيو 2008 كتب المدون اليساري مصطفى محمود موضوعًا على مدونته "على إسم مصر"
http://lenin1917.blogspot.com/2008/06/blog-post.html
حول خصخصة التعليم... ومستقبل الفقراء، ينتقد فيه اتجاه الدولة لخصخصة قطاع مهم كقطاع التعليم.
وقد أثار الموضوع نقاشًا ساخنًا بين المدونين استمر لأسابيع كثيرة، حتى فوجئوا في يوم 5 أغسطس 2008 بتعليق يحمل توقيع "د/ أحمد نظيف رئيس وزراء مصر" قال فيه "أود أن أعبر عن خالص تقديري للحوار البناء عبر المدونات، وأنا سعيد بحيوية الشباب المصري في التعبير الحر عن آرائه بشأن القضايا الاجتماعية والسياسية التي تواجه مجتمعنا وتستحق منا كل الاهتمام..".
وبدأت العديد من الصحف تتساءل إن كان صاحب هذا التعليق هو رئيس الوزراء بالفعل؟
حتى نشرت صحيفة "المصري اليوم" تأكيد الدكتور نظيف مشاركته بالفعل في المدونة، ونقلت عنه قوله إن مداخلته وهي الأولى لرئيس وزراء مصري، كانت تهدف لتوضيح أمور يعتريها اللبس.
ورغم أنها المرة الأولى التي تخرج فيها الحكومة المصرية عن عادتها في التعاطي مع المدونين المصريين، حيث كان التعذيب والملاحقة والاختطاف هو النمط السائد، إلا أن البعض يرى أن مشاركة رئيس الوزراء في التعليق على هذه المدونة يؤكد أن المدونين المصريين نجحوا في لفت الأنظار لجهدهم، ليس فقط عبر كشف العديد من الانتهاكات التي تورطت فيها أجهزة الشرطة ولكن أيضًا في طرح وجهات نظر جادة حول قضايا تهم المواطنين، فتلك المدونات تستحق النقاش والحوار بديلاً عن إختطاف وتعذيب أصحابها.
http://www.copts-united.com/article.php?A=3405&I=92