التجربة الأمريكية

بقلم: نبيل فاروق

عمود نور:

أمريكا بلد بايظ جدا ، والأمن فيه سايب وفاشل، وهذا طبعا من وجهة النظر الديناصورية المنقرضة، لرجال الأمن المصري الهمام، وقادتهم، من فصيلة ديكتاتور وماورس، التي لا نراها في العالم المتحضّر، إلا في الحفريات القديمة..

ففي مطار نيويورك ، وأنا أستعد للعودة إلي مصر، لم يسألنا أحد، ابني وأنا، لماذا ندخل المطار، ولم يحاول أحد تفتيش حقائبنا «شوف التسيُّب».. وعلي الرغم من أن ابني سيبقي هناك لاستكمال دراساته العليا، ولن يسافر معي ، فقد ظل يرافقني وأنا أنهي جميع الإجراءات، وأضع حقائبي داخل الطائرة، ثم خرجنا معا لتناول طعام الغداء في أحد مطاعم المطار، وبعدها أجريت الفحص الأمني الوحيد، واضطر هو أن يتركني عند هذه المرحلة ، لأجلس في بهو كبير، يذخر بالمطاعم والكافيهات، واشتريت زجاجة ماء ضخمة، دخلت بها الطائرة، دون أي مراجعة أمنية إضافية لأتساءل في حيرة: أهذه البساطة بسبب أن الأمريكيين يثقون فينا، أم يثقون بأنفسهم، أم في نظم أمنهم، أم أنهم ينتمون إلي فكر متطوَّر، غير ديناصوري، يؤمن بحرية الفرد، وبأهمية أن يدخر الأمن جهوده لفعل ما هو مهم، بدلا من استعراض قوته فيما لا يفيد؟! ولكن المؤكد أن قادة الأمن هناك ليسوا من الفصيلة الديناصورية المنقرضة، بل من المثقفين، الذين يتعاملون مع الأمن بحرية وذكاء وجدية.

ثم إن هناك حقوقاً للمواطن، لابد من احترامها، لأنه علي هذا تقوم الدول المتحضَّرة، التي تجري فيها انتخابات حقيقية، ولا أحد يبايع فيها الرئيس مدي الحياة، ولا أحد يفتديه بالمال أو بالدم.. وسيدهشك أن الأمن، الذي نفتقده هنا، علي الرغم من كل هذه الاستعراضات، مستتب في أمريكا، ودون أي استعراضات ، .. ومازال للحديث بقية.

نقلا عن الدستور

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع