ميرفت عياد
العجاتي: حياد الإعلام وموضوعيته يمثل تحديًا للصحفيين في مختلف بقاع الأرض
سلامة: الصحافة تعرضت لسلسلة من الإجراءات المقيدة لحريتها
العمري: "بي بي سي" رائدة فى إنشاء الفضائيات العربية
الميرغني: الشواهد اليومية تكشف مظاهر الانتهاك المنهجي لحرية الإعلام
كتبت: ميرفت عياد
عقدت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، بالتعاون مع منتدى البدائل العربي؛ ندوة بعنوان "الإعلام المصري بين المهنية والسياسة"، بفندق جراند حياة بالقاهرة، شارك فيها الدكتورة "نجلاء العمري" -مديرة البرامج بشبكة بي بي سي العربية، والدكتور "عمرو الشوبكي" -رئيس منتدى البدائل العربي، والكاتب بصحيفة المصري اليوم، والكاتب الصحفي "سلامة أحمد سلامة" -رئيس مجلس تحرير صحيفة الشروق المصرية، والكاتب الصحفي "رجائي الميرغني"، و"محمد العجاتي" المدير التنفيذي لمنتدى البدائل، والناشر "هاشم قاسم" -أحد مؤسسي صحيفة المصري اليوم، و"خليل فهمي" -مدير مكتب بي بي سي بالقاهرة.
حياد وموضوعية
"الصحافة في كل بلاد العالم لا تتحرك بصورة منعزلة عن النظم السياسية القائمة" هكذا بدأ "محمد العجاتي" كلمته مؤكدًا أن الحديث عن حياد الإعلام وموضوعيته، يمثل تحديًا دائمًا لكل الصحفيين في مختلف بقاع الأرض، بصرف النظر عن النظم التى يعيشون فيها.
ويضيف: "الحقيقة أن تجربة الإعلام فى مصر شهدت منعطفات كثيرة، فمن عصر الصحافة الخاصة المنتعش والمتنوع قبل ثورة يوليو، مرورًا بعصر تأميم الصحافة في بداية الستينيات، وتملك الدولة لها، وانتهاءً بمرحلة ظهور الصحافة الحزبية في عام 1976، مع بداية التعددية الحزبية، والتي توازت مع استمرار الصحافة الحكومية، إلى أن جاء عقد الثمانينات، وظهرت الصحف الخاصة أو المستقلة، وأعقبها في التسعينيات ظهور الفضائيات الخاصة التي تزايد عددها في الألفية الثالثة، وضمت ألوانًا مختلفة من قنوات الإعلام المرئي، سواء كانت دينية، أو رياضية، أو اجتماعية، أما السياسية فتوقفت عند حدود برامج "التوك شو" وغابت نشرات الأخبار بالمعنى الاحترافي الذي نراه في كثير من الفضائيات العربية والعالمية.
حرية الصحافة
وأكد الكاتب الصحفي "سلامة أحمد سلامة"، على أن الصحافة تعرضت لسلسلة من الإجراءات للحد من حريتها، مثل الإبقاء على بعض قوانين العقوبات، التي يمكن عن طريقها حبس الصحفيين؛ مثل جرائم السب والقذف، وتهديد الأمن القومي، وهذه القوانين تُعرض الصحفيين لمخاطر جرائم النشر، هذا إلى جانب عدم إصدار قانون يتيح تداول المعلومات بطريقة سهلة و آمنة، و استمرار العمل بقانون الطوارئ، إضافة إلى سيطرة رجال الأعمال، وتسلط هيمنة المال، والإعلانات على السياسة التحريرية لبعض الصحف الخاصة، وعدم وجود حد فاصل بين الإدراة والتحرير.
أول قناة عربية
بينما تحدثت الدكتورة "نجلاء العمري" عن إذاعة "بي بي سي" مؤكدة ريادتها في إنشاء الفضائيات العربية، ففي عام 1994 أطلقت أول قناة تليفزيونية عربية، ولكنها توقفت بعد عامين للخلاف حول استقلالية القرار التحريري في القناة، ثم أُعيد بثها عام 2008 لأن "بي بي سي" تؤمن بأن هناك حاجة لوجودها كمصدر محايد للأخبار، يحترم المتلقي، ويساهم فى إطلاق حوار عقلاني حول كافة القضايا دون مواقف مسبقة.
