بقلم: عصام عبدالله
يوم الجمعة الماضي الموافق 2-7-2010، مثل نقطة تحول بالنسبة للمرأة فى جميع أنحاء العالم، حيث تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد 65 عاماً من إنشاءها، بالإجماع (192 دولة) قراراً ينص على إنشاء "هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء"، أو باختصار "هيئة الأمم المتحدة للمرأة".
تبدأ هذه الهيئة عملها رسميا فى يناير المقبل 2011، وسيتولى إدارتها مسؤول برتبة الأمين العام المساعد تحت السلطة المباشرة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وستجمع كل النشاطات التي تقوم بها المنظمات العديدة التي تعنى بقضايا المرأة، ومن المتوقع أن تكون ميزانيتها ضعف الميزانية السنوية المحددة حالياً لقضايا المرأة والتى تقدر ب 250 مليون دولار.
من المقرر أن تضغط هذه الهيئة الجديدة علي الحكومات، كى تحصل النساء على دور أكبر وأكثر أهمية فى السياسة، وكذلك الحد من التمييز ضد المرأة المستشرى فى العالم، والذى يتضمن نقص الحصول على التعليم والرعاية الصحية، والزواج القسرى، والاغتصاب والاتجار بالبشر.
معني ذلك أننا سنشهد في الشهور القادمة صولات وجولات من الكر والفر أحيانا، والمجابهة في أغلب الأحيان بين هذه الهيئة الجديدة والعديد من الحكومات العربية، إذ لايوجد تمييز ضد المرأة في العالم مثل الموجود لدينا، رغم أن المرأة العربية لا ينقصها الذكاء لتبدع، ولا الجمال لتثق في نفسها، ولا تنقصها الإرادة لتتغلب على كافة القيود والعقبات، ولا تنقصها الأخلاق الفاضلة للمحافظة على عفتها وطهارتها،.. فما السبب يا تري؟
لم يعد خافيا علي أحد، أن المرأة تحتل الجانب الأكبر في منظومة حقوق الإنسان اليوم، وأن أدوارها تغيرت وتطورت في عصر العولمة، في حين أن التشريعات القانونية، لا تزال متخلفة على أكثر من صعيد في مجتمعاتنا، فالمرأة من الناحية الواقعية فاعلة اجتماعية، بينما هي من الناحية التشريعية كائن ناقص، فاقد الأهلية، بل ومطلوب منه الطاعة والتبعية. هذه المفارقة لا تعكس فقط التناقض الصارخ عندنا، وإنما تكشف أيضا الهوة السحيقة بين الواقع الاجتماعي والتشريعات والقوانين، رغم أن المعروف أن القانون حاجة اجتماعية أساسا.
في تصوري أننا بحاجة ملحة وعاجلة لسن قوانين وتشريعات تتميز بالجرأة والشجاعة، تنسجم مع تطلعات المجتمع واستحقاقات العصر، تكون أقوي من المنظومة الثقافية السائدة في المجتمع، إلى أن يتم التوازي بينهما بفعل تراكم التجربة الاجتماعية مع الزمن، الذي يتيح للقيم والقوانين فرصة التغلغل والأستقرار.
في نفس الوقت، وبالتزامن، يجب أن نتحمل مسؤوليتنا الأخلاقية (كمثقفين) بالتصدي لأكبر مشكلة (نفسية وعقلية) تهدد تحرير المرأة العربية اليوم وهي " الخوف " الذي يشل تفكيرها ويأسر عقلها. وفي نص بالغ الأهمية، كتبت الدكتورة إلهام المانع: "
تشب الفتاة العربية منذ نعومة أظافرها على الخوف.
"خافي من جسدك".
"خافي من نفسك".
"خافي ممن حولك".
"خافي".
"لأن الخوف مفتاح الأمان".
وحلل الأستاذ صلاح الطريقي ببراعة خطورة ذلك الخوف (المتعمد والمدروس) في مقاله المعنون " ثقافة الموت وتأسيس الخوف "، يقول:
ثمة أمر آخر سيحدث إذ تزرع الخوف داخل الإنسان، فأنت هنا ستسلبه إرادته وعقله والأهم حريته، وبسبب الخوف سيسألك هذا المواطن عن كيف يأكل وكيف يشرب وكيف يعيش والأهم كيف يموت بحزام ناسف أم بدونه؟. وهنا سيتقدم العارفون بأسرار الكتب ليتحكموا بحياة المواطن الخائف من الحرية ".
لقد أصبحنا ندين بالفعل بما أسميه " دين حقوق الإنسان "، ولابد، حتما، من توفيق أوضاعنا وتعديل تشريعاتنا قبل يناير 2011 لتلائم حقوق الإنسان، بالمعني العالمي لا المحلي، الذي يحاول الالتفاف دائما علي كل ما هو إنساني بحجة " الخصوصية "، كي يتهرب من المسئولية العالمية المشتركة.
فقد جاء في مقدمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، أن الاعتراف بكرامة جميع أفراد العائلة الإنسانية، وبحقوقهم المتساوية وغير القابلة للمساومة، هو ما يمثل أساس الحرية، والعدالة، والسلم في العالم. وهو ما يؤكد أن مفهوم الكرامة بالمعني الحديث، لم يعد مفهوما أخلاقيا وحسب وإنما أصبح مفهوما قانونياّ أيضا، فهو: المبدأ الأساسي الذي يشمل المساواة بين الأفراد جميعا، ويمنع في الوقت نفسه - جميع أشكال التمييز بينهم، أو المعاملة اللا إنسانية أو المهينة التي تمس كرامتهم.
نقلا عن إيلاف
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=20021&I=495