ماجد سمير
بقلم: ماجد سمير
موسم الإمتحانات هل هلاله وكل البيوت تحولت إلى معسكر إعداد لموقعة المواجهة بين الورقة والقلم والتلاميذ، وأصبحت معظم السيدات في البيت المصري مركزة تماماً مع مستقبل الأولاد ولا شيء يعلو فوق صوت التسميع والحفظ والصم، وتحول التلاميذ إلى حصالات يتم حشو عقولهم طبقاً لنظرية المحشي (النظرية العلمية الوحيدة المعتمدة من أولي الأمر في التعليم في مصر) فلو تأملت أي طفل مصري ستجد ملامحه تحولت إلى ما يشبه كتب الوزارة بدون فهرس، تتوه لتصل إلى أي معلومة مفيدة إذا كان فيها معلومات من الأساس سواء كانت مفيدة أو لا.
والغريب أن القائمون على التعليم في مصر لم يدركوا أن التلاميذ في مصر أصبحوا على علم تام بأن مناهج التعليم التي يتم حشرها داخل أمخاخهم لا علاقة لها بالواقع، فعندما نجد مثلاً منهج القراءة في الصف الخامس الإبتدائي يتحدث عن الصناعة المصرية وما حققته من نجاحات وضعت مصر في مصاف الدول الكبرى وأصبح لها سمعة عالمية، وبعد أن قام إبني بقراءة درس الصناعة المصرية المذكور سألني بفخر "العربية بتاعتنا مصنوعة في مصر" قلت لا يا حبيبي دي مصنوعة في إيطاليا، تبقى الثلاجة مصرية قلت له لا يا حبيبي دي من كوريا وقبل ما يسألني عن الغسالة والتليفزيون قلت له باقي الحاجات كلها من تايلاند واليابان وبلاد تركب الأفيال والحمار والتاكسي البيجو سبعة وكذلك التوك توك.
وفجأة مر أمام المنزل بياع الفول نادى بصوت عالي قائلاً لذيذ وعال يا فول، فقفز إبني من مكانه وقال بيأس أكيد الفول دا من مصر يا بابا، ضحكت وقلت مع الأسف حتى دا يا بني بنستورده من الصين فأغلق الولد كتاب القراءة وأمسك كتاب التاريخ وقال أوعى تقول لي دا كمان مش مصري، فضحكت بمرارة قائلاً أيون مصري.
ولا أعرف سبباً لاستمرار سياسة التغييب العقلي التي أصبحت متأصلة في مناهج التعليم إلا أن يكون أولي الأمر هم المستفيدون من وجود ملايين من البشر قتلت نظرية المحشي كل بذور الإبداع والإبتكار من عقول لهم، فتحولت الأجيال تباعاً إلى منفذيين جيدين للأوامر وتابعين مطيعين لأسيادهم الحكام، وأجمل ملحوظة على أن أهم شخصيتين في التعليم في مصر هما يسري الجمل وزير التعليم ود. هاني هلال وزير التعليم العالي، الأول " الجمل" والثاني" هلال" رمزي الحزب الوطني في الإنتخابات.
ولكل بيت طقوس مختلفة في موسم أو مولد الإمتحانات، فالكل تقريباً يتقرب إلى الله بشكل غير معتاد، وتجد عدد غير قليل ممن يتقربوا من الله يعدوا للبرشام ووسائل الغش المختلفة الجماعية منها والفردية وتقام دورات تدربية على كيفية التعامل معها تحت ضغط المراقب وأمام عينيه بخفة ومهارة قد تكون هي فقط المصنوعة في مصر، ورغم تناقض التقرب من الله مع الغش إلا أن هذه نقرة وتلك نقرة، فضلاً عن تكثيف الدروس الخصوصية ومذاكرة ليلة الإمتحان والمذكرات الناتجة عن مجموعات التقوية، الخلاصة أن الكل يصبح راهب في معبد المذاكرة وعاشق ولهان لعلومنا ومناهجنا المكدسة طبقاً لنظرية المحشي.
http://www.copts-united.com/article.php?A=2618&I=72