يخافون....

زهير دعيم

بقلم / زهير دعيم
للكرسيّ هيبة ووقار ووزن نوعيّ، والحديث خارج إطار الكرسي ّليس كما الجالس عليه.... فالجالس عليه يُحسّ بوطأة المسئولية ويشعر بثقلها وإنّ الحديث "على الفالت" غير الحديث وأنت في موقع المسئولية وعلى سِدّة الحكم.

ما دعاني إلى هذه المُقدّمة أمران:
ليبرمان... تذكرت ليبرمان أيام الحملة الانتخابية أي قبل أسبوعين ونيِّف حين كان يهدر ويزأر ويتوعّد ويزبد ويتطاول، وتذكرت كيف أن عادت عليه هذه الحملة الناريّة بحوالي 400 ألف ناخب حتى أنه بزّ حزب العمل العريق، وأخذ ينظر إليه من علٍ.

واليوم إن صادف واستمعتم إليه وشاهدتم هذا اللبيرمان تجدوه حَمَلاً وديعاً أو يكاد "فالقطّ يأكل عشاءه"، فهو مستعدّ أن يترك بيته من أجل حلّ قضية فلسطين وهو مستعدّ أن يزور القاهرة ويقابل الرئيس المصريّ الذي هاجمه قبل مدة لأنه لا يزور إسرائيل وقال: "ليذهب إلى الجحيم" ثم دعا إلى هدم سدّ أسوان على الرؤوس!!! ونادى أيضاً بتدمير المفاعل النووي الإيراني مهما كلّف الأمر، واحتلال غزّة من جديد، ناهيك عن آرائه العلمانية الكثيرة والمعارضة لآراء وأفكار الأحزاب المتديّنة... واليوم تراه يجتمع إلى شاس والأحزاب اليمينية المتديّنة والمتطرّفة ويهادنها ويتباحث معها ويهدّئ من روعها قائلاً: إنه ليس بُعبعاً.

واقف حائراً، ماذا أصابه، فبالأمس القريب كان نمروداً أترى الكرسيّ والجلوس عليه والمسئولية الملقاة على عاتق من يجلس عليه تجعل الإنسان والقائد أكثر وعياً وعقلانية؟

أترى أن ما نراه من هناك لا نراه من هنا؟

أترى أن الحملة الانتخابية شيء والسُّلطة شيء آخر؟

ولكنّ الأمر الأمرّ والأدهى هو ما نشرته الصحف العبرية اليوم من أنّ أعضاء الكنيست من الليكود  "يموتون" خوفاً أثناء الحديث عن وزارة المالية فالكلّ يهرب ويتهرب ويقول "إلا هذه، فهذه الوزارة وفي هذه الظروف الاقتصادية السيئة محلياً وعالمياً وهذا الركود الزاحف والمخيف تزرع الخوف في القلوب والأبدان، ويتأكد المرء إن هو أقحم نفسه وحشرها في هذا المنصب فقدَ شعبيته وكرسيه إلى الأبد...

وأضحك ومن حقّي.. أهذا هو حزب الليكود الذي حارب و"ناضل" من أجل الفوز بالانتخابات وبالتالي بالسُّلطة وكان يلقي الكلام على عواهنه، فيهاجم حكومة أولمرت هجوماً كاسحاً، متبجّحاً إن الاقتصاد لا يسير صعوداً إلا إذا استلمه الليكود ورجاله الأبطال!!!

واليوم تراهم خائفون ويخافون تماماً كما التعبير الذي أطلقه نتنياهو قبل سنوات على غيره واليوم هم هم الخائفون والذين يخافون.

حقيقة هناك فرق بين الوصول إلى الحكم والحكم بعينه وتقسيم الكعكة الضامرة أصلاً في معمعان الظرف الاقتصادي غير الرحراح، وبعد أن "بذّرنا" مائة مليون دولار يومياً حين كنّا نرمي الغزّيين بالورود والأرز والسّكر!!

سيأتي الحساب ويوم الحساب وعلى كلّ مواطن –من أيّة درجة كان- أن يفتح جزدانه وقلبه وأعصابه للسداد والتسديد وسدّ العجز، وكيف يكون سدّ العجز والمتديّنون اليهود يريدون "شفط" الميزانيّة لأطفالهم المباركين كثيري العدد ولشبابهم المُتفرّغ فقط "للعبادة" غير مقتنعين بالمقولة الذهبية القائلة: "من لا يعمل لا يأكل" ولكنهم لا يعملون ولا يريدون العمل ويأكلون، بل ويأكلون بشهيّة ومُتعة فائقة، ناهيك عن سياستهم "الحُبّية" التي يؤمنون بها وهي السلام مقابل السلام وكل شيء لنا!!

نتنياهو مقبل على حكومة ستجعله يشيب قبل الأوان، بل ستجعله يلعن السّاعة واللحظة التي فاز بها في الانتخابات وستجعل لقاءه مع أوباما وكلينتون "سواد وجه".

نتنياهو أنصحك بالاهتمام بضغط دمك وأقول: الله يُصبِّركَ!!
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع