حدوتة كاميليا مرات أبونا‏!‏

بقلم: مفيد فوزى

لست معنيا ـ كمصري قبطي ـ بالشأن القبطي‏,‏ لا عن ترفع أو مزايدة‏,‏ ولكن لأن علي رأس الكنيسة المصرية‏,‏ البابا شنودة صمام الأمان من سلوكيات تضرب المواطنة في مقتل‏,‏

 ولدي اعتقاد أن ثقافة المواطنة هي علم يرفرف علي ربوع هذا البلد‏,‏ وقد عشت في فجر شبابي زمن السماحة‏.‏
حيث يتعانق الأذان مع أجراس الكنائس‏,‏ وما كانت هناك مناقشات أو سجالات حول الحجاب أو النقاب‏,‏ وما كان هناك مهنة اسمها داعية‏,‏ كان في مصر إسلام ومسلمون وكان هناك مسيحية ومسيحيون‏,‏ يأكلون معا في طبق واحد‏,‏ ولا تمييز بينهما في الزي أو الرأس المغطاة‏,‏ وكل المظاهر الجديدة طارئة ودخيلة ولها أسبابها السياسية والأخري الجغرافية‏,‏ وربما الغرق في بحر الذنوب والمعاصي وطلب المغفرة‏!‏ ومنذ حادث الزاوية الحمرة‏,‏ أول طفح طائفي ظهر علي جلد الوطن حتي مجزرة نجع حمادي التي لاتزال جرحا غائرا في قلوب أقباط مصر‏,‏ وأنا أرقب ـ بقلق بالغ ـ العلاقة الحميمة ولها تاريخ موغل في القدم بين مسلمي مصر وأقباطها‏.‏

لايمكن النظر الي قضايا الشأن القبطي دون فهم التاريخ والعمق الزمني والمخزون والمكبوت والمختفي بين الضلوع‏,‏ والا كنا بنستف ورق‏.‏ وعندما جاءت قضية الزواج الثاني عند الأقباط بحكم من الإدارية العليا‏,‏ لذت بالصمت‏,‏ لأترك البابا يعالج الأمر بحكمته دون أن نفتح جرحا آخر يراه الأقباط اعتداء علي تعاليم الكنيسة‏,‏ وكنت في قرارة نفسي أضمر رأيا هو أن التوقيت لإعلان هذا الحكم الصادر من الإدارية العليا‏,‏ خاطيء شكلا ومضمونا‏,‏ بدا لي الأمر وكأن أحدا يراقب النار‏,‏ فإذا خفت اللهب‏,‏ ألقي بالحطب‏!‏ وأشهد أن الدستورية العليا وهي تصدر حكمها أطفأت النار في صدور أقباط مصر‏.

يبقي عندي وقفات الأقباط الاحتجاجية وهي ـ أحيانا ـ رد فعل لمواقف الدولة حين لا يتحلي محافظ أو وزير بالسماحة‏,‏ ويسكب الزيت علي النار مثل محافظ المنيا وتعنته في بناء كنيسة لاقباط مغاغة في صعيد الوطن‏,‏ ما كنت أحب المواجهة بين المحافظ والمطران أغاثون‏,‏ وليست الوقفة الاحتجاجية التي كان يلوح بها المطران إلا تعبيرا عن ضيق أفق في المواطنة‏,‏ وليست ضغوطا للحصول علي‏(‏ امتيازات طائفية‏),‏ بناء كنيسة صار امتيازا طائفيا‏,‏ رحم الله الشيخ الباقوري والبابا كرلس‏,‏ حين كان بناء مسجد أو كنيسة أو معبد يهودي من سمات تحضر وطن وسماحة زمن‏,‏ وليس‏(‏ امتيازا طائفيا‏)‏ وأصل بعد ذلك الي حدوتة كاميليا مرات أبونا التي أشبه بحواديت الشاطر حسن وأمنا الغولة وعلي بابا والمغارة‏,‏ آل إيه؟ الست كاميليا زعلانة من أبونا سمعان‏,‏ وماله ياحبيبتي‏,‏ ماستات ياما بتزعل من الافندي بتاعها‏,‏ وأبواب البيوت مقفولة علي مشاكلها‏,‏ لكن الست بنت الأصول لما تغضب من الافندي‏,‏ ماتفارقش البيت‏,‏ ولما تكون اسم النبي حارسها مرات أبونا سمعان‏,‏ يبقي لازم تروح الكنيسة وتصلي قدام الهيكل وتتناول وترجع البيت تقفل عليها أوضتها لغاية ما أبونا يصالحها ويرشم الصليب عليها‏,‏ انما تعمل مغامرة زي بطلات احسان عبدالقدوس وتسحب رصيدها من البنك وتروح لواحدة صاحبتها تنام في بيتها‏5‏ ليال وأبونا سمعان عارف سبب الهجر ومكتم عليه ويطلع واحد صايع يقول‏(‏ خطفوها المسلمين ولاد الإيه‏),‏ وأبونا ساكت ومكتم علي الموضوع كتمة العدس‏,‏ والبلد كلها تقول في صوت واحد خطفوها المسلمون لاجبارها علي إشهار إسلامها‏,‏

وهي الشهيدة تريزا والاخوة الاقباط صدقوا حكاية الخطف وهات ياوقفات احتجاجية وصل صداها للكاتدرائية والمسائل ولعت والإشاعات سخنت والست كاميليا مرات أبونا صامتة في مخبئها‏,‏ وأبونا سمعان شارك ـ بخبث لا يصدر من كاهن ـ الوقفات الاحتجاجية العالية الصوت والصراخ والصياح‏,‏ والبابا في أمريكا يراقب ووكالات الأنباء تصور الوقفات التظاهرية أمام الكاتدرائية في العباسية والفضائيات شغالة‏,‏ جاتلها البلاوي لغاية الباب وهات ياحكايات وسيناريوهات والدنيا اسودت ونفوس القبط اتشحنت واتوبيسات بلغ عددها عشرة شايلة جموع الشعب القبطي ورايحة مصر تطلب تدخل القيادة السياسية‏,‏ كادت مصر تنفجر واسم النبي حارسها كاميليا بنت شحاته في مخبئها آخر انسجام ولسان حالها يقول لأبونا سمعان‏:‏ بعيد عنك حياتي تمام‏,‏ ولولا أمن الدولة اللي جاب كاميليا شحاته مرات أبونا من‏(‏ لغلوغها‏)‏ لحدث في مصر كوارث يعجز العقل عن تصورها وانكشف المستور‏,‏ وسكت اقباط مصر المحتجون‏,‏ خجلا‏,‏ في الأمر ازعاج سلطات البلد‏,‏ وفي الأمر تكفين للمصداقية للقبط‏,‏ وفي الأمر اتهامات باطلة ظالمة‏,‏ وفي الأمر خلافات مادية بين زوجين احدهما كاهن‏,‏ وتصاعد الأمر الي نيران تأكل الأخضر واليابس وتعبث باستقرار وطن‏,‏ والخلاصة غياب الانتماء ووفاة الضمير‏,‏ ولا أعرف ماذا أقول للبابا ولا أحب أن أملي عليه توصية ما‏,‏ فهو أبوالكنيسة المصرية والعقاب بحجم الجرم‏.

نقلا عن الأهرام

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع