ميرفت عياد
* الأب "جون درويل":
- القاهرة المكان المناسب لدراسة الإسلام؛ لوجود جامعة الأزهر بها.
- اللقاء مع الإسلام يتم على المستوى الثقافى بعيدًا عن الجدل العقائدى.
- المعهد الدومينيكى للدراسات الشرقية لا يقوم بأى دور تبشيرى.
- نولى إهتمامًا خاصًا للحوار المسكونى والدراسات الإسلامية.
- البحث فى التراث الإسلامى يساعد على وجود نقطة لقاء تحل جميع المشاكل الراهنة.
- إن المسلمين أُناس لهم ايمانهم وعقيدتهم وثقافتهم وتراثهم الذى يجب احترامه.
- فى أوروبا ممنوع قانونًا أن يتم السؤال عن ديانة أى شخص تتعامل معه.
- الدين يُستخدم ويُستغل لتضخيم المشاكل اليومية والحياتية العادية.
حوار: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
شهد القرن الثالث عشر مولد الرهبنة الدومينكية على يد القديس "دومونيك"- مؤسس رهبنة الواعظين المعروفين حاليًا بالإخوة الدومينكان- وتميّز القديس "دومينيك" بمحبته للفقراء، ودراسته المتعمقة فى الكتاب المقدس، وتأثر بحالة ضعف الحياة المسيحية فى جنوب "فرنسا"، والإبتعاد عن حقيقة الايمان، فقرّر أن تكون رسالته هى تبشير من لا يعرف الإنجيل، وإعادة تبشير الجماعات المسيحية بحقيقة الإيمان، وقد آمن برسالته رجال آخرون انضموا إليه، وهكذا بدأت تدريجيًا رهبنة الواعظين، الذين آمنوا بقيمتين هامتين لنجاح التبشير بالإنجيل، وهما: الحياة المشتركة فى الفقر والدراسة، وعندما توفى "دومينيك" عام 1221 م عن عمر يناهز (51) عامًا فى "بولونيا"، كانت رسالته قد حقّقت نجاحًا كبيرًا وانتشرت رهبنة الواعظين فى كثير من دول أوربا لصالح الكنيسة بأكملها.
فمن هم الرهبان الدومينكان؟ ومتى جاءوا إلى "مصر"؟ وما هى رسالتهم؟ و ما هو الدور الذى يقوم به المعهد الدومينيكى للدراسات الشرقية؟..لمعرفة الإجابة عن كل هذه التساؤلات كان لصحيفة "الاقباط متحدون" هذا اللقاء مع الأب "جون درويل"- الرئيس المؤقت لدير الآباء الدومينكان بـ"مصر".
* فى البداية أحب أن تقدّم بطاقة تعارف للقارئ
أنا "جون درويل" فرنسى الأصل، أتيت إلى "مصر" عام 2002، خريج الجامعة الأمريكية قسم تدريس اللغة العربية للأجانب، وحاليًا أحضِّر دكتوراة فى علم اللغة العربية، ووكيل الدير منذ ست سنوات، ومسئول عن جميع شئون الدير المالية والإدارية، ولكننى أصبحت رئيس الدير المؤقت منذ ستة أشهر؛ وذلك لأن رئيس الدير قام ببعثة لتدريس الفلسفة فى جامعة دومينيكية فى "روما".
* متى وكيف بدأت الرهبنة الدومينكية فى مصر؟
بدأ تأسيس دير الدومينكان فى "القاهرة" على يد الأب "أنطونين جوسان" فى عام 1928، وكان الهدف فى ذلك الوقت هو أن يكون الدير إمتداد لمدرسة القدس للكتاب المقدس ودراسة الآثار المصرية، ولكن الأحداث العالمية كانت عائقًا فى تحقيق هذا الحلم، إلى أن قرّر ثلاثة رهبان دومينكان فى عام 1936م تكريس حياتهم لدراسة الإسلام، وبدت لهم "القاهرة" المكان المناسب؛ لوجود جامعة الأزهر بها؛ ولأنها احدى أهم العواصم الثقافية الإسلامية، وهؤلاء الرهبان هم "جورج قنواتى"، و"جاك جومييه"، و"سيرج دو بوركى"، وإن كان أشهرهم "جورج قنواتى"؛ لأنه مصرى الجنسية.
* من هو الأب "جورج قنواتى"؟
الأب "جورج قنواتى" هو أحد المفكرين المصريين المتخصصين فى الفلسفة العربية خلال العصور الوسطى، وترجع أهمية تلك الحقبة إلى أنها كانت حلقة الوصل بين التراث الإغريقى والفكر الأوروبى. وهو من مواليد 1905، والتحق بالرهبنة الدومينكية، وعاش طيلة حياته من أجل بناء جسر للتواصل بين العالم المسيحى والإسلامى، وإليه يعود الفضل فى فكرة اللقاء مع الإسلام على المستوى الثقافى بعيدًا عن الجدل العقائدي.
* هل يقوم المعهد الدومينيكى للدراسات الشرقية بأى دور تبشيرى؟
إن المعهد لا يقوم بأى دور تبشيرى، ولكنه يهدف إلى الدراسة والبحث فى البعد السياسى والإجتماعى للإسلام بدون أى تدخل فى العقيدة الدينية، كما يهدف إلى دراسة تاريخ الشرق الأوسط، وهذا يتفق مع الدعوة التى وجّهها الفاتيكان لأتباعه بأن يتخذوا دراسة الإسلام على محمل الجد، بعيدًا عن أى أهداف تنصيرية.
