اغتيال حلم
ماريا ألفي إدوارد
بقلم: ماريا ألفي إدوارد
منذ أيام قليلة كتبت مقالاً بعنوان "أحلام مشروعة" كنت أهنئ فيه الجميع بقدوم سنة جديدة، وتمنيت أن تعود بالخير على مصر بأكملها، كما حلمت أن يأتي يوم ويختفي فيه شبح الطائفية الذي يطل علينا بين الحين والآخر، وأن يلتفت الجميع نحو فكرة واحدة، وهي بناء وطن حضاري متطور.
وظللت أحلم، إلى أن جاء يوم سمعت فيه صوتًا نشازًا يقول لي "ليس من حقك أن تحلمي، من حقك فقط أن تتألمي"، فبالفعل سمعت صوت انفجار حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية يقول لي هذا، في الدقائق الأولى من العام الجديد والذي كنت أحلم أن يأتي ويحمل لنا الخير، ولكن للأسف.
حيث قام في يوم رأس السنة مجموعة من الناس انعدمت منهم أي معنى من معاني الإنسانية، أشخاص الشيطان هو قائدهم وأبيهم الروحي، أشخاص تحولوا إلى وحوش مفترسة تريد فقط أن ترى اللون الأحمر.. لون الدماء مسال على الأرض في كل مكان، فانطلقوا بكل ما يملكون من شر بتحويل فرحة أشخاص عادية بالعيد، إلى مأساة حولت من هؤلاء الأشخاص إلى مجرد أشلاء، وأنهت حياتهم في أقل من لحظة دون أي ذنب ارتكبوه .
إنه حقًا الإرهاب بعينه، حيث قام أشخاص لا دين لهم بهذا العمل الإجرامي المشين .
والى الآن وحتى كتابة هذه السطور أعيش في جو من الكآبة والإحباط، وصور الضحايا أمام عيني في كل لحظة.
ولكني أعيش أحاسيس متناقضة، فشعوري الأول هو شعور بالأسى ومازلت أشعر به عندما رأيت إخوتي الأبرياء يموتون بيد غادرة، وبالفعل لو كان حدث نفس ما حدث لمصريين مسلمين كان إحساسي سيكون نفس الإحساس، لأننا الجميع نعيش في بلد واحد، ولأن الموضوع يتعلق بالرحمة والإنسانية التي انعدمت من هؤلاء القتلة.
أما الشعور الثاني، هو لحظة أمل بدأت تظهر داخلي عندما رأيت شركائنا في الوطن وهم المصريين المسلمين، حيث تضامنوا معنا في هذا الحادث الأليم، وقرروا أن يشاكونا في قداس الميلاد ويذهبوا معنا إلى الكنائس لحمايتنا أو كنوع من التضامن معنا.
ولكن للأسف وسط هذا الإحساس بالمشاركة والوحدة، وجدت ما المني جدا، حيث هناك أشخاص ونتيجة لتربيتهم في بيئة ليست سليمة، وجدت في عينهم نظرات الفرحة لما حدث.
فبعد الحادث بيوم تقريبًا، خرجت لشراء بعض المتطلبات، وإذ بطفل صغير يقول لي"كل كريسماس وانتوا سايح دمكوا ولسه هتشوفوا كمان".. وقفت في مكاني في حالة ذهول لما سمعت..وظللت حوالي عشر دقائق لا استطيع أن أتكلم ولا أتحرك.
فهل هناك من يفرح في هذا الحادث الأليم؟!
ولكن للأمانة وجدت أيضًا جيرانًا مسلمين أحترمهم وأكن لهم كل التقدير والاحترام، حزنوا جدًا لهذا الحادث الأليم .
ولكن بالنسبة لما قاله هذا الولد الصغير، فأستطيع أن أقول بكل صراحة: "له الحق في كل كلمة صدرت منه"، فما المانع من حدوث مجزرة أخرى في رأس السنة القادمة، فتعرضنا نحن الأقباط على مدار سنوات للكثير من الحوادث، وبالبحث عن العقاب للأسف لا يوجد، وهذا ما جعل الجميع يتجرأ علينا، وينهش فينا كوحوش مفترسة، لم تجد من يقف أمامها.
فحتى المثل البسيط يقول: "اضرب المربوط يخاف السايب"، ولكن الدولة "لا ضربت المربوط، وجعلت السايب أكثر شراسة ووحشية"، فقتلة نجع حمادي على الرغم من ثبوت الجريمة عليهم، لم يأخذوا حكمًا رادعًا حتى الآن، ونحن نقترب من السنة الأولى على وفاتهم .
أتمنى أن نفوق من غفلتنا هذه؛ وبهذه المناسبة أريد أن أقول لكل مسئول في مصر، عليكم بالانتباه جيدًا لما حدث، فيوجد كثير من المواطنين فقدوا الإحساس بالأمان في بلدهم، ولكن ما أخشاه هو فقدان الإحساس بالانتماء لمجتمع لا يستطيع حمايتهم .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=28738&I=683