النظام في حياة المصريين إلي أين؟؟

تريزا سمير

كتبت: تريزة سمير- خاص الأقباط متحدون
هناك قواعد وقوانين تنظِّم كل المجتمعات البشرية لتضمن الأمن والأمان للمواطنين، بالإضافة إلي مجموعة من القواعد التى يضعها الإنسان بنفسه ويلتزم بها ليكون أرقي إنسانيًا وحضاريًا. ومجتمعنا المصري شأنه شأن  المجتمعات الاخرى لا يختلف كثيرًا، ولكن يختلف البشر في كيفية التطبيق؛ فمن خلال حياتنا اليومية نجد أن هناك مخالفات عديدة من قبل المواطن المصري، في كسر إشارة المرور أو التوقف في أماكن ممنوع الوقوف بها وما إلي ذلك.  ولكن بداخلي سؤال: هل نحن شعب بطبيعته يخالف أي لوائح أو أي نظم (خالف تُعرف)؟! أم إننا شعب مغلوب علي أمره، تأخذنا هموم الحياة لدرجة تجعلنا نتلاشي أي لوائح في طريقنا، والمخالفة هي الطريقة الأولى والوحيدة للتنفيس عمَّا نعانيه؟

ذهبت صحيفة "الأقباط متحدون" لرصد تحركات المواطنين ومدي تنفيذهم للقواعد التى تُعلن عنها الهيئة المُشغِّلة لمترو الأنفاق كمثال، وبعدما وجدنا المخالفة الواضحة وعدم الالتزام بهذه القواعد والتغاضى عن النداء الصوتي الذى يؤكد علي السادة الركاب الدخول والخروج من العربات المخصصة، ذهبنا إلي المواطنين لنعرف أسباب عدم إتِّباع هذه الارشادات سواء الصوتية أو الكتابية: 
قالت مدام "منى حسن"- ربة منزل: إنها تستقل المترو مرة في العام، ولا تعرف أماكن الدخول أو الخروج، وإن الازدحام يجعلنها تندفع في الدخول حتي لا تنتظر آخر.
 
وقالت "س.ع": إن المترو يقف لمدة دقيقة واحدة، فلا يوجد أمامها أي فرصة لكى تدخل من الباب المحدَّد للدخول. وأثناء النزول يكون هناك ازدحام بداخل المترو يمنعنها من النزول من الباب المُخصّص للنزول. وقالت: "إنها فكرة فاشلة بكل المقاييس". 
 
ورفضت "ندى عادل" فكرة هذه التجربة، مشيرةً إلى أنها لا تُطبِّق التعليمات. ةأضافت: "من حقي أن أركب مترو نظيف، ولكن حالة المترو سيئة للغاية، فالأبواب (مُكسَّرة)، والأرضيات غير نظيفة. فكيف يطالبونا بالسير علي تعليمات وُضعت بطريقة خاطئة، وإذا طالبنا بحقوقنا لا يوجد من يسمعنا".
 
حالة الغلاء وراء سلبية المواطنين
وتساءلت "دينا أحمد": كيف نلتزم أو نفكِّر في تطبيق القواعد والعلامات الإرشادية ونحن نعيش في وقت ارتفعت فيه كل أسعار السلع والمواد الاستهلاكية؟ مشيرةً إلى أسعار الطماطم ومصاريف المدارس والكتب..
 
وأشارت مدام "فاطمة محمد" إلى أن الالتزام شيئ جيد، ولكن الإجبار عليه شئ غير آدمي على حد قولها. وقالت: الحالة الإقتصادية أصبحت صعبة جدًا "فبعدما كنت أطبخ مرتين فى الأسبوع  أصبحت أطبخ مرتين في الشهر"، وأضافت: "نظام مين إللي هنتبعه واحنا مطحونين".
 
وأكَّد المهندس "حسين محمد" على أهمية إتباع النظام، مشيرًا إلى أنه بالفعل يدخل ويخرج من الأبواب المخصَّصة، وهناك كثيرين مثله يقومون بإتباع الإرشادات لتحاشي أي حوادث بين الأفراد.
 
وأشار "محمد عبد العزيز"- مشرف جي فور اس لمحطة جمال عبد الناصر- إلى أهمية هذا الإرشادات الموضوعة لتفادي أي حوادث خاصة للأطفال أثناء ركوب المترو. موضحًا أن تخصيص أبواب للصعود والنزول تجربة قامت بها الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو أنفاق "القاهرة" حيث تم اقتراحها منذ عام وتنفيذها فعليًا منذ أربعة أشهر، وهى فكرة من السيد المهندس "محمد الشيمي". 
 
وعن مدى إتِّباع الجمهور لهذه التعليمات، أكَّد "عبد العزيز" أن هناك نسبة كبيرة من الجمهور تصل إلى 90% تقوم بإتباع هذه التعليمات، وإن كان يتم استثناء هذه التجربة في أوقات الذروة نظرًا للازدحام الشديد.  وقال : إنه جاري شراء قطع غيار جديدة ليست مستخدمة لتجديد وتحديث محطات المترو كمحطة "عزبة النخل" و"المرج" و"عين شمس".
 
غرامات المخالفة في مترو الأنفاق
كما أشار "عبد العزيز" إلي الغرامات التى تُفرض في حالات الركوب بدون تذكرة أو اشتراك، أو عند تجاوز محطات بالاشتراك، وغلى الغرامات التى تُفرض من شرطة المترو عند وجود متسولين أو باعة جائلين، أو عند ركوب رجل في عربة سيدات.
 
وقال إخصائي نفسي- رفض ذكر اسمه: إن فكرة تخصيص أبواب للصعود والنزول هي فكرة فاشلة بكل المقاييس؛ فليس من البديهي اتباعها من المواطنين؛ نتيجة الازدحام وسرعة المترو. مشيرًا إلى وجود أشياء كثيرة في "مصر" وُضعت لتعذيب المواطنين، لا تهدف إلي التنظيم بل لوضع الكثير من الغرامات على حد قوله. موضحًا ضرورة عمل استبيان قبل وضع أي نظام للحصول علي آراء واقعية، ومن ثم تصبح هناك إمكانية لتنفيذ هذه الأفكار على أرض الواقع. 
 
ومن جانبه، أوضح "مايكل رؤوف"- محامي حقوقي بالمركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية- إن تطبيق فكرة تخصيص أبواب للدخول والنزول من عربات المترو في كل الأوقات واستثنائها في أوقات الذروة يؤكد فشل هذه التجربة. مشيرًا إلى أن وضع هذه المعوقات أمام الناس ومخالفة القواعد، تثبت أمام المواطنين أننا شعب غير منظَّم يحتاج دائمًا لقائد.
 
الطابع الإسلامي للمترو
وتساءل "رؤوف": هل المترو أصبح مؤسسة دينية أم هيئة نقل عام؟ فى إشارة منه إلى تشغيل القرآن يوم الجمعة، والأدعية الدينية التى تملأ أركان المترو.
 
وأكَّد د. "قدرى حفني"- أستاذ علم النفس السياسي جامعة عين شمس- ضرورة استخدام العقاب لسير النظام في المجتمع. وتساءل: لماذا عندما يسافر المصري إلي الخارج يكون أكثر نظامًا؟
وقال "حفني": إن ضغوط الحياة والغلاء وارتفاع الأسعار لا علاقة لها باتباع النظام من عدمه، بل مجرد تبرير من المواطنين لصعوبة اعترافهم بمخالفة القواعد الارشادية والنظام.