خريطة الإعلام المصري
ويقسم د. "عمرو الشوبكي" خريطة الإعلام المصري إلى ثلاثة أنواع؛ أولها الإعلام الرسمي، الموجود في صورة قنوات تليفزيونية، وصحافة مملوكة للدولة، وهذه المؤسسات الإعلامية الحكومية في مصر تضم آلاف الموظفين والمحررين، ولكن هذا الإعلام الرسمي يغيب عنه حسابات الكفاءة، وفرص الإبداع، في ظل تاريخ التعيين الحاكم لعملية الصعود الوظيفي داخل الصحف الحكومية، الثاني؛ هو الإعلام الحزبي الذي اختفت صحفه من كل البلاد الديمقراطية، وأصبحت هناك نشرات حزبية مطبوعة، أو مواقع إلكترونية، تمثل فكر هذه الأحزاب السياسية، أما في مصرفقد انهارت جميع الصحف الحزبية، وقلت أرقام توزيعها، فيما عدا صحيفة "الوفد" التي بنيت بشكل مؤسسي.
وعن النمط الثالث وهو الإعلام الخاص يقول الشوبكي: يعتبر هو النمط السائد في البلاد الديمقراطية، تحكمه قواعد تفصل بين الإدارة والتحرير، وتقيد دور رأس المال في التدخل بالسياسة التحريرية للصحيفة، وهناك نموذج المالك الفرد للصحيفة أو المؤسسة الإعلامية، مثل الملياردير الأسترالي "روبرت ماردوك"، وهذا دليل واضح على وجود إمبراطوريات خاصة في الصحف مملوكة لأفراد، وبالمقابل هناك أيضًا نمط اخر للملكية يقوم على امتلاك المواطنين لأسهم في الصحيفة بما فيها محرروها، في محاولة لكسر امتلاك الشخص الواحد للملكية، وفقًا للنمط السائد في مصر، ومن المؤكد أن المستقبل في مصر والعالم العربي سيكون للإعلام الخاص، بشرط أن تحكمه قواعد مهنية واضحة، وهذا سيفتح المجال أمام أنماط جديدة للملكية، يتجاوز نمط المحتكر الفرد، كما هو حادث في الصحافة المصرية الخاصة.
استقلالية الإعلام
و يشير "رجائي الميرغني" إلى أن التحولات والهزات السياسية العميقة، تلعب الدور القيادي في تغيير ملامح الحياة العامة في مختلف المجتمعات، ويعزى إليها الفضل في انتقال منظومة الإعلام والصحافة، من أطوار أدنى سائدة إلى أطوار أرقى تُلبي حاجات هذه المجتمعات وتطلعاتها، سواء كان ذلك على مستوى أنماط الملكية الاجتماعية، ونظم الإدارة لوسائل الإعلام، أو على صعيد حرية الرأي والتعبير، وتدفق المعلومات، وقد تكشف الشواهد اليومية عن العديد من مظاهر الانتهاك المنهجي لحرية الإعلام، وتجليات القفز والتحايل على الأصول المهنية، وحقوق القراء والمشاهدين في مصر، ولهذا يبذل المخلصون من أبناء المهنة، والمهمومين باستقلال الإعلام جهودًا كبيرة للتصدي لهذه المظاهرالسلبية، خاصة في ظل الجدل الكبير الذي تشهده مصر حول مساحة الحرية التي يتمتع بها الإعلام، وهل أزمته ترجع للقيود السياسية المفروضة على حرية التعبير، أم إلى مشكلات مهنية راجعة إلى نمط الملكية السائد، والعلاقة بين الإدارة والتحرير، والتداخل بين الإعلان والمادة التحريرية، وضعف القدرات المهنية لكثير من الصحفيين أم لكل ذلك؟!.
http://www.copts-united.com/article.php?A=25977&I=636