يللا يابهوات.. ولا استغلال المحلات

ميرفت عياد

بقلم: ميرفت عياد
يللا يا حضرات.. كل شيئ بجنيه.. للهانم والبيه.. خليك معايا واسمعني .. ويا ريتك تِنفَّعنِي.. دي ولاعة والعة.. لا تقوللي كهربا، ولا تقوللي شمعة.. ودي كمان سلسلة دهب.. بيها تهادي.. عشان الجو بتاعك.. يبقى راضي.. وده كمان طرطور.. عشان ابنك الأمور.. وده كمان صمغ.. يلزق في الحال.. حتى الجزم والنعال.. وده أستِك بيلِب.. يساعد على الوداد والقرب.. يللا يا بهوات.. ولا استغلال المحلات..

كل هذا وأكثر، بتسمعه فى الأُتوبيس.. وانت قاعد بالساعات تعيس.. تنتظر وصولك للمحطة.
تتسلى بالبياعين.. اللي رايحين عليك وجايين.. والحقيقة إنهم الفئة الوحيدة اللي خلتنى أحس.. إن للجنيه ابن الجنيه قيمة.. ما هو على ايديكم.. شوفوا كام حاجة تقدروا تشتروها بالجنيه "المُبجَّل"، اللي كنت فاكرة إنه فقد احترامه وكيانه..

والحقيقة إنى في يوم أخرجت صُرِّة دنانيرى.. أي نعم، بعد أن أصبح الجنيه عملة معدنية.. وليست ورقية.. لم تعد تصلح معه تلك المحافظ التي اخترعها الفرنجة.. وضحكوا علينا لمدة سنين وخلُّونا نستعملها.. لكننا عُدنا إلى جذورنا التاريخية.. وأصبحنا نحمل صُرَّة، ونضع بها دنانيرنا الذهبية.. أقصد تلك الجنيهات المعدنية.

وفي لحظة تهور وغياب عن العقل.. لإدراكي التام مدى رداءة صُنع تلك المنتجات الصينيه.. ناديت على أحد البائعين، وطلبت منه أن يعطينى تلك الولاعة التي يتحدث عنها، ويُجربها لي، لأن النور في منزلنا العامر يقطع كثيرًا.. ولعل هذا ذكَّرنِى بـ "فأر السبتية" الذي كثيرًا ما كنت أسمع عنه وأنا طفلة.. ولعل فأر السبيتة أراد زيارتنا في هذه الآونة؛ ليقرض الأسلاك من كثرة الجوع.. وهو فأر مسكين، مثل ملايين من الشعب الذين يسدون جوعهم بأي شيئ، حتى لو كان مُلقَى في صناديق الزبالة.

المهم أعطيت للبائع ذلك الجنيه العجيب، وأخذت منه الولاعة بعد تجربتها.. وبعد أن نزل البائع  من الأُتوبيس.. وفيما أنا أُعيد تجربة الولاعة عدة مرات، كُسر ذلك الزر البلاستيكي.. وضاعت الولاعة، وضاع معها ذلك "اللحلوح".. وودَّعته وأنا أتذكر، كيف كان هذا اللحلوح.. يقوت أسرة كبيرة لعدة أيام في الزمن الجميل..