إيهاب شاكر
بقلم: إيهاب شاكر
آثار حكم المحكمة الإدارية العليا جدلاً كبيرًا بخصوص الزواج الثاني في المسيحية، لذا رأيت أن أشارككم بما درسته وأفهمه من كلمة الله -الكتاب المقدس- حول موضوع الطلاق وأسبابه، خصوصًا أنني أخدم في الكنائس وأعظ بكلمة الله، فوجدت لزامًا علي أن أتحدث في الموضوع على قدر ما فهمت وتعلمت من رجال الله الدارسين والضالعين في الكتاب المقدس.
َرُبَّما كانَ مَوْضوعُ الطَلاقِ مِنْ أكْثَرِ المَواضيعِ إثارَةً لِلْجَدَلِ عِنْدَ مُعَلِّمي الكِتابِ المُقَدَّس، لا سِيَّما وَأنَّ هُناكَ الكَثيرُ مِنَ الاخْتِلافاتِ في تَفْسيرِ ما يَقولُهُ الكِتابُ المُقَدَّسُ بِهَذا الصَدَدِ.
فَلا يُمْكِنُنا أنْ نَقولَ إنَّهُ لا تُوْجَدُ أُسُسٌ لِلْطَلاقِ، رُغْمَ أنَّ هَذا كانَ قَرارًا بالإجْماعِ لَدى الكَنيسَةِ قَبْلَ نَحْوِ مائَةِ سَنَةٍ ،عَلى الرُغْمِ مِمّا تَقولُهُ كَلِمَةُ اللهِ حَوْلَ هَذا المَوْضوعِ.
لَقْد قامَ الرَّبُّ "يَسوع" بِتَوْضيحِ أمْرَيْنِ فِيما يَتَعَلَّقُ بِمَوْضوعِ الطَلاقِ: (1) مُوسى سَمَحَ بالطَلاقِ بِسَبَبِ قَساوَةِ قَلْبِ الشَعْبِ. (2) هُنالِكَ سَبَبٌ واحِدٌ فَقَطْ لِلْطَلاقِ ألا وَهْوَ الخِيانَةُ الزَوْجِيَّةُ مِنْ قِبَلِ الزَوْجِ أوِ الزَوْجَةِ.
لاحِظْ ما قالَهُ الرَّبُّ "يَسوع" بِحَسَبِ (إنْجيلِ مَتّى19:3-5): "وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْـثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا".
إنَّ الرَّبَّ يَسوع يَرْجِعُ إلى البِداياتِ، إلى وَقْتِ الخَلْقِ، حِيْنَما أقامَ اللهُ عَهْدَ الزَواجِ، ثُمَّ تَقولُ الآياتُ (مَتّى19:6-8): "إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدًا وَاحِدًا، فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ، قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» قَالَ لَهُمْ: إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ، وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا".
ثُمَّ يَذْكُرُ الرَّبُّ "يَسوعُ" السَبَبَ الوَحيدَ الذي يُبيحُ الطَلاقَ فِيَقولُ في (مَتّى19:9): "وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِــي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِــي".
وَمِنَ المُدْهِشِ كَيْفَ أنَّ التَلاميذَ أعْقَبوا ذَلِكَ التَصْريحَ بِسُؤالٍ: ".. «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» " (مَتّى19:10)، بِعِبارَةٍ أخْرى، إنْ كانَ الأمْرُ بِهَذا التَعْقيدِ، أيْ إذا كانَ هُناكَ سَبَبًا واحِدًا فَقَطْ مُوْجِبٌ لِلْطَلاقِ، فَرُبَّما كانَ مِنَ الأفْضَلِ لِلْمَرْءِ أنْ لا يَتَزَوَّجَ أصْلاً".
ثُمَّ شَرَحَ الرَّبُّ "يَسوعُ" عَنِ الحُرِيَّةِ التي نَتَمَتَّعُ بِها فَقالَ: "لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ" (مَتّى19:11-12).
