الجهاز الأمني المصري يقاوم المسيحيين والمسيحية!

جرجس بشرى

بقلم: جرجس بشرى
عندما أتأمل تاريخ ومسيرة الجهاز الأمني في مصر تجاه الأقباط  ــ مسيحيو مصرــ وخاصًة منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، يتأكد لي تمامًا الدور الجُهنميّ الآثم الذي يلعبه هذا الجهاز في مقاومة المسيحيين والمسيحية بمصر، ويتأكد لي أيضًا أن المهمة الرئيسية والجوهرية التي لها الأولوية الكبرى عنده هي: "حماية الإسلام".

فمَنْ يُحلل الطريقة التي يتعامل بها هذا الجهاز تجاه المسيحية كدين، وتجاه أقباط مصر، يُدرك تمامًا أن هذا الجهاز ما هو إلا فرعًا أصيلاً لوزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر" بالسعودية، والأدلة على ذلك كثيرة، فهناك شواهد تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك على ذلك، وهي حوادث يعرفها القاصي والداني على حدٍ سواء، ومن أهمها: إطلاق اليد الطولى للجهاز الأمني المصري في عرقلة بناء الكنائس، بتأليب المسلمين ضد الأقباط، وعدم الموافقة على بناء كنائس في بعض المناطق بحجة أن الحالة الأمنية لا تسمح، وكأن دور العبادة المسيحية "الكنيسة" ضد أمن مصر القومي!

كما أن عنصرية الجهاز الأمني تأكدت لنا من خلال رفض تعيين مسيحيين في هذا الجهاز إلا فيما ندر، ولست أعلم لماذا يخشى الجهاز الأمني المصري أو وزارة الداخلية المصرية -تحديدًا- من وجود مسيحيين به؟ وهل تنظر إليهم الأجهزة الأمنية على أنهم خونة؟! وما الذي يُخيف هذه الأجهزة من وجود مسيحيين بها؟!

ومما يؤكد لنا على أن هذا الجهاز هو جهاز عقائدي ديني إسلامي بحت، هو قيامه بمقاومة التبشير بالمسيحية، ومُلاحقة المُتنَصِّرين أو العابرين "المتحولين من الإسلام إلى المسيحية"، وإرهابهم هم وأهلهم، ودخوله كخصم في قضايا المتنصرين أو العابرين، وإلغاء جلسات النصح والإرشاد، والقبض على بعض مَنْ جاهروا بالإفطار في نهار رمضان العام الماضي في بعض محافظات الجمهورية! لدرجة أن وصل الأمر إلى القبض على ستة أقباط كانوا يفتتحون مقهىً في نهار رمضان وسحلهم وإهانتهم وسجنهم.

هل يعرف أحدكم من أين يُدَار هذا الجهاز الآن؟

تؤكد الشواهد على تورط وتواطؤ هذا الجهاز في عملية إرهاب أقباط مصر أيضًا، وذلك في حوادث كثيرة طائفية وقعت ضد الأقباط كتواطؤه، بل ودعمه لعمليات الأسلمة الجبرية للقاصرات وعدم تصديه بقوة القانون لردع الشباب المسلمين الذين اختطفوا فتيات قبطيات قواصر!

بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى حماية هؤلاء الشباب وتحصينهم للإفلات من العقاب! ومن المؤسف أيضًا أن معظم الحوادث الطائفية التي وقعت ضد الأقباط في مصر، كان الأمن مُحرِّضاً عليها ومتواطئاً فيها مع الجناة، كأحداث "عزبة بشرى الشرقية" بمحافظة "بنى سويف"وغيرها.

ومن المُفزع بحق أن أثبتت دراسة مهمة كان قد أعدها مركز بحوث الشرطة بالتعاون مع معهد التخطيط القومي، أنه قد تم بالفعل استقطابٌ لضباط شرطة وتورطهم في أعمال إرهابية لصالح بعض الجماعات المتطرفة، وأكدت هذه الدراسة أن أغلب الضباط المتطرفين تم استقطابهم بشكل عام منذ السبعينات، وأصبحوا الآن لواءات شرطة، وأغلبهم يميل للعنف، و 8% منهم سقطوا في هوة التطرف خلال عملهم في الصعيد، وقام نحو 60% منهم بتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية!

ويؤكد أيضًا الكاتب والخبير في الشئون الإسلامية "عبد الرحيم علي" أن محافظات الصعيد تحوَّلت في الثمانينات إلى دولة داخل الدولة، وأن أُمراء الجماعات الإسلامية كانوا يقومون بتطبيق الحدود في مساجد محافظتي المنيا وأسيوط، تحت بصر ورعاية ضباط المباحث، وكان هناك تعاون بين الجانبين في هاتين المحافظتين!

وعقب وقوع مذبحة "نجع حمادي" التي راح ضحيتها ستة أقباط وشُرطي مسلم ليلة الإحتفال بعيد الميلاد 2010م، أكد الشاعر المصري الأصيل "عبد الرحمن الأبنودي" في تعقيبه على هذه المجزرة، بقوله لصحيفة الدستور المصرية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 12 يناير 2010م؛ إن سبب المجزرة يرجع إلى خُطباء المساجد من ذوي الثقافات الشعبوية، وقال الأبنودي بالنص: إن هؤلاء الخُطباء بدأوا في إشعال نيران الفتنة بين عنصري الأمة، على الرغم من أنهم على صلة حميمة بمباحث أمن الدولة، ويتلقون التوجيهات والأجر أحيانًا منها.

وتساءل الأبنودي قائلاً: هل للدولة يد فيما يحدث؟ وأضاف: لا يمكن أن يتصرف هؤلاء الخطباء من تلقاء أنفسهم ويشعلون هذه النيران ضد الدولة التي يرتعدون منها!

ومن هنا.. فجرائم الجهاز الأمني المصري ضد المسيحية والمسيحيين أصبحت جليَّة وواضحة ولا تحتاج إلى برهان؟ وهذا يقودنا إلى هذا التساؤل: لصالح مَنْ يعمل هذا الجهاز الأمني؟ بعد أن تبرهن لنا أنه الراعي الأول لإرهاب الأقباط، والعدو اللدود للمسيحية!