"حجاج آدول" فى حوار مع "الأقباط متحدون": أحذر من إنتقاضة نوبية إذا لم نحصل على حقوقنا !

جرجس بشرى

* "مش ها نسيب حقنا أبداً، ومش ها نسكت لغاية ما نأخذ حقنا".
* أطالب بإعتذار رسمي من رئيس الجمهورية ذاته، عن المآسي  والإهانات والأضرار التي لحقت بالنوببين.
* عدد النوبيين يُقدر بأكثر من  3 مليون نوبي في "مصر" كلها، ومساحة الأراضي النوبية الصالحة للزراعة 1.5 مليون فدان.
* الشعب النوبي يتعرض للإضطهاد من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة، إضطهاد بكل ما تحمله الكلمة من معانى.
* لا مناص من تدويل قضية النوبة، طالما أن الحكومة المصرية  لم تتحرك.
* النوبيون الذين يقولون أن الحكومة حلت قضية النوبيين، هم قلة وأرجوزات الحكومة.
* كان للمهندس "عدلي أبادير" الفضل الأول في تعريف العالم كله بمُعاناة النوبيين.
* أنا ضد أي مادة دينية في الدستور المصري.
* التغييرسيحدث فقط إذا نزل الشعب كله إلى الشارع، وطالب بحقه، وأول ناس ها تنقلب على الحزب الحاكم أعضاؤه.
*  معنى أن الحكومة ترفع الطوارئ أن النظام سيسقط فوراً !
* أطالب بتأسيس بيت يسمى "بيت النيل" يضم دول حوض النيل، وأطالب بدور للكنيسة والأزهر في حل أزمة المياه.

حوار : جرجس بشرى صادق - خاص الاقباط متحدون
الأديب والشاعر المصري النوبي "حجاج آدول" يُعد وأحداً من أشرس المُدافعين عن قضية النوبة، بإعتبارها قضية مصرية، وكان له كتاب هام يشرح فيه المآسي والمُعاناة التي عانى منها النوبيون المصريون على يد أنظمة الحكم المصرية، بدءاً من الرئيس "جمال عبد الناصر"، إلى الرئيس "مالأديب والشاعر المصري النوبي "حجاج آدول"حمد حسني مبارك".
 وكان للأديب النوبي "حجاج آدول" مُشاركة  فاعلة على المستوى الدولي، خاصة في مؤتمر "واشنطن"، الذي عقده المناضل المصري العظيم "عدلي أبادير" ، ومن خلال هذا المؤتمر عرّف العالم قضية النوبيين ومُعاناتهم.

ولقد كشف لنا الأديب النوبي "حجاج أدول"، بعضًا من المآسي التي تعرض لها النوبيون،وتطرق لأبرز القضايا المصرية الساخنة على الساحة، فى هذا الحوار :

* أستاذ "حجاج" هل يمكن أن تسرد لنا مُعاناة شعب النوبة؟
بدأت مأساة شعب النوبة مع بناء السد العالي، أيام الرئيس "جمال عبد الناصر"، حيث قامت الحكومة وقتها، بتهجير النوبيين من  منازلهم وأراضيهم إلى الجبل، وتهجير النوبيين من ديارهم لم يتم  مرة وأحدة، بل تم تهجيرهم أربع مرات، حيث تم تهجير (8000 ) أسرة، وهذه جريمة كبرى، كما تم تغييب التاريخ النوبي من المناهج، والإعتداء على الثقافة والهوية واللغة النوبية، وهناك الآن محاولات لبيع الأراضي النوبية لرجال أعمال لتسقيعها والإستثمار فيها، فقد اشترى بعض رجال الأعمال حوالي ( 83000 ) فدان من أرض النوبة، ومن الممكن أن يتم بيع أراضي نوبية لعرب كـ"الوليد بن طلال"، وإحنا هنا بندافع ليس عن أرض النوبة فقط،، ولكننا ندافع ونحذر من الإستيلاء على أرض مصرية.

* كم يُقدّر عدد النوبيين في "مصر"، وما هي مساحة أرض  النوبة تقريباً ؟
عدد النوبيين يُقدر بأكثر من ( 3 ) مليون نوبي في "مصر" كلها ، ومساحة الأراضي النوبية الصالحة للزراعة 1,5 مليون فدان.

* في رأيك هل يعتبر النوبيين أقلية في "مصر"؟
عدد النوبيين كما قلنا يُقدر بأكثر من  3 مليون نوبي في "مصر" كلها، ولكنهم من أصل  هذا البلد، ومصطلح أقلية يجب أن لا يعيب النوبيين لأنهم فعلاً أقلية، والقانون الدولي يضمن لهذه الأقلية حقها في العودة إلى موطنها، كسكان لهم خصوصية ثقافية وتاريخية وتعرضوا للتهجير.

