إيلاف
الايكونومست ترى ان الشعب يتحرك ببطء وتؤكد:
تثير الحالة الصحية للرئيس المصري حسني مبارك تساؤلات عدة خاصة انه قضى الكثير من وقته في السنوات الأخيرة بعيدا عن القاهرة، في منتجع شرم الشيخ. وترى "الايكونومست" ان نجله جمال يظل الأقرب لتولي السلطة رغم عدم تمتعه بخلفية عسكرية، مشيرة الى ان الشعب يتحرك ببطء نحو التغيير.
إعداد محمد حميدة: بالرغم من ان الكثير من المصريين يعتقدون ان عدم خلفيته العسكرية قد تقف أمامه عائقا في الوصول الى سدة الحكم، وبالرغم من ان الغالبية العظمى من الشعب تشعر بنفور نحو سياسات الأسرة الحاكمة، إلا ان جمال مبارك الابن الأصغر للرئيس المصري حسني مبارك يبقى مرشحا محتملا لخلافة السلطة، وقد تفضل الدائرة الداخلية للنظام " الشائخ " العودة إلى شخصية أكثر حنكا من بين صفوفها.
وقالت "الايكونومست" في تقرير خاص لها عن مصر " ما بعد مبارك " ان الشعب يتحرك ببطء نحو التغيير، وان ربما تحول وشيك في الأجيال قد يؤدي الى حدوث التغيير المنشود وذلك بعد ظهور جيل من الشباب يتوق إلى البحث عن دور وصوت.
فالرئيس مبارك لا يوجد لديه نية في التنحي، بالرغم من انه قضى الكثير من وقته في السنوات الأخيرة بعيدا عن القاهرة في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، وتعرض لمشكلات صحية اضطرته أحيانا الى الابتعاد عن العمل.
واستهلت الصحيفة البريطانية تقريرها بمقارنة بين ردود الفعل حول وفاة الزعيمين المصريين جمال عبد الناصر وأنور السادات. وقالت ان الرئيس جمال عبد الناصر جلب لمصر الديكتاتورية، والخراب الاقتصادي والإذلال في حرب الأيام الستة مع إسرائيل، إلا انه بعد وفاته المفاجئة جراء نوبة قلبية في عام 1970 غرق المصريون في حالة من الحزن العميق، واحتشد نحو 5 مليون شخص في جنازته .
بيد ان الرئيس أنور السادات افرج عن السجناء السياسيين، وانعش الاقتصاد وابرم اتفاق سلام مع إسرائيل وأعاد ما ما أضاعه ناصر، إلا انه عندما تم اغتياله في عام 1981 ، سقطت مصر في حالة من الصمت المخيف . وحضر جنازته عدد من الزعماء الأجانب وعدد قليل جدا من أفراد الشعب. وقالت ان ردود فعل المصريين المتناقضة ازاء الزعيمين الراحلين تثير تساؤلا واضحا هو: كيف سيرى المصريون الرئيس مبارك؟
تقول الصحيفة ان حالة الرئيس مبارك الصحية ليست جيدة، وقضى الكثير من وقته في السنوات الأخيرة بعيدا عن القاهرة، في منتجع شرم الشيخ. وحتى قبل العملية التي أجراها فى ألمانيا والتي أبعدته عن العمل لمدة 6 أسابيع في ربيع هذا العام، تعرض ايضا الى نوبات مرضية على مرأى ومسمع من الجمهور.
في عام 2003 ، سقط الرئيس بينما كان يلقي خطابه في مجلس الشعب، مما دفع وزير الدفاع الى إغلاق القاعة على نواب المجلس حتى قام الأطباء بعلاجه في غرفة الجلوس. وبدا الرئيس مبارك العام الماضي، حزينا غداة وفاة حفيده، وشاحب اللون، وغير قادرا على القيام ببعض الخطوات لتحية الرئيس باراك أوباما خلال زيارته للقاهرة.
الا ان الرئيس المصري لا يبدو أنه ينوي التنحي، بحسب الصحيفة، مشيرة الى قول الرئيس، قبل بضع سنوات بانه سيخدم حتى اخر نفس فى حياته. وفي أول خطاب له بعد اجرائه للجراحة الاخيرة أعلن انه أقوى من أي وقت مضى ارادة وعزيمة ، وتعهد بالوفاء بوعده "لبناء دعائم الديمقراطية" .
وكان رده غامضا عندما سئل عن الخليفة المقبل ، "الله وحده يعلم." كما يجيب المسؤولون بالحزب الوطني الحاكم أيضا بشكل روتيني على الأسئلة التي تتعلق بالمرشح القادم للحزب في الانتخابات الرئاسية 2011 بأن لا أحد مؤهلا غير الرئيس مبارك ، على الرغم من أن ابنه الأصغر جمال ، لعب دورا بارزا بشكل ملحوظ في الحزب الوطني الحاكم على مدى العقد الماضي، وغالبا ما يظهر بجانبه.
