نجاسة القلب وليس الخنزير

د. رأفت فهيم جندي

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
رأيت سعيد ولم أكن قد رأيته منذ عام, وصداقتنا ترجع لعشرين عامًا.
بعد السلامات الحارة والتحيات تصفح عناوين الأهرام الجديد وقرأ عن مهزلة القرار المصري بذبح الخنازير.
سألنى سعيد: هل تأكلون لحم الخنزير؟
قلت: معظم الأقباط لا يأكلونها ولكننا لا نحرمها, والكثير منا يأكلونها في شكل "مرتدلة" مثلاً.
قال سعيد: ولكن سمعت أن الكتاب المقدس يحرّم أكل لحم الخنزير أيضًا.
قلت: فى العهد القديم كان هناك محرمات للأكل ليس فقط الخنزير ولكن أيضًا الجمل والأرنب والقائمة طويلة, ولكنها كانت تحمل رموزًا لكي يهتدي بها الشعب قبل المسيح لأن الروح القدس لم يكن يحل على المؤمنين قبل المسيح.
قال سعيد: أعطني رمزًا منها.
قلت: رموزها: الحيوانات غير مشقوقة الظلف (الإرتباط بالأرضيات), أو التى لا تجتر (عدم أجترار الروحيات) ويطول شرح هذه الرموز، وأيضًا كان محرم عليهم حيوانات البحر غير الأسماك لأنه ليست لها زعانف, ورمزها أنها لا تستطيع السباحة ضد تيار الماديات أو تيار العالم.
قال سعيد: تكثر كلمة نجاسة عند اليهود هل هي كذلك في المسيحية؟
قلت: كانت النجاسة في العهد القديم للتذكرة الدائمة بأن الإنسان يحتاج للتطهير الذي سيأتي به المسيا ولكن بعد المسيح فإن الآن دم المسيح يطهرنا من كل خطيئة, فالإغتسال قبل الصلاة في العهد القديم كان يرمز لاغتسال النفس المستمر بالإعتراف الدائم بالخطية وطلب الصفح عنها لأن المسيح دفع ثمنها عنا للعدل الإلهي.
سأل سعيد: ولكن لماذا لا يأكل كل المسيحيين الخنزير ما دام محللاً؟
قلت: تفرق البيئة من اعتياد أنواع أكل معين، فمعظم الأقباط لم يعتادوا لحم الخنزير ولكننا لا نحرمه كما قلت.
سأل سعيد: أين سمحت المسيحية بأكل لحم الخنزير؟
قلت: السيد المسيح قال "لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هَذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ." وشرح السيد المسيح هذا قائلاً "أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ, وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْبِ يَصْدُرُ وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ".
وسفر أعمال الرسل يروي لنا رؤيا في المنام لنزول ملائة على بطرس من السماء بها جميع أنواع الحيوانات والطيور, والسيد المسيح يقول له قم يا بطرس اذبح وكل, فقال له بطرس لا آكل لحمًا نجسًا يا رب, فقال له المسيح ما حلله الله لا تحرمه أنت يا بطرس؛ وكان هذا إشارة أيضًا لقبول الأممين (الغير يهود) في الإيمان المسيحي.
ولكن سؤال يا سعيد ألم يخلق الله الخنزير أيضًا كما خلق البقر وخلافه؟
قال سعيد: أعجبني قول المسيح أنه لا شيء يدخل الفم ينجسه ولكن الخارج من الفم ينجس الإنسان، فالبعض منّا قلبه به كراهية وحقد بل وتحريض على القتل ولكنه يهتم جدًا بما يدخل فمه.

كان حوارنا سريعًا وقوفًا ولم نجلس لكي نشرب القهوة ولكن تواعدنا على لقاء أطول.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع