جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
كنت قد طرحت في كتاب لي في مُنتصف العام الماضي فكرة إنتاج فيلم وثائقي ضخم يتناول مُعاناة واضطهاد الحكومة المصرية بكل أجهزتها للمسيحيين المصريين، على أن يكون الفيلم مزوداً بمادة وثائقية سواء مكتوبة كانت أو مرئية أو صوتية، وأشرت في الكتاب أن يتناول الفيلم مُعاناة المسيحيين المصريين في وطنهم في بداية السبعينات من القرن الماضي، وألتمست من أقباط المهجر أن يقوموا بإنتاج هذا العمل الضخم على أن يقوم بإخراج العمل شخصيات مشهورة على مستوى العالم ولا مانع أن يُشارك في هذا العمل فنانين وفنانات مشهورين على مستوى العالم.
وبعد حوالي ستة أشهر لاحظت أن هناك منظمات قد اهتمت بفكرة إنتاج عمل وثائقي عن اضطهاد المسيحيين بمصر ،وقامت بالفعل بنشر فيلم وثائقي قصير مواقعها، ومؤخراً قامت إحدى الجرائد المُستقلة بمصر وهي جريدة "الديار" المصرية المُستقلة بنشر تحقيقاً صحفياً مطوّلاً عن الفكرة، وقد اتهمتني الجريدة باللعب على وتر الفتنة الطائفية واستطلعت بعض آراء الكُتاب والمُفكرين في الفكرة، وهناك مَن أيّدها بشدة وهناك مَن تـَحـَفـَظ منها ورفضها رفضاً قاطعاً مثل المُفكر رفيق حبيب.
والكارثة الكبرى أن هناك شخصية مسيحية وهو الدكتور رسمي عبد الملك (عضو المجلس الملي وعميد معهد الدراسات القبطية الأسبق قد اتهمني اتهاماً صريحاً بالخيانة للوطن وللأهل على صفحات الجريدة!! وكان من ضمن تصريحاته أن كل مَن يقوم بمثل هذه الأعمال سواء بكتاب أو فيلم يعتبر خائناً لوطنه ولأهله ويريد عمل فرقعة إعلامية لكي يشتهـر على حساب القضية القبطية، لو كانت هناك قضية من الأساس!! وبرغم هذا الاتهام الصريح من الدكتور الفاضل وبرغم إنكاره وجود قضية قبطية من الأساس إلا أنني لن أُعير تصريحاته اهتماماً لأنني لا أريد أن ندخل في تفريعات تُشتت القضية القبطية عن مسارها، وأعود هنا لأقول أن فكرة إنتاج فيلم وثائقي عن اضطهاد المسيحيين المصريين لا يُعتبر بدعة ولا تلويحاً بإثارة الفتنة الطائفية لسبب بسيط جداً هو أن هناك بالفعل قضية قبطية مسيحية شرعية، والاضطهاد واضحة ُللعيان ولا يستطيع مُنصِف ولا حتى ظالم أن يُنكره (بينه وبين نفسه) كما أن صور وأشكال الاضطهاد واضحة للجميع ويمكنك أن تلمسها في القضاء وممارسات الشرطة والتعليم والإعلام، والأجهزة الحكومية المختلفة وكذلك حرمان المسيحيين من المناصب الحساسة والسيادية في بلدهم باعتبار أنهم خونة ولا يجوز لهم كمسيحيين تولي هذا المناصب.
فالحكومة المصرية والحكومات العربية تنظر للمسيحية في تلك البلاد على أنها تمثل تهديداً للأمن القومي ولن أكون مُبالغاً –أبداً- إذا قُـُلت أن الحكومات العربية مُجتمعة تنظر إلى المسيحية على إنها تُمثل تهديداً للأمن العربي، وأن المسيحيين لو وصلوا إلى السُلطة سيُجهضون الحلم الإسلامي العربي!!
لقد حان الوقت الآن أن ينتبه ويتنبه المسيحيين المصريين إلى قضيتهم بكل جدية ويقاوموا الظُلم والقهر والاضطهاد والإقصاء الواقع عليهم من قبل الأجهزة الرسمية بالدولة ومن قِبل قوى الظلام والتطرُف المُتستِرة في الإسلام.
وهذا الفيلم يُعد من ضمن الآليات المُهمة لتوثيق وتسويق القضية القبطية عالمياً لفضح المُمارسات والجرائم الهمجية واللا إنسانية التي تُمارس ضد الأقلية المسيحية المصرية في بلدها وموطنها الأصلي ومُعظمها جرائم تندرج تحت بند جرائم ضد الإنسانية التي لن ولم تسقُط أبداً بالتقادُم.
أنني من هنا ومن على هذا المنبر الحر أدعو المنظمات القبطية الحقوقية بالمهجر أن تشرُع في البدء في التحضير لهذا العمل الضخم وتدرسه من كافة الجوانب الفنية والقانونية والوطنية حتى يظهر العمل إلى النور مع مُراعاة أن تكون المادة الوثائقية المعروضة صالحة لأن تكون مقبولة أمام المحاكم الدولية الشرعية، ولن أكون مُبالغِاً إذا قُلت أنه لو نجحت المُنظمات القبطية في المهجر على إنجاز هذا العمل إلى النور -وهي قادرة على ذلك بالفعل- ستكون القضية القبطية قد نجحت في الخروج بقفزة مدروسة من نفقها المُظلم إلى العالمية، فهل سيتحقق قريباً هذا الحلم؟
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=2586&I=71