عماد توماس
محمد عبد القدوس : لا يوجد عدالة في مصر طالما يوجد قانون طوارئ.
جمال عيد: ثلاثة قضايا رفعها القاضي، حُكم في أحدها بالبراءة في الجنح والاستئناف والثانية برفض حجب المواقع ، والثالثة إحالتها لمحكمة الخليفة
احمد سيف: ما حدث جزء من الثمن الذي يدفعه النشطاء في مصر من اجل التغيير
كتب: عماد توماس- خاص الأقباط متحدون
نظمت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، مؤتمر صحفي تضامني مساء أول أمس الخميس 15 يوليو 2010، مع نشطاء حقوق الإنسان، احمد سيف الإسلام مدير مركز هشام مبارك للقانون، جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, عمرو غربية المدون والناشط الحقوقي –الذى تغيب عن الحضور لعمله فى لندن مع منظمة العفو الدولية- في قضيتهم المقامة من قبل القاضي عبد الفتاح مراد. والتي تنظر صباح اليوم السبت بمحكمة جنح الخليفة، والمهددين فيها بالحبس أربعة سنوات بتهمتي السب والقذف للمدون عمرو غربية وتهمة الابتزاز لسيف وعيد. علي خلفية البلاغ المقدم ضد القاضي بدعوى اعتداءه علي حقوق الملكية الفكرية لتقرير الشبكة العربية ونسخة لعشرات الصفحات نشرها فى مؤلف له دون ذكر المصدر , بالإضافة للحملة الإعلامية التي دشنها المدونين لكشف واقعة تعدي القاضي علي تقارير الشبكة.
العدالة الغائبة
قال الكاتب الصحفي محمد عبد القدوس أمين الحريات بنقابة الصحفيين، انه لا يصح أن من يتضامن مع الناس لا تتضامن لجنة الحريات معهم عندما يتعرضوا لظلم، معتذرا عن تأخر اللجنة في التضامن معهم، مؤكدا تدارك الخطأ بعقد هذا اللقاء وإصدار بيان صحفي تضامني. وأكد عبد القدوس، على انه لا يوجد عدالة في مصر طالما يوجد قانون طوارئ . معبرا عن خشيته من مجاملة القضاة بعضهم لبعض.
سرد تاريخي لوقائع القضية
استعرض الأستاذ جمال عيد، مختصر تاريخي لكواليس القضية المرفوعة من القاضي عبد الفتاح مراد ضد الشبكة العربية ومركز هشام مبارك والمدونين المصريين.
بدأ عيد، السرد بداية من يوم 13ديسمبر 2006، عندما عقدت الشبكة العربية مؤتمر صحفي في نقابة الصحفيين لإعلان تقريرها عن حرية استخدام الإنترنت يحمل عنوان”خصم عنيد: الانترنت و الحكومات العربية” والتقرير هو دراسة بحثية كبيرة شارك فيها كل من ( إيهاب الزلاقي ، جمال عيد ، سالي سامي) تضمنت استفتاء ومراجع ولقاءات لمدونين منهم عمرو غربية ومالك مصطفى وغيرهم ، وتم خلال المؤتمر توزيع نسخ من التقرير المطبوع على الصحفيين والمدونين والنشطاء، وقد تم نشر التقرير كاملا على موقع المبادرة العربية لانترنت حر التابع للشبكة، وفى 23ديسمبر 2006، عقدت الشبكة ورشة عمل بنقابة الصحفيين بالقاهرة بحضور صحفيين ومتخصصين وجمهور كبير لمناقشة التقرير وخلصت الورشة إلى العديد من النتائج المتعلقة بأهمية صدور قانون لتداول المعلومات.
وفى 3 فبراير 2007، نشر عمرو غربية موضوع على مدونته ، يشير فيه أنه وجد مدونه للقاضي عبد الفتاح مراد وانه “القاضي” لديه كتاب في الأسواق يحمل اسم ” الأصول العلمية والقانونية للمدونات أو المُعلًقَات على شبكة الانترنت” وبادر عمرو بشكر الكتاب وقبل أن يقرأه باعتبار أن قاضي يدون ويطرح كتاب عن المدونات هو شيء جيد ، خاصة أن هذا التوقيت كان يصادف توقيت محاكمة المدون كريم عامر. وتولى الشبكة الدفاع عنه.
وفى 7 فبراير 2007، نشر عمرو غربية موضوعا بعنوان”عرض لكتاب قاض مصري عن المدونات: صفر من عشرة” انتقد فيه الكتاب وموقف القاضي من المدونات وحرية التعبير ، بشكل راقي جدا ومهذب ، ثم أشار في نهاية الموضوع إلى أنه وجد تشابه كبير جدا بين أجزاء في الكتاب وبين التقرير الذي نشرناه في ديسمبر والذي كان عمرو نفسه احد مصادره ، وضرب أمثلة بصفحات منقولة من تقرير الشبكة دون إشارة للنقل. وبدأت التعليقات ترد على مدونة عمرو بشكل تلقائي ( أي ا ن أي شخص يدخل على الموضوع ويعلق يتم نشر تعليقه بشكل مباشر وفوري) وكان عمرو يرد على بعض التعليقات بشكل متزن وهادئ وواضح دون تجريح أو افتئات على اي شخص.
