رؤوف زكري مكارى
بقلم : رؤوف مكارى
فجّر الحكم الأخير لمحكمة القضاء الادارى والذى أيدته الادارية العليا بالزام الكنيسة بمنح تصاريح زواج لمن حصلوا على احكام قضائية بالطلاق الكثير من الاحداث وحدثت حالة حراك كثيرة فى الشارع القبطى كمن ألقى بحجر كبير على مياه راكدة منذ زمن طويل الامر الذى استتبعه الكثير من الاحداث المتتابعة من أنعقاد المجلس الملى الارثوذكسى ورفض الكنيسة تدخل القضاء فى أمورها الداخلية نظراً لان الكنيسة تُحكم بالانجيل فى أمور الزواج وليست بالاحكام القضائية وقامت الفضائيات كالعادة بأستضافة العديد من رجالات الكنيسة وقساوستها والعديد من المهتمين بالشأن العام وأصبح موضوع أزمة الزواج الثانى هو الموضوع الاعلامى الاول فى الفضائيات ما بين مؤيد للائحة 1938 الذى أصدرها المجلس الملى للكنيسة والذى حددت تسعة اسباب للطلاق وبين معارض لتدخل القضاء فى الزواج بأعتباره شائناً يخص الكنيسة فقط وأصبحت هناك أشكالية فى غاية التعقيد تُصور أن الازمة بين القضاء من ناحية والكنيسة من ناحية أخرى وزاد من تأكيد هذه الاشكالية هو للاسف أنقياد البعض للهجوم على القضاء بأعتباره هو المتسبب فى هذه الازمة على الرغم من أننا لو احكمنا التفكير قليلاً لوجدنا ان القضاء هو أخر جهه يُسأل عن هذه الازمة على أساس أن القاضى يحكم بما لديه من قوانين ولوائح وأن كانت هناك جهة تُسأل عن سبب هذه المشكلة فأننا نجد أن الدولة أو الحكومة الممثله فى وزارة العدل الذى تم تقديم مشروع قانون موقع عليه من رؤساء الطوائف الكبرى فى مصر منذ اكثر من ثلاثين عاماً إلا أنها لم تحرك له ساكناً كعادتها التى لا تستطيع الاستغناء عنها أو لاسباب ومؤامات فى أجندتها السرية ولان حكومتنا هى حكومة رد الفعل وليس الفعل ذاته فقد أدت هذه الاحداث المتلاحقة إلى قيام الدولة بتشكيل لجنة من وزارة العدل تختص باعداد مشروع قانون للاحوال الشخصية لغير المسلمين على أن يتم الانتهاء منه خلال شهرين فقط ., فلنا أن نتخيل ان القانون الذى بُح فيه صوت الكنيسة منذ اكثر من ثلاثين عاماً سوف يتم الانتهاء منه خلال شهرين., وما أن بدأت اللجنة المُشكلة من وزارة العدل برئاسة مساعد وزير العدل وبعضوية ممثلين عن الطوائف الكبرى حتى بدأت المشاحنات والاختلافات تظهر بين قادة الطوائف المختلفة على صفحات الجرائد والبرامج الفضائية وكل منهم يصر على طلبات معينة حتى يوقع على مسودة القانون لتقديمه إلي
مجلس الشعب بتشكيله الجديد أواخر هذا العام وهكذا تسير الازمة من مواجهة بين الكنيسة والدولة إلى مشكلة داخل الكنيسة العامة (بأختلاف طوائفها)
وعلى الجانب الاخر نجد العديد من الاقباط يتظاهرون منددين بالقانون المقترح ومطالبين بأحقيتهم فى التطليق والزواج كيفما يريدون.
ووسط هذا الجو المشحون والملتبث والاحداث السريعة المتلاحقة والازمات التى تواجها الكنيسة سواء مع الدولة أو داخلها نجد أن هناك سوالاً أو حقيقة غائبه وسط هذا الزخم لم يتناولها الكثيرين بل يركز الكثيرون على ازمة الزواج لمن طلقتهم المحكمة والسؤال هو
كيف يتم الزواج أصلا؟؟
أرجو أيها القارئ العزيز الا تتهمنى بالسطحية أو بالفلسفة الغير مبررة دون أن تشاركنى التفكير قليلاً للاجابة عن هذا السؤال
دعنا نتخيل أننا بصدد بناء مبنى عملاق ولم نُحسن وضع اساس يتناسب مع حجم المبنى المزمع بناؤه من حديد واسمنت…….إلخ وتم البناء وبعد عدة سنوات قليلة اكتشفنا ان هذا المبني يتعرض لازمة كبيرة وأنه على وشك الانهيار فالسؤال البديهى الذى يجب أن نسأله والاستنتاج المنطقى الذى يجب أن نستنجه هو ان المبنى العملاق لم يتم توفير اساس قوى له وان ذلك هو السبب الحقيقى لحتمية انهياره.
