بين النقاب في فرنسا والزواج الثاني في مصر

محمد وجدي

بقلم: الهاجري
قامت مظاهرة إسلامية في فرنسا ضد حظر النقاب .. وقد شارك فيها العدد الكبير من المسلمين ، وكانت الاستياءات ظاهرة من التعنت الفرنسي تجاه حقوق الأقليات وعدم السماح لهم بممارسة شعيرة من أهم شرائعهم
 
" رغم الاختلاف المعروف في فرضية النقاب .. بل ووصل التصريح من كثير من رجال الدين والمجتهدين المسلمين بحرمة النقاب " .
 
تلك الصورة المعروفة ، والتي طالت كثيرا ً من البلدان الأوربية بسبب النقاب ، وفي أحيان أخرى الجهر بالأذان في الميكرفونات يجعل الظن للمرء يقوده إلى أن المسلم يعلم تمام العلم أنه  من العبث ومن غير العادل التدخل في شئون الأقليات أو عدم السماح لهم بممارسة شعائرهم .
 
ولكن العكس هو الحاصل ... إذ أن الدولة المصرية القائمة على نص " تخين أوي " أن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي من مصادر التشريع أصدرت حكمها القضائي الذي أعلنت به بكل صراحة أن " الدين عند الله وعندنا هو الإسلام واللي مش عاجبه يشرب م الحمام " وأن شريعة الإسلام شريعة لكم يا أقباط مصر .
 
وليس هذا الكلام كلاما ً ملقى على عواهله ... بل ما حدث من حكم قضائي برئاسة المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ينفي مرجعية الكنيسة في أمور الأحوال الشخصية للمسيحيين ويعلن بكل صفاقة أن الديانة الرسمية للدولة هي الإسلام حتى ولو ادعى البعض من قلة فاسدة منحرفة متآمرة عميلة صهيونية راديكالية امبريالية توسعية " إلى آخر تلك الأوصاف التي تذخر بها أفواه الأصوليين وأذيالهم في كل مناسبة " وأن الوجود المسيحي هو وجود ملزم بالسماح الإسلامي ليس إلا .. ولذا يجب أن يفيق الأقباط وينسوا ما يطالبون به في بعض الأوقات من حق المسيحي المرتد العودة لمسيحيته وتغيير أوراقه أو حق التبشير أو بناء الكنائس أو أو ...
ومن العجيب والعجاب أن صمت السلطة المصرية وعدم خروج تصريح رئاسي تجاه الأزمة يعني بكل بساطة الرضا عن الحاصل ، وموافقته على الرسالة الضمنية التي تم توجيهها في صراحة لمجموع أقباط مصر ... بل وتذكير لأكبر سلطة كنسية أن ما حدث في عهد السادات يمكن أن يحدث بنفس الصورة وبأبشع منها لك لو لم تعد أدراجك وتكتفي بما نلقيه لك من فتات الحقوق .
 
وتلك القراءة المتطرفة للوضع الاجتماعي والديني في مصر تغض الطرف عن القراءة المتسامحة التي كانت الحكومة تروج لها سابقا ً من أن الإسلام يبيح لأهل الكتاب الحكم بشريعتهم والتطرق للإنجيل في أحكامهم ، وما أكثر النصوص القرآنية التي كان يتم الترويج لها من أن " ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " ، والتفسير الملائم الذي يعلن أن المسيحية تشريع سماوي ومن حق النصارى الحكم بشريعتهم .. أما الآن فالصورة تتداعى مرة أخرى وفي صياغة جديدة قائلة بأن الإنجيل المحرف ليس هو الذي دعا القرآن لتحكيمه بين أهل الكتاب !!!!!!!!!!
ومما يدعو للريبة أن كل ردود الفعل الإسلامية كانت في صورة إعلان استغرابها من عدم احترام الكنيسة لأحكام القضاء .. وكأنه لو صدر الآن حكم قضائي يلزم المسلم بعدم الزواج بأكثر من واحدة فإن المسلم سوف يوافق عليه ويرضخ له .
 
إن تمرير مثل هذا القانون ورضاء الكنيسة به هو خطة وبداية لاستئناس الكنيسة و" أسلمتها " .. ودور الأقباط يجب أن لا يتوقف على الاستنكار المهين ... بل يجب أن يمتد لاستنكار واحتجاج ومظاهرات تمتد لتشمل مصر كلها ليعلن الأقباط للجميع أن " ما لله لله " فلا تتدخلوا فيه يا حكام مصر .. واتركوا الكنيسة بإنجيلها فهي الوحيدة التي لها حق تفسير نصوصه واستنباط الشرائع الإلهية منه " من فم الكاهن تؤخذ الشريعة " ..

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع