ميرفت عياد
الأدب والدين.. وعلاقة جدلية في روايات العرب
عبد المعطي: الفساد الاجتماعي ينتج إرهابيين
دراج: الرواية تعترف بالحقوق المتساوية بين جميع البشر
حسين: رواية المستقبل تواجه مجتمعات قلقة محبطة متوترة متصادمة
كتب: ميرفت عياد
أقام المجلس الأعلى للثقافة، "ملتقى القاهرة الدولى الخامس للإبداع الروائي العربي"؛ بعنوان "الرواية العربية إلى أين؟" وقد شارك في هذا الملتقى العديد من الكتاب والأدباء في مصر وخارجها، لمناقشة العديد من القضايا منها حرية الأدب في مقابل المعتقدات الدينية، وأهمية القيم التنويرية في الأدب، وتجسيد شخصية الإرهابي في الأعمال الروائية، وما إلى ذلك من موضوعات متعددة، تمس القضايا الفكرية والأدبية المختلفة.
الإبداع.. والحرية المطلقة
يقول الروائي والقاص "خالد السروجي" إن الإبداع يطمح إلى حرية مطلقة تتجاوز كل القيود والمحرمات، فيما يقف الدين بمحرماته و قيوده في وجه هذا الطموح، ففي القرن الرابع الميلادي تم حرق جميع الكتب المخالفة من وجهة نظر الكنيسة، سواء كانت دينية أو فكرية أو فلسفية وفي العصر الحديث قامت فرنسا بمحاكمة "جوستاف فلوبير" (1821 – 1880)، عن روايته "مدام بوفاري"، و دافع فلوبير عن نفسه أمام المحكمة، بأنه كان يرسم الواقع، أما في الأدب العربي فقد أصدر "يوسف السباعي" عام 1947، رواية "نائب عزرائيل" التي اعتبرها المثقفون نوعًا من التجريب، وقد اعتبرها البعض سخرية من الدين، ولكنه كان حسن الحظ، إذ لم يحاكم أو يصادر كتابه، وقد تلاه الأديب الكبير "نجيب محفوظ" بإصداره رواية "أولاد حارتنا"، وقد اعتبروها أيضًا تمس الدين والذات الإلهية، وصدرت فتوى بعدم طباعة الرواية، ثم جائت رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب "حيدر حيدر"، والتي أثير حولها الكثير من الجدل، ولكن لم يتم سحب الرواية من المكتبات، وكان هذا يعد انتصارًا لحرية الأدب.
الإرهابي والواقع
وتشير الناقدة "عفاف عبد المعطي" إلى أن هناك معانٍ عديدة يمكن أن تطلق على الإرهاب، منها أنه عمل بربري شنيع، يهدف إلى إثارة الرعب، بقصد تحقيق أهداف معينة، فضلاً عن تخويف الناس من تلك الممارسات العنيفة، وقد استطاعت كثير من الروايات أن تجسد صورة الإرهابي؛ ذلك الشخص الذي يقوم بالأعمال التي من طبيعتها أن تثير الإحساس بالخوف من خطر ما، بأي صورة، مثل شخصية "طه الشاذلي"، في رواية "عمارة يعقوبيان"، للكاتب "علاء الأسواني"، ولكن أخطر الروايات التي سوف تنناولها هي رواية "أبو عمر المصري"، للكاتب "عز الدين شكري"، التي تجسد تفاصيل العلاقة بين الإرهابي والواقع، وكذلك تفاصيل حياة الجماعة الإرهابية، مما سيؤول بنا إلى سؤال حتمي: هل الإرهابي هو كذلك بذاته، أم أنه وليد لدولة قامعة، لابد أن تصنع ذلك الإرهابي وجماعته؟ ومن هنا كان علينا أن نقدم صورة أخرى لواقع رجال السلطة، الذين تؤدى قراراتهم وأفعالهم إلى الفساد الاجتماعي، الذى لا ينتج عنه سوى مجتمع مقموع، يمارس أبناؤه الإرهاب، ولا يدمرون أنفسهم فحسب، بل يدمرون واقعهم أيضًا.
الأعمال الروائية.. والقيم التنويرية
ويقول الدكتور "فيصل دراج" أن الأعمال الرواية لا تنفصل عن القيم التنويرية، التي تعتمد على فكرة الخروج من الأقلية التي ينتمي إليها الفرد، إلى الانفتاح على حمهور عام، يقبل بتساوي البشر، فقد ارتبطت الرواية منذ بداية ظهورها الانفتاح على جمهور عام، يقبل بتساوي البشر، حيث يتم في فضاء الرواية التبادل بين الأفكار، وخلق فضائل اجتماعية ديموقراطية، تتعدد فيها الأصوات وتتحاور باستقلالية، وتختلف وتتصارع محتفظة باستقلالها، وهذا يمثل في الفضاء الروائي اختلاف الأفكار وتباينها في الحياة العامة، ويجسد حرية المبدع في ممارسة أعماله الروائية.
آفاق الحرية والتنوع
وتشير الدكتورة "فاتن حسين" إلى تعدد أنواع الرواية خلال القرن الماضي، ومنها التاريخية، والواقعية، والرومانسية، والفلسفية، والرمزية، والبوليسية، وغيرها، وقد فرض هذا التنوع طبيعة الحياة، والأمزجة المختلفة، والتباين بين اتجاهات الكتاب وغاياتهم وإمكانياتهم، وما أُتيح لهم من ألوان الحريات، مشيرة إلى ما قاله "الطاهر أحمد مكي" عن رواية القرن الواحد وعشرين التي يجب عليها أن تتجاوز الماضي، وتعبر عن الواقع الملئ بالتناقض، والقسوة، وسيطرة القلق، والإحباط، وجفاف الحياة الإنسانية، والعاطفية، وغياب الأحلام الجميلة، فرواية المستقبل تواجه مجتمعات قلقة محبطة متوترة متصادمة، وأشخاص تائهين ضائعين عدوانيين، كما تواجه عالمًا تلاشت فيه الحدود، بين أشياء كثيرة مادية، معنوية، وجغرافية، بين قيم ومبادئ كثيرة، وبين أسئلة متنوعة؛ منها من أين يبدأ الخير وينتهى الشر؟ ما الفرق بين البطولة والخيانة؟ أو الجبن والشجاعة؟ أو الشرف والخسة؟ أو الهدية والرشوة؟ أو الأمانة والغدر؟ ولذا يجب على الروائيين أن يعبروا بالرواية، نحو التطور، مستفيدين في ذلك من آفاق الحرية الممنوحة لهم.
http://www.copts-united.com/article.php?A=27406&I=661