وهكذا عزيزى القارئ نجد ان المشكلة الاساسية لمفهوم الزواج المسيحى هى كيف يتم الزواج وبأية مفهوم وبأية مرجعية وأى تعليم يتأسس عليه وعندما نجد أجابة على هذا السؤال نستطيع ان نجد حلا لهذه الاشكالية فالكنيسة تصر على ان أية زيجة تتم داخلها هى بالضرورة مؤيدة من عند الله ومختومة بالروح القدس ومن ثم فان ما جمعه الله لا يفرقه انسان وهذا أسقاط لا صحة له فليس كل زيجة تتم داخل الكنيسة هى مؤيدة من الروح القدس وهذا لايعنى اننى مؤيد للطلاق فأنى مع النص الكتابى قولاً وفعلاً بأنه لا طلاق إلا لعلة الزنا ولكن حيث اننا نريد تطبيق صحيح الكتاب المقدس فبالاولى ان نطبقه كفكر ايضاً لكيفما يكون الزواج كما ارده الله لاولاده.
فالكتاب المقدس يعلن للمؤمنين أنه لاشركة بين النور والظلمة ولا تكونوا تحت نير الغير مؤمنين وليس المقصود بغير المؤمنين هم أصحاب الاديان الاخرى ولكن المسيحيين الاسميين الذين ليس لهم علاقة و عشرة يومية حياتية مع الله ، فعندما أصبح أبناً او بنتاً لله وأكرس حياتى له وعندما أقرر الارتباط ولان الله هو أبى الروحى واصلى له طالباً منه ارشاد روحى فى اختيار شريك حياتى وأصلى وأصوم من اجل هذا الامر فان الله يتدخل ويرشدنى نحو اختيار الشخص المناسب ولنا مثال فى ذلك أبونا اسحق عندما صلى له أبونا ابراهيم طالباً زيجة لاسحق من عند الله فرتب الله سيناريو إلهى لكى يتقابل اسحق مع رفقه.
وقد تسألنى أيها القارئ العزيز السؤال الاتى: وهل الزيجة المؤيدة من الله لا تتخللها أية مشاكل؟ فالاجابة هى ان هناك اختلاف كبير كالاختلاف بين الارض والسماء فى طريقة تعامل الزوجين الذين ليس لهما علاقة مع الله سوى علاقة شكلية مظهرية وبين الزوجين الذين لهما علاقة حقيقة مع الله.
فالاولى نجد ان بيتهما مبنى على الرمل تعصف به أية رياح أما الثانية فمحبة الله التى تغمر قلبيهما قادرة على التغلب على أية مشكلة وهم فى ذلك يتبعوا قول الكتاب المقدس " مقدمين بعضكم بعض في الكرامة "
فالرب يسوع المسيح عندما قال انه لا طلاق إلا لعلة الزنا لم يقل ذلك تقيداً للحريات أو لأنه ضد حقوق الانسان فحاشا ان يكون الامر كذلك ولكن لان الرب يسوع اعطى الطريق الصحيح لكيفما يكون الزواج والانسان فى كل الاحوال مخير.
لذا فان الدور التعليمى للكنيسة لابد ان يتعاظم وان يكون هناك تعليم حقيقى مستمد من الكتاب المقدس عندها تكون الكنيسة قد وضعت يدها على الحل الحقيقى., فحتى لو نجحت الكنيسة فى اصدار هذا القانون الموحد ولم تؤدى دورها التعليمى كما يريده الرب يسوع فان المشكلة سوف تتعاظم وسوف تكثر حالات انتهاء العلاقة الزوجية فالحل ليس فى اصدار القانون فقط ولكن الحل فى تعليم مسيحى حقيقى مفتقد بشدة فى هذه الايام ، هذه هى الحقيقة الغائبة وسط هذه الاحداث الملاحقة .
فهى تعى الكنيسة تلك الحقيقة ؟
أصلى لذلك من كل قلبى...
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=19716&I=488