ميرفت عياد
المصرى القديم وتصويره للآلهة المختلفة والأرباب
كتب: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
تميّز الفكر الدينى للمصريين القدماء بكثرة عدد الآلهة والمعبودات التى قدسوها فى آن واحد، بل وفى مكان واحد أيضًا، فزخرت معابدهم ومقابرهم بالنقوش والكتابات التى تظهر عددًا كبيرًا جدًا من المعبودات المصرية، والتى تُقدّر من قبل بعض المتخصصين فى الديانة المصرية القديمة بأكثر من ثلاثة آلاف معبود ومعبودة، حيث أن لكل من هؤلاء الآلهة والأرباب خصائصه، وطبيعته، ومقدرته الخاصة، ورموزه المميزة التى تنم عن شخصيته.
والحقيقة أن الدارس لهذه النصوص والنقوش الدينية المختلفة على مر العصور، سيكتشف أن لكل معبود اسم، وطبيعة، ودور مختلف عن سائر المعبودات، كما أن مكانة هذه الأرباب والمعبودات تتفاوت من مكان لآخر، ومن وقت لآخر، كما أن البعض منها حظى بمكانة وأهمية تفوق غيره من الأرباب، وذلك تبعًا للظروف الجغرافية، أو السياسية، أو تبعًا لحجم الأساطير والقصص التى تُحاك حول الإله من قبل الكهنة.
هذا ما أكده الأستاذ الدكتور "عبد الحليم نور الدين"- أستاذ اللغة المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة، ومستشار مكتبة الاسكندرية.
تعدد مظاهر وهيئات الأرباب والمعبودات
وقال الدكتور "عبد الحليم": إن الهيئات التى صُوّرت بها المعبودات المصرية، تنوعت ما بين هيئات آدمية، أو هيئات حيوانية، أو هيئات مركبة جمعت ما بين الآدمية والحيوانية، أو هيئات الطيور والحشرات، ويرجع هذا التنوع والإختلاف إلى طبيعة كل معبود، ونظرة المصريين القدماء له، فكانوا يقدّسون بعض الحيوانات أملاً فى الإستفادة من صفات طيبة فيها، وذلك مثل البقرة التى كانت رمزًا للأمومة والعطاء. كما كانوا يقدّسون بعض الحيوانات إتقاءً لشرها، مثل حيوان "ابن آوى"، الذى كان ينبش القبور، ويفتك بجثث الموتى.
اعجاب المصري القديم بالقوة
ولإعجاب المصرى القديم بالقوة والقدرة على التحليق والطيران فقد قدّس الصقر، واحتل الثعبان مكانة كبيرة فى العبادة المصرية القديمة؛ لإيمان المصرى القديم بأن الثعبان يولد من جديد عندما يقوم بتغيير جلده، وهكذا كان لكل كائن المميزات التى تُميّزه عن غيره من الكائنات، وتبعًا لهذه المميزات كانت المعبودات المصرية التى اتسمت بالعديد من المظاهر، منها التعددية فى الصور والهيئات مثل "آمون رع"، ،و"ﭽحوتى"، و"حتحور"، و"إيزيس"، وهناك بعض الآلهه التى اتسمت بثبات الشكل مثل "أنوبيس"، والذى يُصوّر فى هيئة "ابن آوى"، و"تا ورت"، والذى يُصوّر فى هيئة مركبة من التمساح، والأسد، وفرس النهر.
الخيال والرمزية لتفسير الظواهر الطبيعية
إن المفكر المصرى القديم، كان يحاول إيجاد تفسير لكل ظواهر الطبيعة التى تحيط به، كالجفاف، والسيول، والرعد، والبرق، وخسوف الشمس، وكسوف القمر.
وكشف دكتور "عبد الحليم" أن هذه التفاسير كانت بطرق بعيدة عن المنطق والحسابات والمقاييس، واعتمدت على الخيال والتأمل، وبذلك أوجد المصري لكل ظاهرة سببًا يغلب عليه الخيال والرمزية، وبهذا ترك لنا المصريون القدماء حصيلة غزيرة من الرموز، التى لم يقتصر استخدامها على الجوانب العقائدية فقط، وإنما توغلت وامتدت استخداماتها فى شتى جوانب الحياة والمعرفة، فتم استخدامها فى الأمور السياسية، والفنون، والعمارة، والسحر، والأساطير، والحياة، واللغة، والأدب، وغيرها، حيث كان يُستخدم الرمز عامةً للتعبير عن تلك المسائل والأمور التى قد يصعب التعبير عنها حرفيًا بوضوح.
ومن أمثلة هذه الرمزية، أن فسروا غياب الشمس ساعات الليل بأنها تعبر العالم الآخر لتنير ساكنيه، مستخدمة مركبًا فى هذه الرحلة بين كلا العالمين، وأن المقبرة ترمز إلى العالم الآخر، والعين الحمراء ترمز للشر والسحر الأسود، أما التاج فيرمز للحكم والملك وهكذا.
رموز وملابس وتيجان الأربـاب
وأكد الدكتور "عبد الحليم" أن المصريين القدماء اعتادوا على تصوير الأرباب وهم يمسكون برموز وإشارات خاصة ومميزة لهم، ومن بين أشهر الرموز الصولجان "الواس"، والذى يرمز إلى الحكم والسلطة، ويمثل عصا معقوفة ترجع فى أصولها إلى عصا الراعى، حيث يقتصر حملها على الملوك، وأيضًا علامة الحياة "عنخ"، والتى ترمز إلى الوجود، وهى من أشهر الرموز التى حملها الملوك والأرباب فى كل المناظر الدينية والدنيوية.
هيئة الأرباب
أما بالنسبة إلى هيئة الأرباب، فكانوا يرتدون ملابس موحدة نسبيًا، ونادرًا ما كان يتم تمييز واحد عن الآخر، وكانت هذه الملابس تمثل رداءًا مغلقًا لصيقًا بالجسم، كما أن المعبودات المصرية تميزت بالتيجان التى ترتديها، والتى تنوعت واختلفت اختلافًا كبيرًا فى أوصافها وتكوينها، تبعًا لسمات كل معبود على حدة.
الرموز التى استخدمها المصريون فى التيجان
كما استخدم المصريون العديد من الرموز فى التيجان، ومن بينها: الريش، مثل ريش النعام والصقر. والقرون، مثل قرون الأبقار والجاموس والكباش والغزلان. والهيئات الحيوانية والنباتية المختلفة، مثل اللوتس والبردى. والظواهر الكونية مثل الشمس والقمر والنجوم، وغيرها من الرموز المستمدة من أدوات تتعلق بهذه المعبودات.
http://www.copts-united.com/article.php?A=20548&I=510