* النوبيون المصريون هل يتعرضون للإضطهاد أم للتمييز ؟
الشعب النوبي يتعرض للإضطهاد من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة، إضطهاد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويمكنك أن تنظر لمعاناة النوبيين في تهجيرهم من ديارهم وأراضيهم، والإعتداء على خصوصيتهم، وتاريخهم، ولغتهم، والطريقة التي يصورون بها النوبيين في الدراما المصرية، حيث كانوا يصورونه على أنه العبد الأسود، وبواب العمارة، وقد قلت هذه الصورة في الدراما إلى حد ما في الآونة الأخيرة !

* هل أنت مع تدويل قضية النوبة ؟
نعم أنا مع التدويل، ولا مناص من التدويل لأن الحكومة "مش ها تعمل حاجة"، والتدويل "مش عيب ولا حرام"، ولا إستقواء بالخارج كما تدعي الحكومة، لأنه حق مشروع لنا تضمنه المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر ، والتي أصبحت جزءًا من التشريع الداخلي ، البعض يتهم الذين بيطالبوا بالتدويل بالإستقواء بالخارج، مع أن الحكومة نفسها لجأت للتدويل في قضية طابا المصرية، "يعني حرام علينا لما نطالب بحقنا بطريقة شرعية، وحلال الحكومة لما تأخذ معونات وتلجأ هي نفسها للتدويل؟"

و أنا بأحذر الحكومة من غضبة وإنتفاضة نوبية قوية، لو استمر الوضع كما هو عليه، ومش ها نسيب حقنا أبداً، ومش ها نسكت، أنا عملت اللي عليّ لكن محدش يضمن الشباب اللي جاي ها يعمل إيه؟!

* بإختصار ما هي أهم مطالب النوبيين الآن ؟
نحن نطالب بحقنا في العودة إلى المنطقة النوبية حول البحيرة النوبية "بحيرة ناصر"، وأطالب بإعتذار رسمي من رئيس الجمهوريه ذاته، عن المآسي والإهانات والأضرار التي لحقت بالنوببين، فلابد أن تعترف الدولة ورئيس الدولة بالأخطاء التى وقعت فى حق النوبيين، كما نطالب بتدريس التاريخ النوبي، واللغة النوبية، ونطالب أيضًا بتعويضات معقولة عن الأضرار التي لحقت بنا، لأن التعويضات التي دفعتها الحكومة، لا تتناسب أبدًا مع حجم وفداحة الضرر!، وكل ما  يُقال في الإعلام بأن الحكومة مهتمة بالنوبة والنوبيين غير صحيح، لأن هناك من يسمون بـ"أرجوزات الحكومة" من بعض النوبيين، فكل مكان فيه الصالح والطالح.

* أنت قلت في تصريح سابق، أن المناضل المصري "عدلي أبادير" كان له الفضل في إخراج القضية النوبية إلى العالمية، كيف ؟
 بالفعل كان للمرحوم المهندس "عدلي أبادير" الفضل الأول في إخراج القضية النوبية إلى العالمية، عندما دعاني في مؤتمر "واشنطن" لألقي كلمة عن قضية النوبيين، ومن وقتها عرف العالم مأساة النوبيين، فقد كنا نكلم أنفسنا في الداخل، ولم يكن يسمعنا أحد، ولكن كان للمهندس "عدلي أبادير" الفضل في تعريف العالم بهذه القضية، حتى إننى ألفت كتاب بعنوان "الصحوة النوبية، وأهديته للمهندس "عدلي أبادير"، عرفاناً مني بفضله على القضية، وما زال الإهداء يكتب حتى على الطبعات الجديدة من الكتاب، فلقد كان "عدلي أبادير" شخصية مصرية وطنية، مهمومة بشئون وقضايا الأقليات المضطهدة في "مصر"، كالأقباط، والنوبيين، والبدو، والبهائيين.

* بعد أن عرفنا الإضطهاد الذي يعاني منه أهل النوبة، نريد أن نتطرق لموضوعات مصرية أخرى بعيدًا عن هذه القضية، فما رأيك  فى المادة الثانية من الدستور المصري؟
يجب ألا يُخلط الدين بالدستور، وأنا لا أحب أن يحكمني رجل دين أو يقول لي "اعمل كذا وكذا، الكلام دة مش ها يدخل دماغي"، ونحن لا نريد عنصرية دينية في البلد، فأنا ضد خلط الدين بالسياسة.