وفى 8 فبراير 2007، قامت الشبكة بشراء كتاب القاضي عبد الفتاح مراد بمبلغ مائة جنيه مصري، وفوجئنا بأن عشرات الصفحات منسوخة حرفيا من تقريرنا دون الإشارة للمصدر أو كمرجع، ولكن في بعض الفقرات كان يحذف انتقادات وجهناها لحكومات عربية في طريقة تعاطيها مع الانترنت ،و رغم التأكيدات التي ضمنها القاضي في كتابة على أهمية حقوق الملكية الفكرية ، فضلا عن قسم وحديث ديني يدين النسخ والاعتداء على حقوق الآخرين.
وأضاف عيد أن الشبكة نشرت بيان 11يوم فبراير 2007، تحت عنوان ” بيان للرأي العام بشأن تعدي القاضي عبد الفتاح مراد على حقوق الملكية الفكرية للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” ثم توالت المكالمات التليفونات تتوالي عليه من القاضي ، وكانت كلها تدور تارة حول التهديد إذا لم يتم رفع البيان من على موقع الشبكة ، وتارة بترغيب الشبكة و قد رفضت الشبكة التهديد ، وكذلك الترغيب ، طالبين منه اعتذار مكتوب مع وعد بعدم نشره. ثم أرسل القاضي بالفعل رسالة للشبكة العربية لكن ليس بها أي اعتذار بل مديح في الشبكة وعملها .
علاقة المحامى سيف بالقضية
وحول علاقة المحامى سيف بالقضية، قال عيد، انه عند احتدام الخلاف بين الشبكة والقاضي، اقترح القاضي الاحتكام لأي طرف لحل هذا الموضوع ، فأبلغناه أننا نقبل بحكم اي قاضي من نادي القضاة ، فرفض بشدة ، وطلب اختيار طرف أخر ، فأبلغناه أن الأستاذ أحمد سيف الإسلام حمد هو “كبيرنا الآن” بعد وفاة الأستاذ أحمد نبيل الهلالي.
وتابع عيد، سرده التاريخي لوقائع القضية قائلا : في 2مارس 2007، نشرت جريدة روزاليوسف خبرا عن قيام القاضي عبد الفتاح مراد برفع قضية في مجلس الدولة ضد مجلس الوزراء ووزارة الاتصالات والداخلية وآخرين يطلب حجب 21موقع على شبكة الانترنت على رأسها موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وغيرها بزعم إساءتها لسمعة مصر وإهانة رئيس الجمهورية
أولى جلسات القضية
أضاف عيد: في 27 مارس 2007، نظرت محكمة القضاء الإداري” مجلس الدولة” أولى جلسات القاضي لحجب المواقع 27مارس 2007 ، وفيها قررت المحكمة إحالتها لدائرة أخرى. لجلسة 7ابريل 2007. والتي نظرتها الدائرة السادسة بمجلس الدولة الجلسة الأولى لها بعد الإحالة في قضية حجب المواقع ، وترافع القاضي وراح يكيل الاتهامات ضد المدونين مؤسسات حقوق الإنسان وحقائب “الدولارات !!” وفى 5 مايو 2007، نظرت محكمة مجلس الدولة قضية حجب المواقع ، وفيها قام القاضي بتقديم تعديل للمحكمة يطلب رفع قائمة المواقع المطلوب حجبها إلى 50موقع . وفي هذا اليوم أيضا علمنا بأن هناك بلاغ من القاضي يتهم فيه كل من ( أحمد سيف الإسلام حمد ، جمال عيد ، عمرو غربية وآخرين ) بابتزازه في نيابة شمال القاهرة بالعباسية.
حكم بالبراءة في ديسمبر 2008
وفي 10مايو 2007، تم التحقيق مع المدون عمرو غربية في بلاغ القاضي بالسب والقذف والابتزاز وتم إخلاء سبيل عمرو غربية بكفالة 200جنيه ، وكذلك تحديد جلسات للتحقيق مع كل من أحمد سيف وجمال عيد كالتالي ( يوم 27 يونيو 2007 للتحقيق مع جمال عيد ،، و يوم 1يوليو 2007 للتحقيق مع أحمد سيف). وفى 31 ديسمبر 2008، حكمت محكمة جنح الدقي ببراءة “جمال عيد ، علاء سيف، منال بهي” في القضية الملفقة بسب وقذف عبد الفتاح مراد.
وفى 29يونيو 2009، حكمت محكمة جنح مستأنف الدقي في استئناف القاضي بتأييد الحكم ببراءة “جمال عيد ، وعلاء سيف، ومنال بهي” من تهمة السب والقذف.