هَذا يَعْني أنَّهُ لَيْسَ لِزامًا عَلى الجَميعِ أنْ يَتَزَوَّجوا، فَالعُزوبِيَّةُ لَيْسَتْ خَطيئَةً بأيِّ حالٍ مِنَ الأحْوالِ، فَهُناكَ أشْخاصٌ لا يَحْتاجونَ لِلْزَواجِ لأنَّهُمْ وُلِدوا خِصْياناً، وَهُناكَ أشْخاصٌ تَمِّ خَصْيُهُمْ عَلى يَدِ أناسٍ آخَرينَ -كَما كانَ حالُ "دانيالَ" في بَلاطِ نبوخَذنَصَّر- فَقَدْ كانَ هَذا الأمْرُ مَفْروضًا عَلى "دانيالَ" وَرِفاقِهِ مِنْ أجْلِ جَعْلِهِمْ أكْثَرَ طاعَةً لِلْمَلِكِ، كَما أنَّ هَذا الأمْرَ مَكَّنَهُمْ مِنْ تَكْريسِ وَقْتٍ أطْوَل لِلْدِراسَةِ.
وَهُناكَ مَنْ يَخْصونَ أنْفُسَهُمْ لأجْلِ مَلَكوتِ السَماواتِ، فَهُناكَ رِجالٌ لَمْ يَتَزَوَّجوا كَيْ يَخْدِموا المَسيحَ والكَنيسَةَ، وَمِنَ الرائِعِ أنْ يَتَمَكَّنَ الرَجُلُ أوِ المَرْأَةُ مِنَ القِيامِ بِذَلِكَ. لَكِنَّ المُهِمَّ في الأمْرِ هُوَ أنْ نَعْرِفَ أنَّ اللهَ أعْطانا حُرِيَّةَ الزَواجِ أوْ عَدَمَ الزَواجِ.
لَكِنْ إذا اخْتارَ المَرْءُ أنْ يَتَزَوَّجَ فَيَنْبَغي عَلَيْهِ أنْ يَعْلَمَ أنَّ هَذا سَيَكونُ التِزامًا طَوالَ عُمْرِهِ، فالعِلَّةُ الوَحيدَةُ التي تُبيحُ الطَلاقَ هِيَ زِنا أحَدِ الشَريكَيْنِ.
في أيّامِ الكَنيسَةِ الأولى، أُثيرَ مَوْضوعُ الخِيانَةِ الزَوْجِيَّةِ -هَذا في كَنيسَةِ كورُنْثوس- فَقَدْ كانَتِ الكَنيسَةُ تَضُمُّ أناسًا مِنْ خَلْفِيّاتٍ دِينِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَكانَ هُناكَ أزْواجٌ اقتَرَنوا بِبَعْضِهِمْ البَعْض حينَما كانوا وَثَنِيّينَ، ثُمَّ صارَ أحَدُهُما مَسِيحِيّاً، فَكَيْفَ سَتَكونُ العَلاقَةُ بَيْنَهُما بَعْدَ أنْ صَارَ أحَدُهُما مَسيحِيّاً؟
يَقولُ الرَسولُ "بولُسُ" بِهَذا الصَدَدِ في (1كورنثوس7:10-11): "وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ، فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ، أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا، وَإِنْ فَارَقَتْهُ، فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا، وَلاَ يَتْرُكِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ".
فَإنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ وامْرأةٌ حينَما كانا وَثَنِيَّيْنِ، ثُمَّ صارَ أحَدُهُما مُؤْمِنًا بالمَسيحِ، فَلا يَنْبَغي عَلى المَسيحِيِّ أنْ يَتْرُكَ شَريكَ حَياتِهِ، وإنْ فارَقَ المُؤْمِنُ شَريكَهُ غَيْرَ المُؤْمِنِ، فَيَنْبَغَي عَلَيْهِ أنْ يَبْقى دُونَ زَواجٍ أوْ أنْ يَرْجِعَ إلى شَريكِهِ ثانِيَةً.
ثُمَّ يَقولُ الرَسولُ "بولُسُ" في الآياتِ (1كورنثوس7:12-15): "وَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا، لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ، فَلاَ يَتْرُكْهَا، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ، وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا، فَلاَ تَتْرُكْهُ. لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ. وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ، وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ. وَلكِنْ إِنْ فَارَقَ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، فَلْيُفَارِقْ. لَيْسَ الأَخُ أَوِ الأُخْتُ مُسْتَعْبَدًا فِي مِثْلِ هذِهِ الأَحْوَالِ، وَلكِنَّ اللهَ قَدْ دَعَانَا فِي السَّلاَمِ".
