نبيل المقدس
بقلم: نبيل المقدس
وقيل من طلق إمرأته فليعطها كتاب طلاق ... أما أنا فأقول لكم إن من طلق إمرأته إلاّ لعلة الزني يجعلها تزني ... ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني . متي 5 : 31 - 32 .
عندما تحدث الرب يسوع عن نظام الطلاق في الاية السابقة ... وأنا هنا اشدد علي كلمة (نظام )وليس شريعة ... لأن الرب يسوع جاء لكي لا يضع شرائع بل جاء فقط للفداء , اما قوله هذا , فقد كان يتكلم بطبيعة المحبة والتي هي اصلا طبيعته .... فقد رأي ان الشعب اليهودي يجتاز مرحلة فساد في العلاقات الزوجية , حتي كاد يصبح هذا المجتمع معرضا للإنهيار ... ولم يكن فقط الشعب اليهودي هو الذي كان يشرب من هذا الكاس ... بل ايضا الشعب اليوناني والروماني .
كان الزواج في اليهودية واجبا مقدسا , فكان الإمتناع عن الزواج بمثابة خطيئة , وكذلك كان التأخير في الزواج لكل من الرجل او المرأة غير مُستحب , لأن معني هذا أنه قلل من صورة الله في العالم و كما أنه عاند ووقف ضد مشيئة الله وشريعته. وبناء علي هذا فإن الطلاق في اليهودية كان مكروها طبقا لإعلان الله لهم في ملاخي 2 : 15 - 16 [ فإحذروا لروحكم ولا يغدر أحد بإمرأة شبابه , لأنه يكره الطلاق يقول الرب .] حتي أنه كان لديهم أقوال وأمثال فيما بينهم منها " خير لليهودي أن يموت من أن يرتكب خطية قتل أو عبادة أصنام أو زنا " وقول آخــر " إن المذبح نفسه يفيض دموعا عندما يطلق إنسان إمرأة شبابه." وهناك الكثير من هذه الأقوال والتي تشير إلي أن الطلاق والزنا هما من الخطايا التي لا يُمكن ان تغتفر . ( من تفسيرات انجيل متي للدكتور وليم باركللي.) ...!! لكن المؤسف أنه بالرغم من هذه المثاليات الجميلة عند اليهود إلاّ أنهم أساءوا تفسير الناموس والتي تمحورت حول هذه الاية والتي جاءت في سفر تثنية 24 : 1 [ إذا أخذ رجل إمرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء كتب لها طلاق ودفعه إلي يدها وأطلقها من بيته .] ... وهنا يكمن الإختلاف في تفسير العبارة التي جاءت في الآية وتقول : " وجد فيها عيب شيء " ... فهناك من قال كلمة العيب تشير إلي طهارتها وعفتها وعدم خيانتها الجنسية لزوجها ... وهناك رأي آخر يتزعمه إحد الربانيين وأسمه ( هليل ) أن أي شيء يراه الرجل في المرأة مثل عدم إجادتها الطهي , أو أهملت في إظهار جمالها , أو صار هناك عيب خلقي نتيجة حرق أو غيره , أو أصابها مرض فهو عيب ومن حقه أن يطلقها .. فإتخذ الشعب اليهودي هذه الفتاوي وطبقوها بطريقة شائعة وعشوائية , حتي أن هذا الموضوع كان حديث الناس في هذا الوقت .
هذا الموضوع ولأهميته جعل التلاميذ بأنفسهم بعد سماع وصاياه عن الزواج والطلاق يقولون له : [ إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج ... فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذي أعطي لهم , لأنه يُوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم ويوجد خصيان خصاهم الناس ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات , من يستطيع أن يقبل فليقبل . ] متي 19 : 11 - 12 . أي أن الإنسان الذي يضع نفسه تحت إرشاد روح القدس والذي يتمتع بشركة دائمة مع الرب يسوع , سوف يكتسب منه العوامل الأساسية في تكوين الشخصية المسيحية الحقيقية والتي تتصف بالتسامح والمحبة , وهما مكونتا العلاقة المثالية في الزواج .
شاهدت أخيرا برنامجا فضائيا يتكلمون فيها عن حكم المحكمة في قضية الزواج الثاني , وما يؤسفني أنني أسمع تبريرا من أحد الضيوف ومن الذين يطلقون عليهم بالمفكرين المسيحيين "والتي لا أعرف معناها حتي الان" .. يتخذ من كلمة " من يستطيع أن يقبل فليقبل " , فلو إتخذنا هذا المعيار وطبقناها علي كثير من الوصايا سوف نجد أنفسنا خارجين عن صفات الله ... فمن منا يستطيع أن يكون كاملا ... فالذي لم يستطيع أن يقبل هذه الوصية , هو هذا الشخص الذي لم يختبر قوة التغيير العجيب التي يصنعها فيه يسوع نفسه , وهذا يعني أنه لم يُولد الولادة الثانية , ولم يطلب معونة المخلص ... أي أنه يحيا الحياة المسيحية بالإسم فقط , وهذا ما يتبعونه بعض من مسيحي الغرب وامريكا ... فالكثير منهم يحسبون علي المسيحية كأعداد فقط ... فالتعاليم المسيحية بدون وجود المسيح في وسط شعبه تصير غير ممكنة . وهذا ما قصده الرب من التعبير " من يستطيع أن يقبل فليقبل " ... كما أن من المعروف أن المسيحية لا تدين , ولا تجبر شخصا علي تطبيق وصية , كل ما هنالك أن من له أذنان فلسمع .
نأتي إلي نتيجة هامة ... أن كل من يطلب الطلاق أو الزواج الثاني , من الكنيسة , يُعتبر وهم ... وليس التصريح له من الكنيسة بالطلاق أو الزواج الثاني سوف يُسر بها الله أو يقبلها ... فهذه خدعة كبيرة ... لأن الوصية مكتوبة ومنطوقة من فم الرب مباشرة ... وهي ليست حرفا كما يدعي الكثير من الذين يعارضون فكرة عدم الزواج الثاني ... بل مفهومها روحي بحت ... لا مجال فيها لصرامة الحرف أو المثل الذي يقول أن الحرف يقتل ... فمن يريد أن يتزوج , فليتفضل يتزوج خارجها ... لأنه يجب أن يعلم تماما أنه حتي ولو أعطته الكنيسة فرضا الجواز للزواج الثاني خارج الشرط المسموح به , فهو غير مُجدي , ولا يرضي بها الرب .
لكن لي رجــــــــــــاء من الكنيســــــــة ... أن لا تُحرم كل من مارس الطلاق او الزواج الثاني مدنيا بدخوله إلي الكنيسة , وبممارسة قوانينها , وبحضور الصلوات والإجتماعات , لأنه علينا أن لاندين كما أوصانا الرب ... كما علينا أن لا نبتعد عنهم ونعلن إزدرائنا لهم ... وأن نجعل ابواب الكنائس مفتوحة لهم .... كما أن قفل أبواب الكنيسة أمام هؤلاء غير مُجدي ... فما ذنب أبنائهم الذين سيحرمون من نبع الخلاص .... وهذا هو الأهم لكي لا نتركهم فريسة سهلة للغير.
فعلا خدعوك فقالوا .... الكنيسة لديها الحــِل .... !!!!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=18596&I=461