بقلم : مشعل السديري
المرأة وما أدراك ما المرأة! قالوا إنها خُلقت من ضلع عوجاء، فآمنّا بذلك وسلّمنا، وبعضهم عندما يُسأل عنها، يقول بكل كرم وأريحيّة يُحسد عليها، إنها الأم والأخت والابنة والزوجة. طيب فهمنا، وبعدين؟! لا شيء بعد ذلك.
وللأسف إنني لا أظن أن هناك امرأة في العالم ظُلمت أكثر من المرأة المسلمة، ومعها بطبيعة الحال «شرّابة الخُرج» المرأة العربية.
ولقد استمتعت حقا وتألمت بقراءة كتاب من تأليف الدكتورة لمياء باعشن بعنوان «التبات والنبات»، وهو مجرّد حكايات شعبية أخذتها من أفواه العجائز عندما كُنّ يحكين لأطفالهن قبل النوم حكايات ألّفنها تلقائيا. وتلك الحكايات ما هي إلا مجرد خيال للنفاذ من الظلام الدامس والأبواب الموصدة التي رزحن تحت جبروتها أجيالا وراء أجيال.
وتبدأ كل امرأة وأم حكايتها بـ«كان يا ما كان»، وكلها عن بكرة أبيها مجرد إرهاصات بطريقة غير مباشرة وغير واعية كذلك، ولكنّ لها مدلولا خطيرا ومؤلما وفاضحا.
مثل البنت التي عاشت نصف عمرها خوفا من الغول، ونصفه الآخر متخفّية في ثوب من الليف.
والبنت التي هربت من شراك الرجل اللئيم تتخفى في هيئة رجل قهوجي حتى تنصفها الأقدار.
والبنت التي فرت من ظلم والدها فتدثرت بثوب غطّاها من رأسها حتى أخمص قدميها.
والبنت التي حبسها والدها تحت الأرض خوفا عليها، فحفرت تحت الجدار بعظمة وزحفت إلى النور.
والبنت التي حبستها الساحرة في برج لا باب له ولا أدراج فاستنجدت «بضفائرها» مخرجا من سجنها.
أو التي صنعت لنفسها رفيقة من العجين تسلّيها، أو التي حلمت بـ«بساط الريح»، أو الحبوب الدرّية، أو «خاتم سليمان»، أو التي حلمت بالعاشق الذي سوف يأتي ويخطفها على ظهر حصانه الأبيض.
إنها حكايات وحكايات يطول شرحها، ولكن كلها إسقاطات، وأحلام، وتطلّعات، واحتجاجات، ورغبة في التمرّد والانعتاق. صحيح أنها كلها تقريبا سلبية، ولكنها على الأقل كانت نوعا من الشكوى والتعبير عن واقع الحال للمرأة المحكومة والمدقومة والمنكسرة شوكتها عبر العصور. واليوم وبعد أن وصلنا إلى نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، هل يحق لنا أن نتساءل: هل ما زالت المرأة في عالمنا العربي والإسلامي، منكسرة الشوكة؟! إنه مجرد تساؤل غير بريء.
بعد تفكير طويل ومرهق توصلت إلى القناعة التالية: أن أفضل شيء يستطيع الإنسان أن يعمله هو: أن يموت سعيدا، ويا ليتني أستطيع ذلك.
أكيد لاحظتم من الفقرة الأولى من هذا المقال أن عقلي وقلبي هما دائما مع المرأة، غير أن بعض النساء فيهن شيء من «اللعانة» - إن جاز التعبير - ولكنها لعانة محببة إلى نفسي، أنا على الأقل. مثل تلك الفتاة التي اتصلت بها أهنئها على تخرُّجها والتحاقها بوظيفة، فردّت على تهنئتي «بقواية عين» قائلة: «إنني أحب وظيفتي إلى درجة العبادة، أما الشيء الذي أكرهه، فهو العمل فقط». فرددت عليها قائلا: «إذا كان هذا هو الذي تكرهينه فقط، فالمسألة بسيطة جدا ويمكن حلها».
نقلاُ عن الشرق الأوسط
http://www.copts-united.com/article.php?A=18404&I=456