* ما رأيك في تمديد الحكومة المصرية لقانون الطوارئ لمدة سنتين ؟
النظام مستمر في الحكم من خلال قانون الطوارئ، ولو رُفعت  الطوارئ سيسقط النظام فوراً، وأقول لك أن الطوارئ لن تُرفع  إذا ظل هذا النظام في الحكم ، فمعنى أن الحكومة تشيل الطوارئ يعني النظام ها يسقط على طول ، وأحذر النظام من غضبة الشعب المصري، وأطالبه بإحداث تغييرات وإصلاحات، ولو بالتدريج، لأن "الشعب لو نزل الشارع لا ها يهموا طوارئ ولا غير طوارئ، ومحدش يضمن رد فعل الشارع وغضبته"، وكما قال "البرادعي" أن النظام لن يستطيع أن يعتقل شعب بأكمله إذا نزل إلى الشارع وطالب بحقه في التغيير والإصلاح، وقتها سيكون "البوليس" نفسه مع الشعب، وسيكون أول من ينقلب على الحزب الوطني هم رجاله، ولو "قالوا لهم بعد كده عملنا حزب اسمه ((ورور يا فجل)) ها ينضموا لحزب  ((وِروِر يا فِجل)) ده !" وبالتالي يجب أن يبدأ النظام في إحداث تغييرات وإصلاحات في غضون عام،  ليمتص غضب الشعب، لأنه لو نزل الشعب المصري للشارع وهو غاضب، سيحدث حريق لـ"مصر" كلها، و"كله ها ينضر".
 
* ما رأيك في "البرادعي"، وهل يتمتع بمقومات تؤهله للرئاسة؟
 نعم، فهو أفضل الموجودين المؤهلين لرئاسة "مصر" على الساحة الآن، حتى ولم يتمكن "البرادعي" من الترشح، أو الوصول لمنصب رئيس الجمهورية، فيكفى حالة الحراك التي فعلها في الشارع، و"البرادعي" يمكن أن يصل للرئاسة، لو نزلت الجماهير للشارع وطالبت بالتغيير.

* هناك من يقول أن جماعة "الإخوان المسلمين" صناعة حكومية فما رأيك؟
 الإخوان المسلمون أخترقوا كل المصالح الحكومية الموجودة في البلد، وهذا شئ مُخيف، فالحكومة تلعب بالإخوان، والإخوان يلعبون بالحكومة، ولكن الحكومة تسمح لهم بمدى معين يتحركون فيه، وإذا وصلت هذه الجماعة للحكم سيكون خطرها على المسلمين أكبر من خطرها على غير المسلمين، كما أن وجود هذه الجماعة يعتبر ذريعة للتدخل الدولي في شئون مصر.

* في رأيك ما هي أسباب الأزمة القائمة الآن بين "مصر"، ودول حوض النيل ؟
 سبب الأزمة الحادثة بين "مصر" ودول حوض النيل، هو البيروقراطية الحكومية التي نعاني منها، وكذلك وجود فجوة بين دول الحوض أو أفريقيا  و"مصر"، وأنا أرى أن "مصر" قد فشلت في إدارة ملف المياه، بدليل هزيمتها في عدم التوقيع على الإتفاقية، التي وقعت عليها معظم دول الحوض مؤخرًا، ولو استمر الوضع على ما هو عليه، ستكون هناك نكسة تفوق نكسة عام 1967 م.

* وما الحل من وجهة نظرك للخروج من هذه الأزمة؟
يجب أن يتم تسليم ملف النيل كاملاً  إلى المتخصصين، والأكاديميين، والعلماء، لصياغة رؤية مصرية شاملة لكيفية الخروج من الأزمة، بجانب تكوين علاقات طيبة بين "مصر" وباقي دول حوض النيل، من خلال تأسيس "بيت النيل"، يضم جميع بلاد الحوض العشرة، يكون دوره التقارب بين دول الحوض في المناسبات الثقافية وغيرها، وإقامة الإحتفالات والمهرجانات التي تدعم هذا التقارب، كما يجب استخدام دور الكنيسة المصرية الوطنية في حل الأزمة، لأن الكنيسة المصرية تتمتع بعلاقات قوية مع أثيوبيا، كما للأزهر أيضاً أن يتدخل للتقارب بين الشعوب،  والتأكيد على أن مصلحة دول الحوض هي مصلحة تهم الجميع، وأطالب أيضًا أن يكون "بيت النيل" في النوبة، كمنطقة تقارب بين الشمال والجنوب، ولوجود كثير من النوبيين في البلاد الأفريقية.