تأجيل القضية لليوم السبت 17 يوليو 2010
ونظرت محكمة جنح الخليفة في 22مايو 2010، أول جلسات القضية الثالثة من القاضي باتهامات ” التهديد بالتشهير ، السب والقذف ، وإساءة استخدام الانترنت ضد “جمال عيد ، أحمد سيف الإسلام حمد ، عمرو غربية”. وفى جلسة 26يونيو 2010 قررت المحكمة تأجيل القضية لليوم السبت 17 يوليو 2010 للمرافعة.
واستعرض عيد بعض الملاحظات العامة على وقائع القضية منها :
1- ثلاثة قضايا رفعها القاضي المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد ، حكم في أحدها” السب والقذف” بالبراءة في الجنح والاستئناف . وتم الحكم في قضية مجلس الدولة برفض حجب المواقع ، وتم إحالة القضية الثالثة لمحكمة الخليفة . في حين مازال البلاغ الذي قدمته الشبكة ضد القاضي في 3ابريل 2007 ، قيد التحقيق ، رغم أن الواقعة واضحة والمستندات مقدمه ولا تحتاج لأكثر من نصف ساعة من شخص عادي أو ربع ساعة من خبير ليكتشف حجم التعدي على الملكية الفكرية لتقرير الشبكة والنسخ الذي تم بالمخالفة للقانون.
2- حتى الآن يتم الالتفاف عن أسباب القضايا كلها ، ويكون الزعم “ابتزاز ، سب وقذف، الإساءة لسمعة مصر …. الخ” ويتم تجاهل الأسباب الحقيقة وهي النقل الغير قانوني من تقرير الشبكة العربية ونشر الأجزاء المنقولة في كتاب القاضي دون الإشارة للمصدر.
3- تضمن كتاب القاضي ( الأصول العلمية والقانونية للمدونات علي شبكة الانترنت ) حالة نقل أخرى ، فالصفحات من 196-214 من كتاب القاضي منقولة من دليل التدوين على بلوجر الذي نشرته بنت مصرية في مايو 2006، مع تقديم بعض الأجزاء و تأخير أجزاء أخرى، و تغيير قليل في العبارات حتى لا يتطابق النصان تماما، بدون أي إشارة على الإطلاق للمصدر هذه المرة.
4- رغم أن الخلاف مع عبد الفتاح مراد ثار باعتباره مواطن اعتدى على حقوق الملكية الفكرية ، إلا انه يدير الخلاف كقاضي و مستشار بمحاكم الإسكندرية، وهو ما يجعل الخصومة غير متكافئة.
5- يتعمد القاضي المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد في كل قضية أن يقدم العديد من الحوافظ والمذكرات التي تتجاوز مئات الصفحات وقد تبلغ الآلاف مما يسبب إرباك وتضخم في الملفات وكلها غالبا بعيدة عن أصل القضية المنظورة ، ومكررة.
6- انتبهنا ونظرا لعدد رؤساء ووكلاء النيابة العامة الذين باشروا القضايا أو تعاملوا معها أن العديد منهم تيقن من عدالة موقفنا ، واكتشفوا بالفعل أن هناك نسخ واضح من تقريرنا ، لكن القرارات بإعادة الحق لأصحابه لم تكن بأيديهم.
تكلفة التغيير
من جانبه، قال احمد سيف المحامى، إن المواطن عبد الفتاح مراد زعم باتهام ثلاثة من المواطنين بالسب والقذف والابتزاز بطلب 50 الف جنية، معقبا-بطريقة ساخرة- انه لو كان مكان القاضي لكان سأل لماذا طلبتم هذا المبلغ الزهيد- مضيفا إن القاضي عندما نشر كتابا فنشره باعتباره مواطنا مصريا وليس قاضيا (موظف عام) مؤكدا إن الحالة الوحيدة في حالة واقعة حقيقية يسمح فيها قانون السب والقذف في مصر إن تكون ضد موظف عام، في غير هذه الحالة لا يجوز التحصن فيما تنشره بأنه حقيقي، فكلما كانت الحقيقة ثابتة كلما كانت العقوبة اشد.
وأضاف سيف، إن السند القانوني ضد غربية في عبارات السب والقذف التي جاءت في احد التعليقات على مدونة عمرو غربية، هي الزعم بأنه "طالما فتحت التعليقات على الموقع فأنت محرض للآخرين بالتشهير"، مؤكدا انه زعم غير منطقي، فالتقرير جاء بتعليق واحد به تشهير والباقي لا يوجد به تشهير، فلماذا اخذ بتعليق واحد وترك الباقي.
واختتم سف كلمته، بأن ما حدث جزء من الثمن الذي يدفعه النشطاء في مصر من اجل التغيير، مؤكدا أن الثمن في مصر اقل ما يقدم في دول عربية أخرى.
http://www.copts-united.com/article.php?A=20454&I=507