جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
كثرت الأخبار والأنباء - سواء كانت مصرية أو عالمية- التي تتناول موضوع صحة الرئيس المصري "محمد حسني مبارك" البالغ من العمر (82) عامًا، ومن سيحكم "مصر" بعد الرئيس "مبارك"؛ لدرجة أن صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، كانت قد نشرت تقريرًا صحفيًا نقلته عنها صحيفة "الشروق" في مطلع شهر مارس من العام الجاري. وقد جاء تقرير الصحيفة الأمريكية بعنوان "بيان موجز..من يحكم مصر بعد "مبارك"؟
وفي ضوء الجدل القائم الآن حول صحة الرئيس "مبارك"، نقلت بعض وسائل الإعلام عن الإستخبارات الأمريكية توقعها بوفاة الرئيس "مبارك" خلال عام وقبل الإنتخابات الرئاسية.
والسؤال الذي بات يُطرح بشدة على الساحة الآن- وهو سؤال منطقي ومشروع: ماذا يحدث لو توفي الرئيس "مبارك" الآن؟..
فالموت هو سُنة الحياة، ولم ولن يستطيع أحد الإفلات منه مهما بلغت قوته أو ثروته، والسؤال الأخطر من السؤال السابق هو: من الذي سيحكم "مصر" بعد الرئيس "مبارك"؟ خاصةً وأن الساحة السياسية تكاد تخلو تمامًا من خبرات سياسية محنكة مثل الرئيس "مبارك"؟ ومن المؤكد أنه في حالة الرحيل المفاجئ للرئيس عن الحكم، فلسوف تحدث بلا شك حرب أهلية في "مصر"، وربما يحدث إنقضاض ما على الحكم من قبل بعض الجماعات المتطرفة، وذلك في حالة عدم وجود آلية سلمية الآن تضمن انتقال السلطة بصورة سلسة من الرئيس "مبارك" إلى الرئيس الذي سوف يعقبه على حكم البلاد.
ولحل هذه الإشكالية، وتجنيب "مصر" ويلات حرب أهلية وصراع غير سلمي على السلطة من بعده، فإنني أطالب الرئيس "مبارك" شخصيًا بسرعة تعيين نائب للرئيس، حفظًا لأمن وسلامة "مصر" في المقام الأول، فتعيين نائب للرئيس في هذه الفترة التي تمر بها "مصر" أصبح ضرورة من الضرورات الوطنية الأكثر إلحاحًا.
وليس من شك فى أن الرئيس "مبارك" قد فكّر في هذا الموضوع كثيرًا وبتروي، ولكنه يحتاج فقط إلى الجرأة في إتخاذ هذا القرار الذي أراه من القرارات المصيرية، بل أخطر من قرار الحرب!!!
فالدستور المصري يعطي الحق للرئيس في أن يعين، ليس نائبًا واحدًا قحسب، بل أكثر من نائب له؛ حيث تنص المادة (139) من الدستور على أنه: " لرئيس الجمهورية أن يعين نائبًا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم".
كما أن المادة (82) من الدستور تنص على أن: "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مُباشرة رئيس الجمهورية لإختصاصاته، أناب عنه نائب رئيس الجمهورية".
وبالتالي، فتقدم الرئيس "مبارك" في السن، وما يصاحب التقدم في السن من أمراض شيخوخة، وتراجع في أنشطة الإنسان وقدراته الصحية، بلا شك تؤثر على أداء الرئيس لمهامه الرئاسية، وقد يرى البعض أن الرئيس "مبارك" لم يعين نائبًا له طيلة هذه المدة (29 عامًا تقريبا)؛ لأنه يريد أن يتولى "جمال مبارك" حكم البلاد من بعده.
وردًا على هذه النقطة، فإنني أقول: إنه من حق "جمال مبارك" أن يطمح للرئاسة، ليس لكونه ابنًا للرئيس، بل لأنه مواطن مصري، خاصةً وأن "جمال" تتلمذ وتشرب السياسة على يد أبيه، كما إنه خبير على المستوى الإقتصادي، والمصرفي، فإنتقال السلطة من الأب إلى الابن بطريقة ديمقراطية، يتم أحيانًا في أكبر دول العالم ديمقراطية كالولايات المتحدة الأمريكية، متى كان الابن مؤهلاً سياسيًا لإدارة شئون البلاد، وله قبول جماهيري واسع.
إنني وللمرة الثانية أناشد الرئيس "مبارك" باسم "مصر" أن يتخذ قرارًا حاسمًا وسريعًا، بل وفوريًا بتعيين نائب له، بشرط أن يحوز على ثقة وموافقة أغلبية نواب مجلسي الشعب والشورى، قبل أن تحدث الكارثة الكبرى، وتشهد "مصر" تطاحنًا غير مسبوق على السلطة لا تُحمد عقباه.
http://www.copts-united.com/article.php?A=20594&I=511