إسحاق إبراهيم
بقلم: إسحق إبراهيم
يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة كتقليد سنوي منذ عام 1993، يهدف إلى تأكيد الدور الفاعل للصحافة في تعزيز الديمقراطية وتشجيع التنمية في أرجاء العالم وكذلك إلقاء الضوء على تجارب الصحفيين وتضحياتهم والصعوبات التى يتعرضون لها وهم يقومون بدورهم في تقصي الحقائق وتزويد الجماهير بالأخبار اليومية مهما كلفهم ذلك من تضحيات، واعتادت المنظمات الدولية المهتمة بحرية الرأي والتعبير والصحافة من إصدار تقارير تتناول أوضاع الصحف في مختلف دول العالم وتلقي الضوء على التحديات التى يواجها الصحفيون من أجل الحصول على المعلومات.
وبالنسبة لمصر... فقد تجاهلت نقابة الصحفيين وكذلك المجلس الأعلى للصحافة هذه المناسبة التى مرت فى هدوء تام وتجاهل واضح، ذلك رغم التراجع الواضح لمساحة حرية الصحافة خلال العام الماضي وتزايد عدد القضايا المرفوعة ضد الصحفيين، إضافة إلى التحديات التي تواجهها الصحف من ضعف الإمكانيات وعدم القدرة على المنافسة في سوق شرسة لها حسابات خاصة، وهو الأمر الذي انعكس بدوره على الصحفيين واستقلالهم المالي حيث تراجعت دخولهم ومن ثم تراجع أدائهم وقدرتهم على نقل الحقيقة.
بطبيعة الحال تراجع ترتيب مصر في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" واحتلت المرتبة 156 من إجمالي 173 دولة، ليفضح هذا الترتيب المناخ المناهض لحرية الصحافة في مصر، والذى ياخذ صوراً عديدة بداية من كم القضايا المرفوعة ضد الصحافيين واستمرار الحبس بقضايا النشر انتهاءً بعدم وجود قانون لحرية تداول المعلومات، هذا ويشير آخر بيان لمرصد حرية الرأي والتعبير التابع لملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان أن عدد القضايا المتداولة ضد صحفيين منذ أول يناير 2009 إلى الآن حوالي (37) قضية، ورصد التقرير عدد (28) دعوى قضائية تم تحريكها ضد (13) صحيفة مصرية, انتهت ثماني قضايا منها بالبراءة لقضيتين وقضيتين بالحبس و4 دعاوى انتهت بفرض غرامات مالية، وعلى الرغم من تراجع نسبة الأحكام السالبة للحرية أمام الأحكام الصادرة بالغرامات المالية لكن هذا لا يعبر عن تطور حقيقي لضمانة حرية الرأي والتعبير في مصر حيث بلغت نسبة الأحكام السالبة للحرية 29% من إجمالي الأحكام التي رصدها التقرير وجاءت الأحكام الصادرة بالغرامة بنسبة 57% بينما جاءت الأحكام الصادرة بالبراءة بنسبة 14% من إجمالي الأحكام التي رصدها التقرير، وفي نفس السياق وضعت لجنة حماية الصحفيين قائمة للدول الأشد قمعاً لمستخدمي الإنترنت فتصدرت بورما قائمة العار التي احتلت فيها مصر موقعا متميزاً ضمن العشر الأوائل حيث أعلنت اللجنة أن السلطات في مصر تعتمد على مزيج يجمع بين الإحتجاز وفرض الأنظمة الرقابية والترهيب، وقال جويل سايمون "تحاول الحكومات المذكورة في القائمة إعادة ثورة المعلومات إلى الوراء، وما فتئت حتى الآن تحقق نجاحاً في مسعاها".
سمح النظام متعمداً بمساحة صغيرة من حرية الكلام فقط، وليس حرية التأثير والحصول على المعلومات، ببساطة ما نمارسه كصحفيين في مصر هو حرية الصراخ، وهذه الحرية تختلف عن الحرية التي تحتاجها الصحافة لتقديم رسالتها الهادفة فى المجتمع، الحرية التي تضمن قدرة الوصول للمعلومات ونشرها بحيادية وموضوعية، فالصحافة الحرة هي جسر للثقة بين الشعب والسلطة ترفع معاناة الشعب عن طريق نقد الأخطاء وتقييم السياسات ومساندة المطحونين والضعفاء، وفي نفس الوقت تقدم للحكام الواقع دون مزايدة او خداع او تضليل، ويرتبط بهذا المفهوم أن يكون الصحفي صوتاً للحق وشعاراً للمصداقية بعيداً عن التضليل وشريطة الإلتزام بعدم الإسفاف والابتذال، وبهذا المنطق لا تعني حرية الرأي تقديم حقائق غير صحيحة، ولا تعني الدخول فى مهاترات وملاسنات من أجل أن يحتل الصحافي أو المحرر مكانة في الوسط الإعلامي، ومن أجل أن يُقال عنه أنه صحفي كبير!!
Ishak_assaad@hotmail.com
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=2910&I=78