زهير دعيم
بقلم / زهير دعيم
لولا شُباط وأخرياته لاعتبرت السّنة الحاليّة، سنة محل وقحط ٍ وجفاف، فقد عوّض هذا الشُباط علينا، فهدر وأبرق وأرعد وملأ الوديان والسواقي والأنهار، فجرى الأردن -هذا النهر المُقدّس- جرى مع غيره يختبئ في أحضان أمّة بحيرة الجليل أو بحيرة طبريا.
ومَن لا يعرف بحيرة طبريا.
ومن لم يسمع بهذه البحيرة الأكثر شُهرةً وقداسةً وعذوبةً في الكون كلّه.
ومن لم يرسم في خياله وخاطره السّيّد وهو يمشي على مياهها.
ومن لم يسمع مع الهدير الراكض إلى البعيد، همسات من موعظة الجبل.
ومن لم يأكل من أسماكها، ويسبح في مياهها، ويُكحِّل عينيه بتاريخها وحاضرها فهو –وأستميحكم ألف عُذر- فهو خاسر!!
كنت كُلّما أفتح الصُّنبور في بيتي، يتدفّق الماء، فتتدفق في أعماقي وحواسي الخواطر والذكريات الجميلة، فهذا الماء آتٍ من هناك، من بحر الجليل، من حيث شرب الربّ ومشى وأكل وسبح وصلّى، فأروح أنهل منها وأنهل، وأجد عذوبةً ولَذّةً وقداسة، إلى أن أعلنت دائرة الأرصاد الجوّية قبل أشهر، أنّ منسوب المياه في البحيرة قد انخفض كثيراً، وبات تحت الخط الأحمر بكثير.
وكيف لا يصل؟!! وإسرائيل تشرب كلّها أو تكاد منها؛ تشرب الصحراء في النّقَب، ويشرب الجليل والزّرع والعشب والضَّرع، والكلّ يتمتع ويرتوي.
وراودتني الأفكار السيئة... أتُرى يمكن أن يؤثّر هذا الإنخفاض على الجودة وعلى المذاق الحَسَن؟!!.. وانتصر الشّكّ، نعم انتصر الشكّ، فرحْتُ أشتري المياه المعدنية الآتية من الآبار الجوفية ولتكن المصروفات ما تكون.، ونسيت أو قل تناسيت المياه العذبة النازلة من حرمون والأردن إلى طبريا والمحبوسة في حنفيتي.
بالأمس فقط، مرّت أمامي ومن خلال العهد الجديد البحيرة العطرة، وخاطرة إحدى الأخوات القبطيات في أسوان قبل عدة سنوات، والتي قالت لي بعد أن عرفت أنّنا من الجليل: "نيّالكم... أنتم من بلد بابا يسوع.. من الناصرة وطبريا والجليل!!!
...وقرّرت أن أعود، وأشرب ثانية من حنفيتي، من المياة الآتية من بحر الجليل، فكلّ قطرة تذكرنا بيسوع، وكلّ قطرة تقول كما كانت تقول جدتي: صحّة... صحّة.
طبريا أنت حُلم الكثيرين!!
طبريا أنتِ البحيرة الأجمل والأحلى.
عُدْتُ وشربت من مياه صنبوري، فوجدتها شهداً وعسلاً مُصفّى، يفوح أريجاً وعطراً وقداسة.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=339&I=9