رُغْمَ أنَّ الرَّبّ "يَسوع" قالَ إنَّ الخِيانَةَ الزَوْجِيَّةَ هِيَ المُبَرِّرُ الوَحيدُ لِلْطَلاقِ، إلاّ أنَّ الشَريكَ غَيْرَ المُؤْمِنَ قَدْ يَرْغَبُ في تَرْكِ شَريكِهِ المُؤْمِنِ، فَبَعْدَ أنْ يُؤْمِنَ أحَدُ الشَريكَيْنِ، قَدْ يَقولُ لَهُ شَريكُهُ: "أنا لا أُحِبُّ هَذا التَرْتيبَ، فَقَدْ باتَتِ الأمُورُ مُخْتَلِفَةً الآنَ عَنِ السابِقِ، لِهَذا، سَوْفَ أتْرُكُكَ".
في مِثْلِ هَذِهِ الحالَةِ، يَقولُ الرَسولُ "بُولُسُ" إنَّهُ يَنْبَغي عَلى الشَريكِ المُؤْمِنِ أنْ يَسْمَحَ لِشَريكِهِ بِأنْ يُفارِق. وَفي هَذِهِ الحالَةِ، سَواءٌ تَزَوَّجَ الشَريكُ غَيْرُ المُؤْمِنِ أمْ لا، فَأعْتَقِدُ أنَّهُ يُمْكِنُ لِلْشَريكِ المُؤْمِنِ أنْ يَتَزَوَّجَ ثانِيَةً.
حِينَما قَالَ الرَسولُ "بولُسُ": "لَيْسَ الأَخُ أَوِ الأُخْتُ مُسْتَعْبَدًا فِي مِثْلِ هذِهِ الأَحْوَالِ"، فَما الذي قَصَدَهُ بالاسْتِعْبادِ هُنا؟ إنَّهُ يَعْني عَهْدَ الزَواجِ.
وَحينَما يَقولُ: "وَلكِنَّ اللهَ قَدْ دَعَانَا فِي السَّلاَمِ" فأعْتَقِدُ بأنَّهُ يَعْني أنَّ اللهَ لا يُطالِبُ أيَّ رَجُلٍ أوِ امْرَأةٍ أنْ يَعيشا في جَحيمٍ في مَنْزِلِهِما، فَإنْ وَجَدَ الرَجُلُ أوِ المَرْأةُ أنَّهُما لا يَسْتَطيعانِ التَعايُشَ مَعًا، وأنَّهُما يَتَشاجَرانِ دَوْمًا مِثْلَ القِطَطِ والكِلابِ، فَرُبَّما كانَ الانْفِصالُ أفْضَلَ لِكِلَيْهِما، لَكِنْ لا يُمْكِنُ لأيٍّ مِنْهُما أنْ يَتَزَوَّجَ ثانِيَةً، فَمُشْكِلَتُهُما لَيْسَتِ الطَلاقَ، بَلِ الزَواجُ.. لِهَذا، لا يَنْبَغي عَليْهِما أنْ يَتَزَوَّجا ثانِيَةً.
لَقَدْ دَعانا اللهُ إلى السَلامِ؛ لِهَذا، لا يَنْبَغي أنْ يَكونَ المَنْزِلُ ساحَةَ قِتالٍ، بَلْ أنْ يَكونَ عُشًّا زَوْجِيًّا جَميلاً مَليئًا بالمَحَبَّةِ.
البَيْتُ المُفْعَمُ بالمَحَبَّةِ هُوَ صُورَةُ اللهِ المِثالِيَّةِ لِلإنْسانِ، فَمُنْذُ البَدْءِ، لَمْ يَقْصِدْ اللهُ أنْ يَكونَ هُناكَ طَلاقٌ، لَكِنْ بِسَبَبِ خَطِيَّةِ الإنْسانِ، سَمَحَ اللهُ بِذَلِكَ، قَدْ تَقولُ: "حَسَناً، لَكِنَّ الطَلاقَ خَطيئَةٌ في حَدِّ ذاتِهِ!" هَذا صَحيحٌ، كَذَلِكَ القَتْل، لَكِنَّ القاتِلَ يُمْكِنُ أنْ يَخْلُص. وَفي الحَقيقَةِ، حينَما صُلِبَ الرَّبُّ يَسوع، صَلْبوا شَخْصًا خاطِئًا عَنْ يَمينِهِ وآخَرَ عَنْ شِمالِهِ؛ وَقَدْ خَلَصَ أحَدُ هَذَيْنِ الشَخْصَيْنِ لأنَّهُ آمَنَ بِيَسوع، فَحينَما ماتَ يَسوعُ المَسيحُ عَلى الصَليبِ، ماتَ عَنْ جَميعِ الخَطايا.
