بقلم: مأمون فندي
ما رأيك في حكاية الصحف الخاصة وثورة الإعلام الجديدة التي تبث من الفتاوى إلى الأغاني إلى «التوك توك شو»؟ سألت عجوزا قرويا عاديا في جلسة سمر في قريتنا في الصعيد معروف بخفة ظله وروحه العالية، فجاء رده أفضل من ردود أساتذة علم الاجتماع في تشريح الظواهر الاجتماعية: الحل هو ربط الفتاوى والصحف بإدارات المرور. فقلت له كيف؟ أجاب:
عندما تذهب إلى إدارة المرور للحصول على رخصة قيادة، هناك تقسيمات واضحة، هناك رخصة ملاكي أي رخصة شخصية تسوق بها سيارتك وسيارة عائلتك فقط، وهناك رخصة أجرة يحق لك من خلالها نقل الآخرين، وهناك رخصة نقل عام تجيزك أن تسوق أوتوبيسا أو شاحنة نقل. هذا القانون يجب أن يطبق على الفتاوى وعلى ترخيص الصحف وعلى برامج التلفزيون. ولو كان عندي تليفون حسني مبارك لقدمت له هذه النصيحة التي تفك البلد من الضيق والتيه الذي هي واقعة فيه.
«ولكن حتى الآن لم أفهم هذا الربط بين المرور والفتاوى والصحف.. يا ريت تختصر الموضوع وتفهمني ماذا تقصد بتحويل الفتاوى من إدارة الأزهر إلى إدارة المرور» قلت للعجوز.
شوف يا سيدي، زي ما السيارات تأخذ رخصة ملاكي، نمنح من يحفظ أجزاء «عم» و«تبارك» و«قد سمع»، أي ثلاثة أجزاء من القرآن ومائتي حديث، يحصل على رخصة ملاكي للفتوى، فيحق له أن يعظ ويفتي في بيته، يصلح من حال أولاده وزوجته وأقاربه من الدرجة الأولى. أما إذا «ظبطناه»، أي أمسكنا به، متلبسا بالوعظ والفتوى خارج هذه الدائرة الصغيرة من الأقارب، أعطيناه مخالفة، وإذا أمسكنا به مرة أخرى مخالفا أعطيناه الإنذار ما قبل الأخير/ كارت أصفر يعني زي بتوع الكورة. أما إذا أمسكناه مرة ثالثة يفتي خارج بيته، أعطيناه الكارت الأحمر وسحبنا منه رخصة الفتوى تماما.
وما هي المؤهلات المطلوبة للمفتي العام الذي له الحق في الإفتاء لكل الناس؟ سألت العجوز. قال: المفتي العام يجب أن يكون مشهودا له بالسيرة الحسنة ورجاحة العقل، وأن يكون حافظا للقرآن كله ويجيده ترتيلا وتجويدا، كما أنه يجب أن يكون حافظا لصحيح البخاري من الأحاديث، ويجب أن يخضع لامتحان كل عامين مثل سائقي الأوتوبيس، فإذا رسب في الامتحان، تسحب منه الرخصة حتى يعاود حفظ المطلوب. ومن هنا أقول لك إنه لا بد من ربط الفتوى بقوانين المرور. المشكلة اليوم في بعض الذين يفتون هي أنهم كمن لديهم رخصة ملاكي أو رخصة قيادة جرار زراعي فقط، ومع ذلك يريدون أن يسوقوا الأوتوبيسات العامة غير مبالين بالخطر الكبير الذي يمكن أن يلحقوه بالبشر الذين يصدقونهم ويتبعونهم. حالة فوضى في المرور وفي الفتاوى.
وماذا عن الصحف الخاصة وبرامج التوك توك شو؟ كيف نربط هؤلاء بإدارة المرور؟ سألت العجوز وعلى وجهي ابتسامة شجعته، فقال:
شوف يا دكتور بعض الناس الذين لديهم برامج اليوم وتملأ الدنيا صياحا، من حيث الثقافة والتعليم لا يصلحون حتى لسواقة سيارة ملاكي ولا حتى جرار زراعي.
ولكن ألا يجب أن نمنح هؤلاء المذيعين ومقدمي البرامج وضيوفهم فرصة؟ سألته، فأجاب:
نمنحهم فرصة ولكن بنفس طريقة السواقة، يعطى الواحد منهم فرصة واثنتين ويطرد في الثالثة إذا ما استمر فاشلا. يا دكتور البلد مليانة ناس، هو مفيش غير سواقين «التوك توك» دول في البلد؟
وماذا عن الصحف؟
الصحف أيضا يجب أن ترتبط بإدارة المرور، لأن هناك صحفا لا تصلح إلا كمنشور يوزعه الصحافي على أهل بيته وأصدقائه، فليعطوه رخصة ملاكي ويخلصونا، أما أن تمنح هذه الصحف رخصا وكأنها لإعلام الناس والشأن العام، فهذا كمن يسمح لسائق جرار زراعي بأن يقود أوتوبيسات النقل العام. هذا مخالف لقوانين المرور. الفتاوى وبرامج «التوك توك شو» والصحف في مصر لا بد أن يطبق عليها ما يطبق في إدارات المرور. المرور هو الحل، هكذا قال العجوز.
نقلا عن الشرق الأوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=19285&I=476