نشأت عدلي
بقلم: نشــأت عــدلي
لن تكف عقولنا عن الأمانى، ولن تتوقف حياتنا عن الحلم..لابد لنا أن نحلم..ولكن لابد من مجهود لتحقيق هذه الأحلام..كل الذين عاشوا الزمن الجميل الأصيل بإخلاقة الحقيقية، وحلاوة أصالته، وعاشوا هذا الزمن الردئ بكل ما فيه من رداءة يتسائلون، ويتناحر السؤال بداخلهم: هل يمكن أن يعود هذا الزمن؟؟..أو على أضعف الأحلام..هل يمكن أن يعود ولو جزء منه؟؟؟..
ربما..فلا زالت بقايا عطور هذا الزمن موجودة فى بعض قرى ونجوع الصعيد الذى أقطن به، وبعض من أفراده لازالوا متمسكين بما نشأوا عليه؛ فيستحيل عليك أن تفرّق بين عقائد أهله..ففي كل المناسبات مجتمعين سويًا..لم يعطوا لأذانهم فرصة كى يسمعوا الذين يحاولون أن يزرعوا شيئًا من التفرقة، خاصةً من أبنائهم الذين من هذا الجيل، ولو حاول أحدهم..فلا يجد أمامه إلا النقد، والإستهجان، والتعنيف الشديد. وهذا دليل على أن حلاوة هذا الزمن لم تهرب من الكثيرين العاشقين له، ومنهم الملايين التى تتمنى أن يعود هذا الزمن بكل حلاوته وجماله، وبالطبع منهم أنا..
دعونى أتحدث كحالم إلى عالم ربما يكون..أُخرج لهذا العالم مكنونات قلب اشتاق كثيرًا للعديد من الأمانى التى هى حق لكل فرد على أرض هذا الكون المتسع..
- السلام:
ماذا يحدث لو عمّ السلام أرض المسكونة كلها؟؟ نتجمع كلنا داخل الدائرة التى هى الكرة الأرضية كقلب محب يسعى كل من فيه إلى سعادة الأخرين..لا نُبني سعادة شعب أو أمة على حساب تعاسة شعب آخر..ينسى كل حاكم مصالحه الشخصية، ناظرًا فقط للأمانة التى بين يديه، ويسعى للنماء بها..ينسى الكل الأنا القاتلة..يصبح المجموع هو الذى يسعى لإسعاده ونمائه..ينظر إلى مصالح العامة، ويُحقّق بالقدر المستطاع أمانيهم التى يرجونها..يشعر الكل أنه يريد تحقيق أكبر قدر من الأمان لهم؛ ليولد الإنتماء فى نفوسهم..
وعندما نزرع هذا الإنتماء يصبح الكل على قدر كبير من التوحد والتماسك..السلام هو أمنية الكل، وحديث الكل، ولكن لم يستطع أحد أن يخطو ولو خطوة واحدة بإيجابية نحوه..وإذا خطا هذه الخطوة تجد الكثيرين من المنتفعين بتعطيل هذه الخطوة..السلام هو ابن المحبة..وهو نتيجة ملازمة لها.. إذا امتلأ الكل بالمحبة، تجد السلام يملأ القلوب ويسعدها..يجعلها تنتشي به وتبهج.
- المحبة:
هذه سمة مرتبطة ارتباطًا شرطيًا بالسلام ..فعندما يعم السلام لا ينظر أحد للآخر إلا بكل محبة..يسعى الكل لإسعاد الكل..يذوب الفرد فى مجموع الأفراد..المحبة تذوب أمامها كل الأهواء الشخصية، وكل الأحقاد..المحبة لا تنظر للجنس واللون والعقائد، ولكنها تنظر للإنسان كإنسان..المحبة تجعلك تحتوى الكل بداخلك بكل صدق وإخلاص.. تشتاق للكل..وتحب الكل- بل تعشق الكل- تذوب أمام هذه المحبة كل الفوارق..لا تنظر لأحد ولا تتعامل إلا بهذا بالحب..
تشعر أن الكون متسعًا لكل الناس..أبواب قلبك ومنزلك دائمي الفتح للكل؛ لأنه يسع الكل..وبهذه المحبة لا يشعر المسئول أنه أعلى من الناس، وأنه سُلطّة يجب أن ينصاع لها الكل..بل يشعر أنه مسئول عن زرع السلام والمحبة بين الكل..يسمع للكل، ولا يحابى أحدًا على حساب أحد آخر..لايستهويه المنصب، ويصنع من نفسه نجمًا؛ لكى يتلألأ فى سماء الشهرة، وينسيه مديح المنافقين مسئولياته الأساسية التى وضعها مَن اختاره لها..يعيش فى وسط الناس وبينهم..يتفهم الأمور ويقدّرها بروح المحبة..
عندما تمتلك المحبة على قلوبنا، لن نجد عيونًا شريرة متربصة تتصيد الأخطاء بل تختلقها..ولكننا سنجد أن الكل يسامح الكل..سنرى السعادة تحل فى قلب كل البشر..كلٌ يتمنى الخير، بل ويساعد بقلبه الكل..دائمًا الأيادى ممدودة لفعل الخير..نابذة كل فعل لا يتوافق مع الإتجاه العام لعمل المحبة..
فالمحبة تجعل الكل أصدقاء، وبها تذوب كل الفروقات. فلا يشعر أحد بالتميز بين أحد والآخر..
أهى أمنيات؟.. نحن فى زمن الأمنيات..هل يمكن لهذه الأمنيات أن تتحقق يومًا ما؟؟ هل نستطيع أن نحقق ولو جزءً يسيرًا من هذه الأحلام الطائشة؟؟ أو قل هذه الأحلام الهبلة..
http://www.copts-united.com/article.php?A=21495&I=534