يهـود اليـمن والـدية

عساسي عبد الحميد

مختل عقلياًَ!! هذا ما كان منتظراًَ من محكمة يمنية إكتفت بحكم تقديم القاتل الدية لأهل الهالك تحت ذريعة أنه مختل عقلياًَ، وكأن القاتل هو أبو سفيان بن حرب والهالك هو جلف من بني القينقاع، أكيد أن القضاء مورست عليه ضغوط لإصدار حكم من هذا القبيل، وهذا ما يحدث لأقباط مصر مثلاًَ عندما يرفع أحدهم سكيناًَ ويصيح الله أكبر كبيرة ويخترق كنيسة ليجاهد في عبدة الصليب، فيستأنس القاضي بشهادة طبية تثبت إختلال الجاني  ليبرئ ساحته ويحيله على وزارة الصحة!!!
سحقاًَ لعقيدة تأمر صاحبها بهذا الكم من الغل والحقد، سحقاًَ لعقيدة نهاشة عضاضة تحول معتنقيها إلى مجانين ومرضى، كان من المفروض شنق القاتل ورفسه في حفرة نتنة بدل تركه على قيد الحياة يتنسم الهواء النقي، هكذا ستكون قد تحققت العدالة وأعادت الإعتبار ليهود اليمن أبناء البلد... قبل هذه الجريمة التي أودت بالمواطن اليمني اليهودي "موشي يعيش النهاري" تعرض يهود اليمن الباقون والذين لا يزيد عددهم عن 250 شخص للعديد من التهديدات لمغادرة البلد أو إعلان إسلامهم من طرف المختلين عقلياًَ مجازاًَ فحتى من قام بمجزرة بني قريظة منذ قراب 15 عشر قرناًَ يمكن إعتباره مختلاًَ عقلياًَ إذا إعتمدنا هذا المنطق، ومن قام بتهجير يهود خيبر وسرقة أملاكهم بفرمان من السماء يمكننا أن نطلق عليه أيضاًَ إسم الأحمق والمجنون.... .
كان من المفروض التعامل مع ما تبقى من يهود اليمن تعاملاًَ خاصاًَ للحفاظ على تراث إنساني ضارب في جذور التاريخ، كان على النظام أن يفتح قنوات التواصل بين اليهود من أصول يمنية القاطنين بأمريكا وأوروبا وإسرائيل لتنظيم أسفار تمكن هؤلاء من زيارة مسقط رأسهم وقبور أبائهم وأجدادهم ففضلاًَ عن الجانب الإنساني سيجلب يهود اليمن العملة الصعبة للبلد وهناك من سيستثمر أمواله في عدة مجالات، كان من باب العقل الإبقاء على هذا التواصل.
كان من المفروض الحفاظ على ما تبقى من الوجود اليهودي باليمن وتمكينه من الديمومة والإستمرار، فماذا لو خصصت 0.0001 في المائة من الميزانية السنوية لدعم هذا الموروث الثقافي الذي هو في النهاية ملك لكل اليمنيين وشعوب المنطقة؟؟، لكن ما دام النظام عاجز والقضاء موجه وسيف عكرمة يتوعد، فما على يهود اليمن إلا التفكير بجدية في ترك بيوتهم والتوجه فوراًَ نحو إسرائيل حفاظاًَ على أبنائهم من الأذى .... وإلا فعليهم القبول بالدية من يد سخية يدفعها كل مختل مجنون لأهل الضحية... مواطن يمني يهودي يذهب ضحية الإرهاب ولا مسيرة صغيرة بصنعاء تندد بالجريمة النكراء على غرار باقي المسيرات التضامنية، فإكتفى سماسرة الدين والقومجيون العرب بإدانة محتشمة تنم منها رائحة التقية.
وأخيراًَ وليس أخراًَ هذا سؤال نوجهه لعلمائنا الأجلاء أصحاب السماحة والفضيلة.
 ما مصير القتيل في الدار الآخرة أهو الجنة.. أم .. النار؟؟ والقاتل يا صاح أين مقامه؟؟ هل بين قاصرات الطرف وغلمان الجنان أم بين لهيب اللظى وثعابين وديان جهنم؟؟ أجيبونا حفظكم الله.
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع