ميرفت عياد
"حسين" و"هوجو".. وإيمان بالحرية والنضال السياسي
"أحدب نوتردام" أبكى مشاعر فرنسا، و"الشعر الجاهلي" أثار العرب
كتبت: ميرفت عياد
أقامت ساقية "عبدالمنعم الصاوي" ندوتها الشهرية عن "عظماء الشهر"، التي دارت حول "طه حسين" و"فيكتور هوجو" بقاعة الكلمة، وقام بتقديمها الباحث والصحفي "أحمد عبد الجواد"، حيث تقيم "ساقية الصاوي" هذه الندوة شهريًا، للحديث عن اثنين من الشخصيات العظيمة التي أثرت الحياة، سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي بوجه عام..
هوجو.. ألبس الأدب الفرنسي القبعة الحمراء
ويحكي "عبد الجواد" عن "فيكتور هوجو" (26 فبراير 1802- 22 مايو 1885) فهو أديب وشاعر وناقد ورسام فرنسي، ومن أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية، لدرجة أنه قال عن نفسه "أنا الذي ألبست الأدب الفرنسي القبعة الحمراء" أي قبعة الجمال، كما كان يرى في نفسه صاحب رسالة، وقائد للجماهير بالكلمة والفكرة، فهو يعد نفسه الزعيم الروحي للنفس البشرية التى يؤمن بحريتها؛ إلى الدرجة التي جعلته يقول: "إذا حدث وأعقت مجرى الدم في شريان؛ فستكون النتيجة أن يصاب الإنسان بالمرض.. وإذا أعقت مجري الماء في نهر؛ فالنتيجة هي الفيضان.. وإذا أعقت الطريق أمام المستقبل؛ فالنتيجة هي الثورة"، فقد جسد هوجو الرومانسية الفرنسية وهو يعي تمامًا التغيرات الاجتماعية المصاحبة لهذا، مثل ظهور قُراء من الطبقة الوسطى، والثورة الصناعية، والحاجة إلى إصلاحات اجتماعية، فدفعه هذا إلى التحول من نائب محافظ مؤيد للملكية؛ إلى مفكر اشتراكي متمرد على الأوضاع القائمة.
أحدب نوتردام.. تجسيد لمجتمع يعزل العاهة ويخفيها
ويوضح الباحث "أحمد عبد الجواد" أن "فيكتورهوجو" قام بتأليف أكثر من خمسين رواية ومسرحية، من أشهرها "البؤساء"، و"أحدب نوتردام"، التي تدور معظم أحداثها في كاتدرائية نوتردام بباريس، حول رجل أحدب قبيح الوجه عاش وتربى في كنيسة نوتردام، وأوكل إليه قرع أجراس الكنيسة، ومن شدة قبح مظهره، كان يزعج الناس ويخيفهم دون أن ينظروا إلى جماله الداخلي، وصفاته التى تتميز بالطيبة، وفي يوم من الأيام يتعرف الأحدب على الفتاة الغجرية "أزميرالدا"، وينقذها من محاولة اغتصابها.. ويقع الأحدب في حب امرأة عطفت عليه، ولم تسخر من عاهته، ولعل هذا ما يجعل الأحدب يقوم بإنقاذها عدة مرات.. وبهذا صور "هوجو" الأحدب كرمز لعاهة تبعد صاحبها عن العالم، وكإصبع اتهام موجه لمجتمع يعزل العاهة ويخفيها، ويحتقر الضعيف، ويقضي على المحرومين.
طه حسين.. أخرج أمة من ظلماتها
وعن عميد الأدب العربي "طه حسين" (1889: 1973) -الذي نحتفل هذا الشهر بميلاده- يحدثنا "أحمد عبد الجواد": يعد "طه حسين" من أبرز دعاة التنوير في المجتمع العربى، ولهذا تعرض للكثير من الهجوم خاصة عندما قام بنشر كتابه "الشعر الجاهلي"، الذي أثار ضجة كبيرة، وهو الأمر الذي توقعه "طه حسين"، لهذا قال في مقدمة كتابه: "هذا نحو من البحث عن تاريخ الشعر العربي جديد، لم يألفة الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقًا منهم سيلقونه ساخطين عليه.. ولكني على سخط أولئك.. أريد أن أذيع هذا البحث، أو بعبارة أصح أريد أن أقيده، فقد أذعته قبل اليوم، حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة.. ولقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعًا ما أعرف أني شعرت بمثله، في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربي.. وهذا الاقتناع القوي هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول.. غير حافل بسخط الساخط .. وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث وإن أسخط قومًا.. وشق على آخرين.. فسيُرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين، الذين هم في حقيقة الأمر عدة المستقبل، وقوام النهضة الحديثة، وذُخر الأدب الجديد".
حسين والثقافة الغربية
ويذكرالباحث "أحمد عبد الجواد" أن عميد الأدب العربي "طه حسين"، هو ابن أحد قرى محافظة المنيا، وبعد أربعة أعوام من عمره أُصيب بالرمد الذي أفقده بصره منذ الصغر، ولأن والده كان موظفًا صغيرًا أدخله كتاب القرية، والتحق "طه حسين" بالأزهر للدراسة الدينية ونال شهادته، وعندما فتحت الجامعة أبوابها فى عام 1908، كان "طه حسين" أول المنتسبين، فدرس العديد من العلوم إلى أن حصل على الدكتوراة في عام 1914، وفي نفس العام أوفدته الجامعة المصرية إلى فرنسا، فقام بدراسة الأدب الفرنسي، وعلم النفس، والتاريخ الحديث، وأثناء تواجده بفرنسا تزوج من الفتاة الفرنسية "سوزان بريسو"؛ التي ساعدته على الاطلاع باللغة الفرنسية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.
حاز "طه حسين" على مناصب وجوائز عديدة، كما قام بتمثيل مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية، في مدينة فلورنسا بإيطاليا، واُنتخب عضوًا في المجلس الهندي المصري الثقافي، هذا بالإضافة إلى منحه الدكتوراة الفخرية من "جامعة الجزائر"، ومثلها فعلت "جامعة بالرمو" بصقلية الإيطالية.
http://www.copts-united.com/article.php?A=25667&I=630