ميرفت عياد
من السمات التى بدأت تتغير فى المجتمع المصرى فكرة قبول التنوع والتعدد
المصرى القديم كان لديه القدرة على استيعاب الاشياء الجديدة وتطويعها وفقا لاحتياجاته
هل تغير الشخصية المصرية شئ طبيعى وسنة من سنن الحياة ؟
يجب ان تتضافر الجهود من اجل تطوير الشخصية المصرية للارتقاء بالمجتمع انسانيا
كتبت: ميرفت عياد
اقامت ساقية الصاوى ندوة تقع تحت عنوان "الثقافة والهوية المصرية " القاها الدكتور عماد ابو غازى الامين العام للمجلس الأعلى للثقافة وأدارتها الدكتورة إيمان جمال الدين رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للتراث والتى بدأت حديثها بشكرها لحضور الدكتور عماد ابو غازى لهذه الندوة لتى تقع ضمن سلسلة من الندوات الخاصة بمفهوم الثقافة لدى الشباب ، التى اشارت الى ان الشخصية المصرية هى نتاج العديد من التفاعلات البيئية والاجتماعية والسياسية ، وعلى الرغم من ان التغير الاجتماعى بطئ الا اننا يجب علينا جميعا ان نعلى قيمة ما هو جيد فى الشخصية المصرية .
قبول التنوع والتعددية
ويشير الدكتور عماد ابو غازى الى ان الشخصية المصرية كانت لها العديد من السمات، ولكن هذه الثوابت بدأت تتغير وتتوارى بوجود روافد جديدة للمعرفة ، ولكن هناك بعض السمات التى نستطيع ان نرصدها من خلال دراسة التاريخ والمجتمع ومن هذه السمات التى بدأت تتغير فى المجتمع المصرى فكرة قبول التنوع والتعدد ، فالمجتمع المصرى تكون منذ اكثر من 6000 سنة من جماعات بشرية متنوعة ، ارتضت ان تعيش مع بعضها البعض على ان تحتفظ كل قرية بمعتقداتها الدينية وبنظامها ، وعاشت هذه الانظمة متجاورة لا يعكر صفوها شيئا ، وهناك احدى الجداريات الشهيرة والموجودة والمستمرة عبر عصور الحضارة المصرية القديمة كلها ، لدرجة اننا نجدها فى العصر البطلمى والعصر الرومانى ، وهذه الجدارية تصور القصبة الهوائية والرئتين وهما رمز الوادى والدلتا مربوطين بحبل واثنين من البشر يمسكونه ، وهو نقش رمزى يشير الى ان لو تم احلال هذه الربطة التى تربط بين الوادى والدلتا سينهار هذا الكيان الذى كان سر استمراره وبقاءه قائم على اساس قبول التنوع والتعددية ، والتاريخ يكشف لنا كيف ثار المصريين القدماء عندما حاول اخناتون ان يفرض عقيدة واحدة فى البلاد فى محاولة لالغاء الاخرين الا ان اخناتون لم يستطع تحقيق هذا ، وعاش المصريين مؤمنين بفكرة التنوع والتعدد .
امبراطورية مترامية الاطراف
اما السمة الثانية فى الشخصية المصرية فهى ان الانسان المصرى القديم لم يكن على الدوام مخترعا للاشياء ، حيث يوضح دكتور عماد ابو غازى قائلا وعلى الرغم من هذا كان لديه القدرة على استيعاب الاشياء الجديدة وتطويعها وفقا لاحتياجاته وهناك مثل واضح فى التاريخ المصرى القديم عندما استطاع الهكسوس ان يحتلوا مصر عن طريق العجلة الحربية والحصان ، وكان المصريين جيوشهم من المشاه ولا تعرف الخيالة او العجلات الحربية ، ، استطاعوا فى سنوات قليلة ان يستوعبوا هذه التقنية الجديدة ، وتفوقا فيها الى درجة انهم كون امبراطورية مترامية الاطراف ، اما السمة الثالثة فى الشخصية المصرية فهى ان المصريين يعشقون " الكراكيب " بمعنى انهم لا يستغنون عن اشياءهم القديمه ويضعون بجانبها الجديدة وهكذا ، الى درجة ان عالم الاجتماع الدكتور سيد عويس قال فى احدى المرات ان ثقافتنا مثل اسطح بيوتنا مليئة بالكراكيب .
الاسطورة الاوزيرية
ويوضح الدكتور عماد ابو غازى ان المجتمع المصرى ظل مجتمع نهرى زراعى لالاف السنين ، وهذا يشير الى ان السائد هو ان حركة التغير بطيئة وبسيطة ، ولكن السؤال الان هو هل مع دخول الصناعة فى القرن 19 والتوسع فيها فى القرن 20 ممكن ان تظل سمات الشخصية المصرية ثابتة ، واذا تغيرت هل سيكون هذا التغير شئ معيب ، ام انه شئ طبيعى وسنة من سنن الحياة ، حيث ان الافكار بيعاد طرحها مرة اخرى واقرب مثال على هذا الاسطورة الاوزيرية ، حيث ان المصريين عندما انتقلوا فى عقيدتهم الى المسيحية قاموا بدمج قصة ايزيس و ازوريس مع قصة العائلة المقدسة ، ولما دخل الاسلام الى ارض مصر قاموا بدمج نفس الاسطورة مع قصة آل البيت واستشهاد الحسين وموقف اخته السيده زينب ، بل دعونا نقارن بين اشعار الاسطورة الاوزيرية وبين بعض الاغانى التى تغنى فى مولد السيدة زينب ، والتى تغنى فى مولد السيدة العذراء سنجد انها متشابهة الى حد كبير جدا .
تطوير الشخصية المصرية
ويذكر الدكتور عماد ابو غازى ان المصرى القديم كان على سبيل المثال يقدس مياه النهر حتى ان كتاب الموتى به نصوص كامله عن الشخص الذى يقوم بتلويث النهر ، اما لان فاننا نعامل النهر الذى هو مصدر حياتنا بمنتهى الاهمال حيث نقوم بالقاء مخلفاتنا ومخلفات المصانع به دون ان يحاسبها احد ، وان هذا ان دل انما يدل على ان هناك خلل سلوكى جثيم ، واضمحلال للقيم الايجابية وظهور القيم السلبية بصورة اكبر ، كما ان هناك منظومة تعليم تسيطر على عقل الطفل منذ اعوامه الاولى حتى يصير عمره 25 سنة ، وهى بتهدم فى هذا الانسان العديد من القيم الايجابية وبتنمى الفكر المتطرف لديه ، واذا كان المشكلة فى المناهج فمن السهل تغيرها ولكن المدرسين القائمين على العملية التعليمية من اين نضمن ان يكون سلوكهم غير متطرف ، فمن الجائز ان يتركوا المناهج ويبثوا فى الطلبة افكارهم ، لهذا يجب على جميع المؤسسات والجهود ان تتضافر من اجل تطوير الشخصية المصرية للارتقاء بالمجتمع انسانيا على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمات من اجل تحقيق الرفاهية المنشودة
http://www.copts-united.com/article.php?A=29342&I=693