٦٧ هزيمة عسكرية.. ٢٠١٠ هزيمة نفسية

بقلم: نعم الباز

مازالت توابع هزيمة ٦٧ والتصريح الذى أدليت به لولدنا خيرى حسن فى السلسلة الذكية التى يكتبها فى الوفد تحت عنوان «اللهم إنى فاكر» مستمرة، وهى أننى أريد أن أعرف أسباب هزيمة ٦٧ -وليست نكسة- قبل أن أموت.. هذه التوابع تؤكد أن ناس مصر مازالوا يتذكرون ما حدث كأنه حدث بالأمس، جاءت التوابع فى أكثر من عشر مكالمات، كان أدقها وأغربها على نفسى مكالمة من سيد أحمد حلمى بدر، الذى هاجر منذ عشرة أعوام إلى الولايات المتحدة للحصول على الدكتوراه وفضل البقاء هناك لأنه عاد فى إجازة فى عام ٢٠٠٥ فوجد الحال فى النازل وأنه لن يجد عملا لأنه ليس لديه واسطة، بالرغم من أن والده استشهد وهو جنين فى بطن أمه فى ٦٧. ولكنه مازال يسأل عن أسباب الهزيمة. وسيدة فاضلة سألتنى هل زوجها شهيد أم أسير لأنها لم تعرف أى شىء عنه وكل ما تعرفه أنها تسلمت من القيادة نجمة سيناء وأن معاشها لم يعد يكفى شيئا وأنه مفقود.. هى قالت إن الهزيمة سببها الخيانة ولكنها لا تعرف اسم الخائن. مكالمات كثيرة لم تأتنى فى مقالات من قبل ولا عن آراء قلتها من قبل.

فلاح من البحيرة -الشيخ محمد أبوالعزم حماد- كان من العائدين وأقسم لى أنهم أخذوه وهو مجند لم يمر على تجنيده أكثر من ثلاثة أشهر، وقال إنه عاد مشيا حتى تورمت قدماه وسبح فى بحيرة البردويل وأكل السمك نيئا حتى وصل، وكان الجيش قد أعد لهم ملابس جديدة وأعد لهم طعاما.. ولا يعلم شيئا عن الحرب سوى أنهم جردوهم من السلاح وبعضهم دهستهم الدبابات أحياء، وسمع صوت الجماجم تحت الجنازير هذا فى منطقة أبوعجيلة. المقال كان كأنه مفتاح «خازنة» خرجت منها أسرار أو كأنه صدر أغلق على أنفاس خرجت فجأة زفرات حارة.
قال لى أحد القراء: لم تقولى أى سبب مع أنك عشت الهزيمة وعشت انتصار ٧٣، قلت فقط إنك لا تعلمين فكيف لا تعلمين وأنت فى موقع إعلامى من قبل ٦٧؟. قلت له: أدفع الباقى من عمرى لو كان هناك من يعلم بدقة وإن الذين يعلمون التفاصيل ماتوا قهراً أو لكبر السن وأن المعلومات الوحيدة المؤكدة هى معلومات إسرائيل وخصوصا الموساد والأمريكان طبعا!

لولا أن العالم الجليل أحمد عكاشة مسافر فى الصين لسألته عن الهزيمة النفسية التى نعيشها الآن فى ٢٠١٠، وأرى أن الهزيمة النفسية للشعب أشق بكثير وأصعب حالا من الهزيمة العسكرية فى ٦٧. حقيقة إن الهزيمة العسكرية فى ٦٧ خلفت هزيمة نفسية، ولكن ليس بهذه الضراوة.. إن الهزيمة النفسية الآن وصلت للطفل المصرى الذى فقد الأمل فى الحصول على اللعبة- وهى بالمناسبة جزء من تنمية الطفل- ناهيك عن الرضيع الذى يرضع من صدر أمه لبنا فاقدا لكل مقومات الغذاء المطلوب لبنيته الأساسية. كثير من حالات التعويق الدراسى التى تظهر عند الأطفال فى بداية مرحلة التعليم نتيجة لعدم وصول الدم بتركيبته المطلوبة إلى المخ، ونتيجة للرضاعة غير السوية.
الهزيمة النفسية الآن تتواصل يوما بعد يوم رغم الصحوة فى مواجهة اختيار أولى الأمر منا، والهمهمة التى تدور بين الناس حول مواجهة الانتخابات، ولكن هذه المواجهة تعتبر مشاركة فعالة فى اختيار المصير، ولكن للأسف ليست بالقدر الكافى فقد زادت نسبة اليائسين ليس يأسا فقط ولكن انشغالا بلقمة العيش، فعلا الهزيمة النفسية ٢٠١٠ أكثر ضراوة من الهزيمة العسكرية ٦٧.. واقرأوا المقال من أوله!

قبل الطبع
كرهت الكرة منذ زواجى فقد أضاع زوجى رحمه الله كل أيام الجمعة فى متابعة الكرة، حتى وهو كبير خبراء الأمم المتحدة خارج الحدود كان يتصل للسؤال عن نتائج الأهلى.. ولكن حينما تلخص الوطن فى الكرة أصبحت أتتبعها.. أمس الأول تعادلنا مع سيراليون.. ومبروك لسيراليون.. ولحقت الهزيمة النفسية الكرة أيضا.

neamelbaz@yahoo.com
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع