محمود عزت
بقلم:محمود عزت-دبلوماسي مصري
بدون موسيقى.. لا معنى للحياة!" هكذا قال الفليسوف الألماني "نيشتيه" صاحب الفلسفة العميقة ذات الأوجه المتعددة، والحق "أن الموسيقى هي الفن الذي تطمح كل الفنون الأخرى أن تكون مثله!"، وهذا أيضاً ما قاله مواطنه الفليسوف "شوبنهاورالمتشائم".
ليس هناك من شك أن من لم يحضر –أكاد أقول يعيش- حفل الموسيقى الرائع للفنانة المبدعة منال محي الدين (عازفة أو ملاك الهارب) المتألقة ذات الأنامل الذهبية قد فاته الكثير من المتعة والسرور، ففي مساء 9 ابريل الماضي انطلقت الفنانة الحساسة المتميزة في ساقية الصاوي تعزف على آلتها الأثيرة "الهارب"، ومعها فرقتها الأوركسترالية الكاملة إلا قليلاً، ولم يشعر الحاضرون في هذه الأمسية الإستثنائية بالإستمتاع فقط، ولكن أحسوا وكأن الحياة قاطبة تتمايل مع النغمات البديعة التي تلعبها أنامل منال محي الدين الرقيقة، وإيماءاتها الراقية التي أدخلت الحبور في نفوسهم المتعطشة لكل لحن جميل يسبح في دنيا الفنون.
وقد جمع برنامج هذا الحفل الموسيقي الذي بلغ ذروة الجمال، بين الأنغام الشرقية الأصيلة، وتوزيعها بصياغة موسيقية متناغمة متجددة وروح معاصرة تغازل وتخاطب الألفية الثالثة.
وهام الحاضرون بـ:
بلونجا... رياض السنباطي
ووكاروميوبين... لجيورديني
ورقصة عزيزة والقمح الليلة... لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
وتيمة حب، ودعاء... للموسيقار عمر خيرت
ونسّم علينا الهوا، وميس الريم... للرحبانية
ونهاوند... لفتحي سلامة
وكلمة حلوة وكلمتين... لمروان سلامة
والموسيقى المصاحبة لفيلم أبو علي... لعمرو اسماعيل
ويمامة بيضا... لمحمد سعد باشا
كل هذا بصورة موسيقية مبتكرة متجددة ومعاصرة.. أحيت التراث الموسيقي العربي الشرقي الأصيل، التي ساهم في إبرازها عازفوا الوتريات.. الكمان لمحمد شرارة ورؤوف اميل، وفيولين عماد حنفي، وتشيلو علاء المهدي، وناي هاني البدري، وإيقاع هشام كمال وهاني السواف.
وإذا عدنا للفنانة العازفة الملائكية للهارب منال محي الدين.. فإننا نكنشف أن إبداعها الفذ وشاعريتها الفائقة لم تأتِ من فراغ، فهي لم تثقل فقط موهبتها بالدراسة.. بل أنها أيضاً سليلة عائلة فنية كبيرة، فوالدها الفنان التشكيلي محي الدين حسين الذي يبدع على الخزف ويقيم معرضاً لأعماله قريباً بمركز الجزيرة للفنون، وشقيقها المايسترو شريف محي الدين مدير مركز الفنون بمكتبة الأسكندرية.
ولقد أطلت الفنانة الرائعة على جمهورها بعد فترة غياب افتقدها خلالها هذا الجمهور الذي كان في مسيس الحاجة إلى فن أناملها الذهبية، فكان لهذه الإطلالة طعماً ومذاقاً خاصاً.. خيم بالسعادة على قاعة الحكمة بساقية الصاوي حيث أطلقت أول اسطوانة مدمجة (CD) تضم أعمالها.
إن الفنان هو مترجم الطبيعة، وناقل مفرداتها للمتذوقين، لكي يدركون هذه المفردات ويفهمونها ويتفاعلون بها ومعها، فيرون الحياة بعين الحق والخير والجمال!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=2136&I=58