فاللِّصُ الذي كانَ مَصْلوباً مَعْ يَسوع كانَ لِصّاً وَقاتِلاً أيْضًا، لَكِنَّ إيْمانَهُ بالمَسيحِ وَبِدَمِهِ المَسْفوكِ قَدْ خَلَّصَهُ، وَهَكَذا، يُمْكِنُ لِلِّصِّ أنْ يَخْلُصَ، وَيُمْكِنُ لِلْشَخْصِ المُطَلَّقِ أنْ يَخْلُصَ أيْضًا، لِهَذا.. لا يَنْبَغي أنْ نَضَعَ الطَلاقَ في فِئَةٍ خاصَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ بَقِيَّةِ الخَطايا.
القارئ العزيز، في القديم رأى الله شعبـَه محصورًا بين العدو والبحر كما يقولون، وكانت النجاسة تحيط بهم من كل اتجاه، واليوم نحن نعيشُ في قلبِ ثورةٍ جنسيةٍ عارمة، ولا جديدَ نراه في كلمة الله في ما يتعلق بهذا الموضوع؛ بسبب هذه الخطايا طردَ اللهُ الشعوبَ من الأرض، كانوا يعجّون بالأمراض الجنسية السارية ولم يحتملِ اللهُ ذلك، كان يجب على الله أن يطردَهم من الأرض التي هو مالكُها لأنهم لا يدفعون الإيجار، هكذا نحن، نعيشُ على أرضٍ لا نمتلكُها، ثم يكررُ الرب التحذير لشعبه بعدم التمثل بالشعوب التي تمارسُ هذه الخطايا.
يجب الحفاظ على أرض الله مقدّسة ليغطي البرُّ الأرض، الأمرُ منوطٌ بك أن تحيا كما تريد، ولكن هذا لا ينفي الحقيقة بأن الله هو الذي يضعُ القوانين ويسنُّ الشرائع، وكسرُ الوصايا العشَر مثلاً أمرٌ خاطئ لأن اللهَ يقولُ ذلك، وإذا استطعتَ أن تخلقَ عالمًا خاصًا بك بما فيه من فلك ونظامٍ شمسي، عندها تستطيعُ أن تسنَّ عشْرَ وصايا خاصة بك.
ولكن بما أنك الآن تحيا في عالمِ الله وتتنفّسُ هواءه وتستدفئُ بشمسه وتشرب من مياهه وتمشي على أرضه، دون أن تدفعَ الإيجارَ حتى، فعليك أن تحيا بحسب وصاياه، وإذا كسرنا هذه الوصايا علينا أن ندفعَ ثمنَ ذلك، ليس أمام القضاء البشري بل أمام القضاء الإلهي يومًا ما.
إن كلمةَ الله وحدها كانت فصلَ الخطاب في كل موضوعٍ يمرُّ على الضمير البشري، ولا يجوز استئنافُ الحكمِ الصادر منها أبدًا، ومتى نطق الله فعلى القلب أن يخضعَ لذلك النـُطْق السامي، إن كثيرين يعتبرون شخصًا هذه صفاتـُه متعنـّتاً ومتصلّفاً، ولكن لو تأمّلها أحدُهم لضرب بها عرضَ الحائط، لأن الخضوعَ لكلمة الله لا يـُقال عنه تعنتاً واحترامَ الوحي لا يـُعتبرُ تصلُّفاً، والإذعان لكلام الله لا يـُحسَبُ تعصّباً.
يا لها من مبادئ سامية تعبـّر عن الحرية المسيحية الحقة، حرية لا شأنَ لها مع الخطية على الإطلاق بل تمتـّع بلذة العيشة في القداسة العملية والآداب المسيحية. ليـُعطِنا الرب أن نتمتع بها أكثر فأكثر لمجد اسمه المبارك.
http://www.copts-united.com/article.php?A=19267&I=476