وتفترض المعارضة منذ وقت طويل ان جمال مبارك ،المصرفي السابق والرجل الثالث في الهيكل القيادي للحزب ، أنه الخليفة المنتظر. وقد نظر الى التغييرات التي أدخلت على الدستور في عام 2007 ، و القيود التي وضعت للترشيح في الانتخابات الرئاسية بأنها تمهيد لذلك.
بيد ان الرئيس تعهد مرارا وتكرارا بأنه لن يكون هناك "توريث" للسلطة، لكن تلك الترتيبات الجديدة جعلت بامكان ابنه أن يكون ضمن المنتخبين.
وقالت الايكونومست ان " هذا قد يحدث " ، على الرغم من أن الكثير من المصريين يعتقدون أن فرص جمال مبارك في تراجع ، مشيرة الى انه " شخصية جادة، ومدير كفوء ويدير مشاريع خيرية تساعد الفقراء، ويحسب له التحرير الاقتصادي الناجح". ويقول مؤيدوه انه تلقى تعليمه في الغرب ، ومدني على النقيض من اي رئيس سابق لمصر. ويرى آخرون ان خلفيته غير العسكرية لا تزال تمثل عائقا قويا أمامه للوصول الى سدة السلطة. ويضيف هؤلاء ان جمال مبارك يفتقد أيضا الى سحر والده، بيد ان الجمهور الواسع يظهر نفورا متزايدا نحو سياسة الأسر الحاكمة.
وتابعت الصحيفة قائلة إن الدائرة الداخلية للنظام الشائخ بحسب ظن البعض قد تفضل العودة إلى شخصية أكثر حنكا من بين صفوفها. ويذكر هنا في كثير من الأحيان اسم عمر سليمان، رئيس المخابرات العامة. وهو أحد المخلصين والموالين الأقوياء للرئيس مبارك ، مما يوحي بأن ليس لديه اي طموح للحصول على الرئاسة، كما يفتقد في الوقت نفسه الصلة بالحزب الوطني.
إلا أن لعبة التخمين تقول الكثير عن مصر، وفقا للصحيفة، نظرا لان الكثير حول النظام وأعماله ما زال مبهما. "فضباط الجيش، على سبيل المثال، لديهم شبكاتهم الخاصة المتميزة من المزارع والمصانع والمدارس والمتاجر والنوادي الفاخرة، كما يؤدي التقاعد المبكر والفحص السياسي الدقيق الى التقليل من الرتب العليا، وإقصاء أصحاب الآراء غير المرغوب فيها".
وخلافا مع الجيش التركي الذي دافع عن علمانية أتاتورك ، لا يكشف الجنرالات في مصر عن ميولهم السياسية ، الى حد ان الساخرين في القاهرة يقولون إنهم ليس لديهم شيئ ، سوى ميول البيزنس"، بحسب الصحيفة.
وأضافت الصحيفة ان ربما التحول الوشيك للأجيال قد يساعد على حدوث التغيير، مشيرة الى جيل الشباب المصري الذي "نجا من تجربة الحرب ، ورفض الاعتماد على الدولة، ويرتبط على نحو متزايد مع بعضه البعض ومع العالم من خلال شبكة الانترنت، والفضائيات والاتصالات المحمولة ، ويتوق الى صوت ودور في المجتمع" ، مضيفة ان السنوات الأخيرة شهدت توسعا قويا في برامج المتطوعين والمبادرات الخيرية والمجموعات الاحتجاجية ، فضلا عن انتعاش ملحوظ في المشهد الفني المستقل.
وقالت الصحيفة ان هذه الطاقات لم يتم بعد استغلالها سياسيا، ولكن الاحتمال قائم، " حتى لو فشلت محاولة المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور محمد البرادعي في تحدي النظام ، فان الطفرة السريعة في الحماسة نقلت رسالته " ، لافتة الى حادثة تعذيب شاب الإسكندرية خال سعيد على ايدي اثنين من افراد الشرطة والانتشار الفيروسي لصوره على الانترنت مثلما حدث مع ندا سلطان ، المتظاهرة الإيرانية التي اطلق الرصاص عليها في احد شوارع طهران وأصبحت رمزا للحركة الخضراء في ايران. واضافت انه على الرغم من محاولة الحكومة لتصوير الضحية بانه متعاط للمخدرات وسارق، الا ان الصحافة المصرية المستقلة رفضت القصة ونظم الآلاف من المواطنين المصريين مسيرات احتجاج صامتة للمطالبة بالعدالة.
وانهت الصحيفة تقريرها بالاشارة الى ان الشعب يتحرك ببطء وان التغيير وشيك الا انه الله فقط يعلم متى سيحدث.
http://www.copts-united.com/article.php?A=20384&I=505