عوض بسيط
· الملك ذاته مصونة لا تُمس، والرئيس لا يُساءل.
· الجيش والشرطة والقضاء والحكومة أهم ما وضعه الدستور في يد الرئيس.
· كان للملك حق حل البرلمان..وللرئيس نفس الحق!
· "تعديل الهوانم" سمح للرئيس بالحكم مدى الحياة، وأضاف الشريعة الإسلامية للدستور!
· في عهد الملكية عرفت "مصر" أول حكومة منتخبة، وفي عهد الجمهورية تعطلت الأحزاب!
كتب: عوض بسيط- خاص الأقباط متحدون
ما بين دستور الحقبة الليبرالية الصادر في 1923 في عصر الملك "فؤاد الأول"، وهو الدستور الأول الذي عرفته "مصر"، ودستور الحقبة العسكرية الصادر في 1971 في عهد الرئيس "السادات"، وهو آخر دساتيرها حتى الآن، (48) عامًا حملت ملامح تغيير شتى، بدءً من نظام الحكم، وانتهاءً بثقافة الشعب..والعجيب أن نصوص الدستور والحريات المنصوص عليها لم تختلف كثيرًا!!
ماهية الدولة
تقول المادة الأولى من دستور 1923: "مصر دولة ذات سيادة وهى حرة مستقلة ملكها لا يجزأ ولا ينزل عن شئ منه، وحكومتها ملكية وراثية وشكلها نيابي." بينما في 1971 كان للنظام الجمهوري رأي آخر: "جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي، يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة. والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة."
وفي تعديلات 2005 تم حذف ما يتعلق بالاشتراكية "النظام الاشتراكي وتحالف قوى الشعب العاملة" (ملحوظة خارج النص: لم تعترض قوى اليسار على الحذف!)، وإحلال مبدأ المواطنة بدلاً منها..وإن كانت الاشتراكية عهد غابر، فتبقى المواطنة نوع من الخيال العلمي في "مصر"!
دين الدولة
نص كلٌ من دستور 1923، ودستور 1971 على أن دين الدولة هو الإسلام..الفارق أن الأول ذكر ذلك في المادة (149) مع التأكيد على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، بينما الأخير ذكرها في المادة الثانية! مع إضافة أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع..فهل يعكس الترتيب طريقة تفكير النظام الحاكم- وربما الشعب- في كل عصر..المعروف أن هذا التعديل اقترحه "السادات" في 1980 مصحوبًا بتعديل آخر للمادة (77) يسمح للرئيس أن يبقى رئيسًا مدى الحياة! وهو الاقتراح الذي تقدَّمت به وقتها عضو مجلس الشعب "فايدة كامل"، فيما عُرف باسم "تعديل الهوانم"!.
صلاحيات الملك والرئيس
المسئولية
بينما نص دستور 1923 على أن "الملك هو رئيس الدولة الأعلى، وذاته مصونة لا تُمس." لا يذكر دستور 1971 أي معلومة عن مسئولية الرئيس أمام البرلمان، إلا في حالة اتهامه بالخيانة العظمى، أو تهمة جنائية..ويكون الاتهام بناءً على اقتراح موجَّه من ثلثي مجلس الشعب (م 88)، ولم يذكر الدستور أي حق للمجلس في استجواب الرئيس..أي أن ذاته أيضًا مصونه لا تُمس، ولكن في إطار جمهوري! ولا ننسى الأحكام القضائية المتعددة في السنوات الأخيرة التي تحمل في حيثياتها تهمة الإساءة لرئيس الجمهورية!
العلاقة مع البرلمان
إن كان للملك حق حل مجلس النواب (م38)، فالرئيس كذلك يملك نفس الصلاحية لحل مجلس الشعب، ولكنها مقيَّدة بعبارة "عند الضرورة" (م136)، وبطرح القرار على الشعب للاستفتاء، أما حل مجلس الشورى فممكن فقط "عند الضرورة" (م 204) (!!)
يعطي دستور 1923 للملك الحق في الاعتراض على القوانين الذي يقرها مجلس النواب (مادة 35): "إذا لم ير الملك التصديق على مشروع أقرَّه البرلمان، رده إليه في مدى شهر لإعادة النظر فيه. فإن لم يرد القانون في هذا الميعاد عد ذلك تصديقًا من الملك عليه وصدر".
كذلك أعطت المادة (113) من دستور 1973 للرئيس نفس الصلاحيات: "إذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقرَّه مجلس الشعب، رده إليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يُرد مشروع القانون في هذا الميعاد اعتبر قانونًا وأصدر. وإذا رُد في الميعاد المتقدم إلى المجلس، وأقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه اُعتبر قانونًا وأُصدر".
السُلطات الإضافية
السُلطة التشريعية يتولاها الملك بالاشتراك مع مجلسي الشيوخ والنواب. (م24 من دستور 1923).
الملك: هو القائد الأعلى للقوات البرية والبحرية، وهو الذي يولي ويعزل الضباط، ويعلن الحرب، ويعقد الصلح، ويُبرم المعاهدات ويبلغها البرلمان...على أن إعلان الحرب الهجومية لا يجوز بدون موافقة البرلمان. كما أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة، وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضى الدولة، أو نقص في حقوق سيادتها، أو تحميل خزانتها شيئًا من النفقات، أو مساس بحقوق المصريين العامة أو الخاصة، لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها البرلمان...وذلك حسب نص المادة (46) من دستور 1923.
