منير بشاي
تواترت إلينا أخبار آتية من مصر تبشر بتغييرات وشيكة الحدوث فى الملف القبطى وبالتحديد فيما يتعلق بإلغاء خانة الديانة فى البطاقة القومية وإقرار القانون الموحد لبناء دور العبادة.
ومصدر الأخبار كما أعلنتها الصحف كان أحد الجماعة التى إنتهجت لنفسها طريقا خاصا بعيدا عن الإجماع القبطى أدى بهم إلى الإرتماء فى أحضان النظام المصرى. وكان يحاول أن يبرهن صدق نظريته أن أى تحسين فى أحوال الأقباط لن يتحقق إلا من داخل مصر وعن طريق التفاوض مع الحكومة المصرية. وها هى النتائج قد أتت – حسب زعمه- لتثبت صدق نظريته .
وبعيدا عن إعتبارات الغالب والمغلوب فى الأمر، وما إذا كان هذا سيجعل هذا الفريق أنه المنتصر وسنبدو نحن الذين نعارضهم أننا الخاسرون، ولكن إذا كانت القضية القبطية هى المنتصرة، فمرحبا بالهزيمة وتحية من القلب لكل من يستطيع أن يحقق لأقباط مصر شيئا من حقوقهم المهدرة.
ولذلك فشعورى شخصيا لدى سماعى الخبر كان إحساسا بالسعادة ممزوجا بالحذر. فقد علمتنى الأيام وبالذات فى التعامل مع النظام المصرى أن أتصرف مثل توما فلا أصدق ما أقرأ أو أسمع ولكن أنتظر الدليل والبرهان، وإن لم أرى يعينى وألمس بأصبعى فلا أؤمن. كذلك تعلمت من ثقافة البلاد التى نعيش فيها مثلا صادقا يقول:
. If it is too good to be true, it is probably not true
ومعناه (إذا كان الخبر طيبا جدا بدرجة تجعلك تشك فى صدقه فالإحتمال الأكبر أنه غير صادق). ناهيك أنه لم تمض ساعات حتى أصابتنا خيبة الأمل من جديد وأدركنا أن الخبر ليس له أساس من الصحة. وأن التغيير الوحيد الذى تم إدخاله على البطقة القومية هو بالنسبة للبهائيين وهو وضع شرطة مكان الديانة بالنسبة لهم لأن الدولة لا تعترف بديانتهم ولذلك لا تريد وضع ديانتهم فى بطاقاتهم القومية.
والغريب أن مشكلة الأقباط تبدو حسب الظاهر أنها عكس مشكلة البهائيين فالبهائيون يشكون من عدم إعتراف الدولة بعقيدتهم ويريدون إثبات عقيدتهم فى البطاقة القومية. أما الأقباط فتعترف الدولة بهم كمسيحيين وتصر على إثبات هذا فى بطاقتهم القومية ولكن الأقباط يريدون إلغاء هذه الخانة لأنها كانت سببا فى التحيز ضدهم. ولكن سواء ألغيت هذه الخانة الخاصة بالديانة أم ظلت سارية المفعول فما علمناه هو أن رقم البطاقة القومية نفسه يوضح ذلك التمييز بما لا يعطى مجالا للبس فيقال أن رقم المواطن المسلم يبدأ ب ١ ورقم غير المسلم يبدأ ب ٢ ولا أدرى إذا كان هذا إشارة إلى تقسيم المواطنين إلى درجات فهناك مواطنون من الدرجة الأولى ومواطنون من الدرجة الثانية. وحتى لو حذفت هذه الخانة فلا يوجد ضمان لعدم التحيزضدهم فهناك أشياء عن طريقها يمكن معرفة ديانة الشخص مثل إسمه وأحيانا ملامحه. والذى يريد أن يعرف هذا الإمر لن يغلب وسيلة فى معرفتها وحتى إن أمكن إخفاءها فترة فلا يمكن إخفاءها للأبد.
أما موضوع صدور القانون الموحد لبناء دور العبادة فيبدو أنه كان (بمبة) أو فرقعة فى الهواء مثل الكثير من الفرقعات التى تعودنا عليها وكان هدفها ليس إلا إحداث صوت ولكن دون مفعول.
أذكر أنه من حوالى 10 سنوات تكاثرت الأخبار عن إحتمال صدور قرار بإلغاء الخط الهمايونى. ثم جاء خبر فى إحدى الصحف الصغيرة يؤيد نفس هذا المعنى. وإذ بناشط قبطى يأخذ الخبر دون أن يتحقق منه ويصدر تصريحا صحفيا (Press Release ) وبه عنوان بالبنط الكبير يقول: حصاد السنين، يزف به هذا الخبر السار للشعب القبطى. ولكن كل هذا تغير فى لمح البصر بعد تصريح مبهم للرئيس مبارك قال فيه: أن مثل هذه القوانين (يقصد الخط الهمايونى) ضرورية حتى لا يستغل الأمر المتشنجون (من الطرفين) لإحداث فتنة. وحتى هذا اليوم ما زلت لا أفهم معنى كلمة (الطرفين) وما هو إحتمال أن يستغل المتشنجون من الطرف القبطى إلغاء الخط الهمايونى لإحداث فتنة فى البلاد!!
.
ليس معنى هذا أننى أستبعد أحتمال حدوث أى تغيير على الإطلاق. فالسلطة ومعها جهازها الإعلامى قد أثبتوا أنهم عباقرة فى اللعب بالكلمات، فى إستعمال عبارات توحى بالتغيير ولكنها حقيقة لا تغير من الواقع شيئا. ولذلك فأنا متحفظ حتى إذا صدر قانون موحد لبناء دور العبادة. فالذى يهمنى ليس القانون ولكن ما إذا كان هذا القانون هدفه هو التغيير الحقيقى، أى إصلاح الغبن، وليس مجرد كلام.
هل تذكرون مبدأ المواطنة فى البند الأول من الدستور؟!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1946&I=53