تخاريف

ماجد سمير

بقلم: ماجد سمير
تعاني المحمية الطبيعة التي نعيش فيها المسماة بالوطن العربي ولا نعرف أحد على وجه التحديد إذا كان بالفعل وطن أم أنه "وطن على خراب عشه" ولأن التاريخ لن يفرق بين عز الدين أيبك وعز الحديد ولا حتى عز الضهر، ستظل منطقتنا العامرة أنسب مكان لغسيل الأموال وغسيل الأمخاخ والأسماء الأول نقل البعض إلى مصاف رجال الأعمال التي لا يتم فكها لأنه لا يوجد أصلاً صحيح، والثاني قضية جدلية فأحياناً يقال أن الحكومات مارسته على أمخاخ شعوبها لعقود متتالية، والعقود لم يتم تسجيلها في الشهر العقاري فأصبحت مضروبة وبسهولة يتم الطعن عليها.
وأحياناً أخرى يقال أنه لا يوجد من الأساس مخ ولا كبدة إسكندراني والأساس يحتاج إلى حديد صلب أو مطاوع والفرد في منطقتنا ظل فعلياً مطاوع وحين تحوّل إلى معارض عرضت فيه الحكومات البضاعة الصينية.

أما غسيل الأسماء فله حكاوي وقصص فالبشير الذي أعلن صراحة عدم قدرته على حماية حدود السودان اختبأ داخل حدود المحمية الطبيعية خوفاً من قرار المحكمة الدولية عملاً بنصيحة برنامج محمود على عزب على قناة "نايل كوميدي" (ألزم حدودك يا راجل أنت) لكن البشير مع المقاومة لأنها دائماً أحسن العلاج.
ولأننا دائماً نخشى على منطقتنا من الغزو بكل أنواعه ولأننا نمتلك الثروة والبترول، والبترول ليس طاقة فقط إنما هو كلمتين تم دمجهما معاً الأولى "بت" أي فتاة أو أنثى والعياذ بالله والثانية "رول" أي يلف فيصبح المعنى الحرفي لكلمة لبترول "بنت . تلف" طبعاً على حل شعرها، والهدف هنا قد يكون ليس الثروة فقط وإنما خطف بناتنا ولأن مبدئنا الوحيد في الحياة "أحلى من الشرف مافيش" سنظل نحارب ونعارض أي غزو ثقافي ولن نكل عن حماية ثقافتنا من الغرب وهجومه المتتالي علينا.

وتظل الشعوب في شرقنا الأوسط تعيش على المنحة أو الهبة من الحاكم، ومصر مثلاً كانت هبة النيل والآن هبة تنتظر عريس ينقذها من العنوسة والمثل الدارج يقول ضل راجل ولا ضل حيط، وهبة النيل تنتظر في أول مايو من كل عام المنحة وكنّا كل عام نسمع الهتيفة يُشعرون ويرتجلون زجل وفي أخر اليوم يقولون القول المأثور المنحة يا ريس.

ولأن الوضع عام مثل الجنيه وغرق ولم يطفو مرة أخرى فالعام تم تخصيصه برجيم قاسي وحملة إعلانات المشروبات "الدايت" مستمرة في وسائل الإعلام والحملة في شهرها التاسع تعاني مع بقية الوطن من مخاض وطلق في انتظار المولود الذي حتماً سيصرخ مثلنا مطالباً بالمنحة.
وتعاني المحمية الطبيعية من التعامل مع الأمور بشكل سطحي والسطح مناسب جداً للنشر في الهواء الطلق والمنعش فيجف سريعاً ويصبح شعبان عبد الرحيم نجم الصراع العربي الإسرائيلي لأنه أعلن صراحة أنا بكره إسرائيل، وأغانيه العلاج المناسب لأنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير واحتلال العراق!!
وعندما أصبح التسطيح في تناول القضايا كالتسطيح فوق القطار أقرب طريق للوصول لنقطة الانطلاق بات الحل الوحيد لكل مشاكلنا في تحويل كل الآراء إلى تخاريف.

شكة:
بمناسبة أول مايو لن ينقذ الوطن اللعب بحرف "الحاء" إذا تقدم ثالثاً أصحبت الكلمة "منحة" وإذا ظل ثانياً بات أكثر واقعية "محنة".