الرئيس: "هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي يُعلن الحرب بعد موافقة مجلس الشعب". (م150)، كذلك أعطته المادة (151) من دستور 1971 نفس حقوق الملك في إبرام المعاهدات.
ويُضاف إليها: رئاسته لجهاز الشرطة (م184)، وتفويضه من قبل مجلس لإبرام صفقات الأسلحة دون الرجوع للبرلمان، وهو التفويض الذي يثير جدلاً منذ عام 1974، وحتى تجديده الأخير في مارس الماضي.
كذلك يرأس "مجلس الدفاع الوطني" الذي يختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها. (م182).
- يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية (م137).
- يضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها...(م138).
- يعيِّن رئيس مجلس الوزراء ونوابه، والوزراء ونوابهم، ويعفيهم من مناصبهم.(م141).
- له حق دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، وحضور جلساته، وتكون له رئاسة الجلسات التي يحضرها، كما يكون له حق طلب تقارير من الوزراء. (م142).
- يعيِّن الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين، ويعزلهم على الوجه المبيَّن في القانون. كما يعتمد ممثلي الدولة الأجنبية السياسيين. (م143).
- يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها. (م144).
- يُصدر لوائح الضبط. (م145) .
- يُصدر القرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة. (م146)
- إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون. (م147).
- يُعلن حالة الطوارئ– لا نعرف غيرها في الحقيقة!- على الوجه المبيَّن في القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يومًا التالية ليقرِّر ما يراه بشأنه. وإذا كان مجلس الشعب منحلاً، يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له. وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة، ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب. (م148). هذه الطواريء التي لا نعرف كيف يمكننا الحياة بدونها!
- حق العفو عن العقوبة أو تخفيفها...(م149).
أضف لهذا، رئاسته للمجلس الأعلى للقضاء بموجب المادة (173)، وهنا لا ننسى رئاسة الحزب الوطني الديمقراطي؛ حتى تكتمل الصلاحيات!
البرلمان
وكان يتكون في العهد الملكي من مجلسي النواب والشيوخ، ويُحدَّد عدد أعضاءهما وفقًا لتعداد كل مديرية أو محافظة، فمثلاً كل محافظة يبلغ عدد أهاليها ستين ألفًا فأكثر، تنتخب نائبًا واحدًا لكل ستين ألفًا أو كسر من هذا الرقم لا يقل عن ثلاثين ألفًا. وكل مديرية أو محافظة لا يبلغ عدد أهاليها ستين ألفًا، ولا يقل عن ثلاثين ألفًا تنتخب نائبًا. وكل محافظة لا يبلغ عدد أهاليها ثلاثين ألفًا، يكون لها نائب ما لم يلحقها قانون الانتخاب بمحافظة أخرى أو مديرية. (م83)..ونفس الأمر لمجلس الشيوخ مع اختلاف الأعداد.
وكان اختيار أعضاء مجلس النواب بالانتخاب، ومدة العضوية (5) سنوات، أما مجلس الشيوخ فيعيِّن الملك خمسيه، وتجري الانتخابات على الثلاثة أخماس الباقية، مدة العضوية في مجلس الشيوخ عشر سنين، ويتجدَّد اختيار نصف الشيوخ المعيَّنين، ونصف المنتخَبين كل خمس سنوات. (م 74، 79).
أما في العصر الجمهوري، فلم يختلف الأمر كثيرًا إلا تنظيميًا، فحُدِّد عدد أعضاء مجلس الشورى بـ (132) عضوًا على الأقل، يعيِّن رئيس الجمهورية ثلثهم ويُنتخَب الثلثين. ومدة عضوية مجلس الشورى ست سنوات، ويتجدد انتخاب واختيار نصف الأعضاء المنتخبين والمعينين كل ثلاث سنوات وفقًا للقانون. (م 196، 198) أما مجلس الشعب فلا يقل أعضاؤه عن ثلاثمائة وخمسين عضوًا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام...ويجوز لرئيس الجمهورية أن يعيِّن في مجلس الشعب عددًا من الأعضاء لا يزيد على عشرة.
ولا يفوتنا أن نذكر نتاج دستور 1923 في أول انتخابات نيابية حقيقية فاز فيها حزب الوفد، وقام بتشكيل الحكومة..بينما صدر دستور 1971 بعد ثمانية عشر عامًا من إلغاء الأحزاب، والتي عادت للحياة السياسية في 1977 بعد أن تحوَّلت لأحزاب داجنة!
الحريات
بشكل عام، أقرَّ كلا الدستورين كافة الحقوق الطبيعية للمواطنين، من حرية تعبير واعتقاد، إلى الحرية الشخصية، وحرية الاجتماع وتكوين الجمعيات. إلا أن التطبيق الفعلي لهذه الحريات يبقى محل نقاش.
http://www.copts-united.com/article.php?A=22385&I=558