* ما هى الأنشطة التى يقوم بها الرهبان الدومينكان بوجه عام ؟
نحن نهتم بمجال دراسة الفلسفة واللاهوت، ونولى اهتمامًا خاصًا للحوار المسكونى بين مختلف المذاهب المسيحية، كما إننا نهتم بالدراسات الإسلامية، والدراسات المتخصصة بالكتاب المقدس من كل جوانبه التاريخية والجغرافية. هذا بالإضافة إلى الإهتمام بالآثار، وجميع الأنشطة الخاصة فى مجال حقوق الإنسان، والوعظ بكلام الله.
* ما هو الهدف من دراسة الرهبان الدومينيكان للإسلام والفلسفة الإسلامية؟
إن الهدف هو إقامة معرفة متبادلة، وحوار للحضارات والثقافات المختلفة. فالمعهد الدومينيكى للدراسات الشرقية يهتم بدراسة التراث العربى الإسلامى؛ وذلك لمعرفة الإسلام من جذوره ومصادره الأولى. أما القضايا والتيارات الإسلامية المعاصرة مثل "بن لادن" والإخوان المسلمين فنحن بعيدين عنها تمامًا؛ لأننا نؤمن بأن البحث فى التراث يساعد على وجود أرضية مشتركة ونقطة لقاء تحل جميع المشاكل الراهنة.
* ما رأيك فى حالة الصدام بين الغرب والمسلمين؟
إن المشكلة تكمن فى أن الغرب يرى المسلمين من خلال رؤيتين فقط، وهما: إما أُناس يصنعون المشاكل السياسية والإجتماعية، أو أُناس يجب تبشيرهم بالمسيحية وتنصيرهم. ولكن هناك رؤية ثالثة يحاول المعهد الدومينيكى للدراسات الشرقية إظهارها وهى: إن المسلمين أُناس لهم ايمانهم وعقيدتهم وثقافتهم وتراثهم الذى يجب احترامه، ويمكن التعايش معهم فى سلام.
* ما هو رأيك فى إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية؟
فى أوروبا ممنوع قانوناً أن يتم السؤال عن ديانة أى شخص تتعامل معه، وإذا شعر هذا الشخص أنك تقوم بأى فرز دينى تجاهه، من حقه أن يُقاضيك. ولكن المشكلة فى "مصر" أن الفرز لا يأتى من خانة الديانة فى البطاقة فقط، بل يوجد فرز فى مظهر كلا الجنسين، فالمظهر الخارجى سواء للرجال أو النساء غالبًا ما ينم عن ديانتهم. ولكن عمومًا إذا كانت توجد ديمقراطية حقيقة فيجب عمل إستفتاء شعبى ليختار الشعب بإرادته الحرة ما بين وجود خانة للديانة فى الأوراق الرسمية أم لا.
* يطالب أُناس كثيرين بإلغاء المادة الثانية من الدستور والتى تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع فما هو رأيك؟
أنا شخصيًا أفضِّل بالتأكيد الإنفصال التام بين الدين والدولة، وقد حدث عند إصدار دستور الإتحاد الأوروبى أن رغب بعض الأشخاص فى كتابة بعض القيم المسيحية فى الدستور إلا أن هذا قوبل بالرفض. ففى أوروبا القوانين المدنية لها الأولوية على القوانين الدينية إذا حدث تناقض بينهم؛ وذلك لأن الدين فى أوروبا يمثِّل المرتبة الثانية فى المعاملات، أما بالنسبة للمجتمع الشرقى فإن هذا صعب للغاية؛ لأن طبيعة العقلية الشرقية مرتبطة إرتباطًا وثيقًا بالدين، لذلك لا أتوقع أن يُقبل جميع الناس على نظام الدولة المدنية بدون أى مرجعية دينية. ولأن أغلبية الشعب المصرى مسلمين، فمن البديهى أن تكون المرجعية للدين الإسلامى، أما إذا كانت الأغلبية مسيحية فستكون المرجعية للدين المسيحى.
* وبخصوص المشاكل الطائفية فى "مصر"؟
أنا شخصيًا أرى أن الدين يُستخدم ويُستغل لتضخيم المشاكل اليومية والحياتية العادية التى تحدث بين الناس، خاصةً وأن الدين- سواء الإسلامى أو المسيحى- يمثّل قيمة كبيرة لدى الشعب المصرى. لذلك يكون الذم فى الدين هو أقصى تجريح ممكن أن يُوجَّه إلى الشخص، وهذا هو السبب فى رد الفعل العنيف الذى يتم من قبل هذا الشخص.
* كثير من المصريين يؤمنون بنظرية المؤامرة..فما هو تعليقك؟
أنا أتعجب كثيرًا من ايمان المصريين بنظرية المؤامرة، وأطالبهم أن يتحملوا مسئولية مشاكلهم، وأن يعملوا على حلها دون أن يُلقوا بها على أكتاف "أمريكا" أو "إسرائيل" أو الغرب عمومًا، وبصفة خاصة الأحداث الطائفية..أرى أنه من المُستبعد أن يتوفر بها عنصر المؤامرة، إذ كيف تكون تلك الدول هى المُحرِّض على خلاف يحدث بين شخصين أحدهم مسيحى والآخر مسلم.
http://www.copts-united.com/article.php?A=21331&I=530