الخنزير وفضله على البشر

د. ممدوح حليم

بقلم: ممدوح حليم
إذ تودع مصر الخنازير التي سيتم ذبحها جميعاً خلال أيام في تصرف لا يمت للعِلم بصلة، وهو قرار جائر لم تتخذه الدول التي ظهرت فيها ما يطلق عليه خطأ "مرض أنفلونزا الخنازير" والذي تم تغيير مسماه أخيراً، كما لم تتخذه دولاً إسلامية أو عربية أخرى الأمر الذي كان محل انتقاد منظمة الفاو. 
وإن كان سياسيون قد اتخذوا القرار لا العلماء فهذا يعني أن دوافعه ليست صحية خالصة يرجح أن من بينها إرضاء المتطرفين وأسلمة المجتمع ويوضح نزعة المجتمع المصري عامة  إلى عدم احترام الآخر فيما يأكل وفيما يلبس وفيما يعتقد، ولا يستبعد أن يخضع الأقباط فيما بعد إلى ضغوط  أخرى فيما يتعلق بمأكلهم وملبسهم إذا لاحت فرصة لذلك.

لكن هل الخنزير مجرد حيوان حقير لا فائدة منه؟ من المؤكد أن البحث العلمي لا يستغنى عن هذا الحيوان الذي خلقه الله لحكمة لا يعلمها  كثيرون.
إن القضاء على هذا الحيوان يعني أنه لا يوجد بحث علمي في مصر بالمعنى المعروف للكلمة، فالخنازير يتم تجربة كثير من الأدوية عليها قبل تجربتها على متطوعين من البشر، لكن لماذا الخنزير؟ السبب في هذا أنه يوجد تشابه كبير بين كثير من أنسجة الإنسان وأنسجة الخنزير وكذلك هناك  تشابه وتماثل بين أغلب هرمونات الإنسان وهرمونات الخنزير.

إن دراسة علم الأنسجة والكيمياء الحيوية وعلم وظائف الأعضاء على هذا الحيوان ساهم بصورة كبيرة في تقدم الطب وفي علاج كثير من الأمراض عند الإنسان، إن الإنسان مدين لهذا الحيوان كثيراً في صحته، لقد تحمل هذا الحيوان الكثير من التجارب ومات منه كثير من أجل تقدم الطب والعلاج البشري ولا شك في أن الله سخّره لهذا.... إن الحيوان بصفة عامة محل احترام الإنسان في الغرب المتحضر.

وحين بحث الباحثون من الأطباء عن علاج لمرض السكر عند الأطفال وبعض الكبار فإنهم لم يجدوا أفضل من الخنزير ليستخلصوا هرمون الأنسولين منه نظراً لأنه الأقرب إلى الأنسولين الإنساني ولولا الخنزير لمات كل الأطفال المصابون بهذا المرض، وقد ظل الأمر كذلك إلى وقد قريب حين بدأ تصنيع الأنسولين بالهندسة الوراثية بطريقة أرخص.

ومن خلال الخنزير تصنع كثير من الأمصال واللقاحات التي تحمي الأطفال من الأمراض الفتاكة...
وداعاً أيها الخنزير، وشكراً على عطائك للبشر ولن يراك المصريون فيما بعد إلا عبر شاشات التلفزيون وصفحات الكتب, فقد ضاق المصريون ذراعاً بك ولا يريدونك ويحتقرونك ولو كان الأمر بيدي لأقمت لك تمثالاً ضخماً إحياءاً لذكراك وتقديراً لك.  
 
  
 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع