«التايمز» و«صنداي تايمز» تتجهان لفرض رسوم على قراء النسخة الإلكترونية

الشرق الأوسط

صحف لندن تتحدى الصورة الراهنة عن المواقع الإخبارية على الإنترنت
وقع أمر غريب لدى تفقدي موقعي «تايمز» و«صنداي تايمز» اللندنيتين الجديدين، وهو أنني تمكنت من قراءة بعض الموضوعات، ولا أقصد بهذا العناوين الرئيسة فحسب، وإنما مقالات كاملة - بل ونقدا لـ«سيكس آند ذي سيتي 2»، وهو فيلم آمل ألا أضطر لمشاهدته أبدا.

 جنيه إسترليني واحد يوميا للراغبين في القراءة والإطلاع على النسخة الإلكترونية لصحيفتي «التايمز» و«صنداي تايمز»اعتدت لدى زيارتي موقعا إخباريا على شبكة الإنترنت أن يتعرض انتباهي للتشتيت بسبب رابط لتعليقات القراء أو رسالة تخص موقع «تويتر» أو مدونة أو أي عبث آخر قبل أن أتمكن من الوصول إلى الفقرة الثالثة من أي مقال. الملاحظ أن الصحف عمدت إلى تكديس مواقعها على شبكة الإنترنت بالمزيد والمزيد من هذه العناصر سعيا لدفع الناس للاستمرار في النقر بدلا من قراءة الموضوعات، بناء على الافتراض بأن النقرات الإضافية تترجم إلى مزيد من الإعلانات.

إلا أن هذا التوجه أخفق في إثمار النتائج المرجوة، فبغض النظر عن عدد النقرات التي ادعت صحيفة ما الحصول عليها - على سبيل المثال، تدعي «تايمز» و«صنداي تايمز» أن موقعهما المشترك القديم كان يجتذب أكثر من 12 مليون زائر شهريا - بدا أن العائدات الإعلانية المتوافرة محدودة.

وعليه، تحاول «تايمز» و«صنداي تايمز»، وكلاهما ملك لـ«نيوز كورب»، تجريب أمر مختلف، ففي الشهر القادم تنوي الصحيفتان الشروع في فرض رسوم على القراء الراغبين في الاطلاع على النسخة الإلكترونية بمعدل جنيه إسترليني واحد يوميا، ما يعادل 1.45 دولار، أو جنيهين إسترلينيين أسبوعيا.

في الوقت الذي تتحدى «تايمز» و«صنداي تايمز» الفكر التقليدي السائد بخصوص شبكة الإنترنت والقائم على فكرة أن القراء سيرفضون دفع أموال مقابل الاطلاع على الأخبار العامة عبر شبكة الإنترنت، تتهاوى بعض الأسس التقليدية لتصميم شبكة الإنترنت. وبعدما تحررتا من الحاجة إلى اجتذاب محركات البحث، شرعت «تايمز» و«صنداي تايمز» في توجه جديد يتركز اهتمامه على القارئ، من شأنه تقليص العناصر المشتتة للانتباه بأقصى صورة ممكنة.

وفي تعليقه على ذلك، قال ألكسندر روس، الشريك في شركة «ويغين»، وهي شركة قانونية معنية بالحقل الإعلامي في تشلتنهام بإنجلترا: «إن هذا التوجه يقلب النموذج التجاري المتبع رأسا على عقب». الملاحظ أن خطط «نيوز كورب» لفرض رسوم على الاطلاع على محتوياتها عبر شبكة الإنترنت أثارت إشادة من خبراء مهتمين بشؤون الإنترنت. وتحمل دراسة مسحية أجرتها «ويغين» بعض الأمل، حيث أعرب خلالها 9 في المائة من مستخدمي الإنترنت البريطانيين عن استعدادهم دفع رسوم مقابل الاطلاع على النسخ الإلكترونية لـ«تايمز» و«صنداي تايمز».

ربما لا تبدو النسبة عظيمة، لكن 9 في المائة من إجمالي 21 مليونا تعني قرابة مليوني فرد.

وإذا دفع هذا العدد رسوما مقابل اطلاع على الصفحتين ليوم واحد فقط، فإن ذلك يعني أن الصحيفتين ستجنيان نحو 24 مليون جنيه إسترليني في صورة عائدات جديدة. ويتجاوز هذا الرقم بالفعل المبلغ المتراوح بين 15 و20 مليون جنيه إسترليني الذي يقدر المحللون أن الصحيفتين تجنيانه حاليا من الإعلانات.

وقال روس متحدثا عن روبرت مردوخ: «سيبلي بلاء حسنا، حتى لو خسر 95 في المائة من إجمالي حركة الإقبال على الموقع. إن الجزء الأكبر من الجمهور لا قيمة حقيقية له من المنظور الإعلاني».

في الواقع، تهتم الجهات الإعلانية بالجماهير التي تهتم بالفعل بما تقرؤه أو تشاهده، وليس بالمتصفحين لشبكة الإنترنت بوجه عام. وعليه، فإنه حتى إذا اجتذبتا أعداد أقل من الزائرين، ربما تبقى لدى «تايمز» و«صنداي تايمز» القدرة على الحفاظ على العائدات الإعلانية الراهنة.

مقارنة بمواقع الصحف التقليدية على شبكة الإنترنت، تبدو الامتيازات التي يوفرها موقعا الصحيفتين على الإنترنت للجهات الإعلانية أو محركات البحث، والتي جرى كشف النقاب عنها الأسبوع الماضي، شديدة الضآلة. ويتميز الموقعان بسهولة التحرك خلالهما وعرضهما لموضوعات وأقسام أقل عن الموقع القديم لـ«تايمز».

ويعد موقع «صنداي تايمز» الجديد لافتا للانتباه على نحو خاص مع تركيزه على الصور. ويؤدي النقر على مقال ما إلى عرضه في صندوق مختلف، مع ظهور شاشة رمادية داكنة تغطي كل العناصر الأخرى، الأمر الذي ييسر عملية القراءة.

ولا تعد جميع عناصر الموقعين قديمة، وإنما سيحظى العملاء الذين سددوا رسوم الدخول إليهما بعناصر جديدة مثل محادثات مصورة مع صحافيي «تايمز». ومع ذلك، تبقى التجربة برمتها أشبه بتصفح جريدة.

مع إعادتها النظر في الاستراتيجيات عبر شبكة الإنترنت، شرعت صحف أخرى في إقرار منتجات رقمية تشبه المطبوعة، إما على شبكة الإنترنت أو أجهزة نقالة مثل «آبل آي باد» أو «أمازون كيندل».

الجمعة الماضية، طرح «آي باد» في أسواق بريطانيا، وأقرت «تايمز» تطبيقا خاصا به مع رسوم تبلغ 10 جنيهات إسترلينية شهريا. المؤسف، أن هذه الخدمة لا تتداخل مع رسوم الاطلاع على النسخة الإلكترونية عبر الإنترنت، وبالتالي يضطر العملاء إلى دفع رسوم منفصلة لكليهما.

والتساؤل الآن: هل تستحق المواقع الجديدة وتطبيقاتها تكلفتها؟ لا شك أن تجريب المرء الدخول إلى موقع مجانا أمر يختلف تماما عن اضطراره فعليا إلى سداد رسوم. من جانبي، ما أزال بحاجة لبعض الوقت للتفكير في هذا الأمر.