حليم أسكندر
بقلم : حليم أسكندر
† ما اجمل الاحتفال باعياد القديسين ، فالاحتفال باعياد القديسين يعطينا فرصة للتأمل كيف عاشوا وكيف جاهدوا ضد الشيطان وضد الجسد وضد الخطية وضد الميول والشهوات ، وكيف انتصروا بسبب تمسكهم بالوعود الالهية والقاء احمالهم ووضع جل ثقتهم في معين الملتجئين الية ورجاء كل من يصرخون نحوة .
† وللشهداء والقديسين مكانة خاصة نظراً لاتعابهم وجهادهم وتحملهم وصبرهم من اجل تمسكهم بعقيدتهم وايمانهم ، ولذلك فان الله تبارك اسمة يكرم هؤلاء الشهداء والقديسين بحسب وعدة الصادق والامين الوارد في سفر صموئيل الاول ، الاصحاح الثاني والعدد 30 القائل : -
اكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون.
كما يعلمنا الكتاب المقدس اهمية النظرالي نهاية حياة القديسين والابرار والتمثل بايمانهم ، فالكتاب المقدس في الرسالة الي العبرانيين ، الاصحاح الثالث عشر والعدد السابع يقول :
انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم
ومامن شك ان قراءة سير القديسين ومعرفة كيف عاشوا وكيف جاهدوا وكيف انتصروا علي الجسديات وغلبوا ابليس وقبل كل ذلك عمل الروح القدس يلهب قلوبنا بالمحبة الالهية ويجعلنا نغار الغيرة الروحية ونتمثل بايمانهم ، ومن ثم كان الاحتفال بأعياد وتذكارات الشهداء والقديسين واكرامهم وبناء الكنائس علي اسمائهم موضع اهتمام كنيستنا القبطية الارثوذكسية .
† في البداية ارفض تسمية هذه الاحتفالات " موالد " لان هذه التسمية توحي بالفوضي وعدم النظام واختلاط الحابل بالنابل ، فحتي القول الشعبي المأثور عندما يريد ان يعبر عن الفوضي يقول " مولد وصاحبة غايب " ولذا لابد من تصحيح الامر وان يطلق عليها " تذكارات" او" مناسبات " او " احتفالات " ، اعرف ان الكنيسة تفعل ذلك ولكني هنا اقصد الغالبية من عامة الشعب ودور الكنيسة هنا هو محاولة نصحيح التسمية لهؤلاء حتي تعود الامور لنصابها الصحيح .
† ولكن مايدعو للاسف هو تحول تلك المناسبات الروحية الي سوق تجاري وفرصة للربح والكسب مما اثر تأثيراً كبيراً جداً علي الهدف الاصلي من الاحتفال وهو " التمثل بايمان هؤلاء الشهداء والقديسين " !!
وقد شاهدت بعيني الاف الاقباط من مختلف محافظات الجمهورية في الاحتفال بعيد نياحة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين بديره المعروف بالدير الابيض بسوهاج ، وبالطبع معظمهم ذهب من اجل الحصول علي البركة الروحية " ولكن من الصعب الحصول علي البركة الروحية وسط هذا الكم من البشر ، ناهيك عن الاسواق المحيطة بالدير الاثري من الخارج " وقد شعرت بأنني في مهرجان للتسوق اكثر من شعوري بأنني في احتفال روحي !! " وفكرت انه قد يكون العيب في انا شخصياً " لذلك ناقشت بعض الزائرين من حولي ووجدت الكثيرين منهم يشاركوني نفس الرأي .
† ومن المظاهر السيئة التي ارتبطت بالاحتفال " علي خلاف المأمول " التجارة والتسوق بل والرياضة ، فتجد هناك من يمارس لعبة البلياردو وغيرها من الالعاب !! وانا بالطبع لست ضد ممارسة الرياضة ولا افتي بتحريمها - لاسمح الله - بل العكس انا اؤمن بمدي اهمية الرياضة وممارستها وضرورتها للصحة الجسمية والنفسية للانسان ، فالكتاب المقدس يعلمنا ان الرياضة الجسدية نافعة وورد ذلك في الرسالة الاولي الي تيموثاوس ، الاصحاح الرابع والعدد الثامن :-
لان الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة.
ولكنني اتحدث عن مايليق وما لا يليق ، ففي اعتقادي ان الاحتفال هو احتفال روحي بالدرجة الاولي وفرصة للتأمل ومحاسبة النفس والتمثل بايمان الشهيد او القديس صاحب الاحتفال والتقرب الي الله وليس فرصة للعب واللهو والفسحة والتسوق !!
† ومن الاشياء التي لاتليق والتي انتشرت وبكل اسف : الاغنيات الركيكة التي تسمعها من اجهزة التسجيل ومكبرات الاصوات والتي تتغني بالشهداء والقديسين ! فكلماتها مبتذلة وسوقية وركيكة وبدون اي معني ، كما أن موسيقاها صاخبة وبعيدة كل البعد عن الروحانية والهدوء ، بالاضافة الي الاصوات المزعجة المنفرة !!
وأري ضرورة المتابعة من لجنة مختصة مستنيرة تكون مهمتها الاشراف علي الانتاج الموسيقي والروحي وتقييم الجديد وفرز الغث من الثمين حفاظاً علي روحانية الترانيم والمدائح الكنسية ، ولايصدر عمل فني جديد دون اقرار صلاحيتة من هذة اللجنة والتي يجب ان تضم في عضويتها شعراء وموسيقين ومرنمين من ابناء الكنيسة الاكفاء وهم كثيرين !
† ومن العادات السيئة ايضاً هي الهتافات الغير مسئولة والتي يرددها بعض الصبية والمراهقين والشباب الاهوج ، وهي هتافات غير لائقة ولاتمجد الله بل العكس ! وقد شاهدت اباء الدير من الرهبان وهم يحملون العصي في محاولة منهم لمنع هؤلاء الصبية والمراهقين والشباب الاهوج من ترديد هذة الهتافات ، كما ان البعض من قوات الامن تدخل لمطاردة هؤلاء ومنعهم من تلك الافعال الصبيانية . ولايخفي علي احد انه من الممكن أن يندس بين الشباب اناس من مثيري الفتنة والشغب مما قد يؤدي الي حدوث المشاكل والمتاعب والفتن !
† ومن مظاهر تلك الاحتفالات ايضاً : تواجد من يقوم " بدق الصلبان " والوشم والصور الدينية علي اجسام الزائرين وهي عادة خطيرة جداً لو لم تتخذ كافة الاحتياطات الصحية اللازمة ، اذ قد تنتقل عن طريقها اخطر الامراض واشدها فتكاً بالانسان ومنها امراض الكبد وجميع الامراض التي تنتقل عن طريق الدم !
† كما ان الفوضي والعشوائية وعدم النظام تعد من اسوأ السلبيات التي تظهر في معظم هذة الاحتفالات ، ففي لحظة وصول نيافة الانبا يؤانس سكرتير قداسة البابا والمشرف علي دير الانبا شنودة رئيس المتوحدين " الدير الابيض " بسوهاج تدافع الاف من الحضور لمصافحته !! مما ادي الي سقوط البعض علي الارض ومن بينهم اطفال وشيوخ وكان يمكن ان يسقط هو شخصياً لولا اصطفاف الامن من حولة لحمايتة من تهافت الشعب !! كما ان نيافة الانبا يؤانس لم يستطع الخروج اثناء دورة الايقونة بسبب الزحام الشديد وعدم النظام ، وهذا الزحام الشديد وعدم النظام يعد فرصة ثمينة للمنحرفين واللصوص لممارسة مهامهم ونشاطهم وهوايتهم !!
† ويري الكثير من الزائرين ان تلك الاحتفالات فرصة لتغيير الجو والفسحة والتسوق ، فمن السهل ان تجد من يبيع الملابس والخضار والفاكهة والخروب والحمص والتماثيل والصور الدينية والمأكولات والمشروبات والاحذية والشنط واللحوم وكروت الشحن !! ولا شك ان بعض هذه الاشياء هامة وتعد خدمة تقدم للزائرين ولكن طغيانها علي الجو الروحي هو موضع انتقادنا !!
† وانا اناشد اباء الكنيسة ان يعيدوا النظر في المظاهر المصاحبة لتك الاحتفالات بحيث تعود لها روحانيتها المفقودة وان تكون اجراءات النظام اكثر حسماً وتنظيماً وصرامة ، حتي ماتخرج الاحتفالات بالشكل اللائق ، الشكل الذي يمجد الله ويعطي الزائرين الفرصة للتأمل ومحاسبة النفس وتعديل مسار الحياة نحو حياة يكون هدفها مجد اللة ، ولايجب ان ننسي قول الكتاب المقدس في الرسالة الاولي الي اهل كورنثوس ، الاصحاح الرابع عشر والعدد الثالث والثلاثين :-
لان الله ليس اله تشويش بل اله سلام.كما في جميع كنائس القديسين.
و ايضاً كورنثوس الاولي الاصحاح الرابع عشر والعدد الاربعين :
وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=20661&I=513