بقلم: عبد الرزاق أبو داود
عادت المواجهة الكروية وغير الكروية بين مصر والجزائر إلى الواجهة قبل بضعة أيام، بعد أن ظن كثيرون أنها انتهت، وبعد معركة إعلامية لا تليق بمصر والجزائر وفي أمر يتعلق بلعبة كرة القدم. في كثير من الدول وحتى في محيطنا المحلي تحولت كرة القدم من لعبة ممتعة وصناعة استثمارية إلى معارك ومناكفات وإساءات يعاقب عليها القانون، ولكن كثيرين لم يرقهم هذا الرأي.
فيما يتعلق بمصر والجزائر وبعد كل هذه الزوبعة الإعلامية وبعد التصريحات النارية المسيئة من الطرفين، ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أن اللجنة التأديبية في «الفيفا» أصدرت في 18 مايو (أيار) قرارا يفرض على الاتحاد المصري لكرة القدم عقوبة تنص على أن «يلعب المنتخب المصري أول مباراتين على أرضه ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالبرازيل 2014 بملعب يبعد عن مدينة القاهرة 100 كم على الأقل، ودفع 100 ألف فرنك سويسري كغرامة». وجاء في الأنباء أن اللجنة اتخذت قرارها «بعد ما قضت بأن الاتحاد المصري لم ينجح في اتخاذ جميع تدابير الأمن الوقائية لضمان سلامة البعثة الجزائرية، بالإضافة إلى فشله في توفير الأمن والسلامة في ملعب القاهرة خلال المباراة التي جمعت المنتخبين يوم 14/11/ 2009، ضمن تصفيات كأس العالم 2010م». وبينت اللجنة أن الاتحاد المصري «لم يتخذ الإجراءات الضرورية لتفادي الاعتداء على الحافلة التي كانت تقل الوفد الجزائري وهم في طريقهم من المطار إلى الفندق يوم 12 /11/ 2009، حيث تم تهشيم زجاج نوافذ الحافلة وأصيب 4 أعضاء من البعثة الجزائرية، منهم 3 لاعبين». وأضافت: «أن اللجنة التأديبية أشارت إلى عدم ضمان الأمن والنظام داخل الملعب، حيث تم تسجيل حضور جماهيري مفرط مما عرقل الحركة في المداخل وعلى أدراج الملعب، وحجزت حافلة الوفد الجزائري لأكثر من 45 دقيقة، بعد نهاية المباراة». إلى هنا وكأن الأمور تبدو عادية، فلطالما أصدرت الفيفا عقوبات على اتحادات عديدة بشأن حوادث وقعت وكانت أكبر من هذا بكثير، بل وصل بعضها إلى الحرب بسبب مباراة كرة قدم.
أعجبني الموقف الذي اتخذه بعض المسؤولين في الاتحاد المصري وتقبلهم للقرار عكس موقف بعض المسؤولين في الاتحاد الجزائري بالقول إن «العقوبات كانت مخففة»، وهذا أمر كان يجب تخطيه بين الاتحادين مبكرا، ولكنها النعرة والعناد والإصرار على الأخطاء وغيرها هي التي أدت إلى هذه الحال بين البلدين وجعلتنا نتساءل إن كان البلدان «سيتحاربان» بسبب كرة قدم! ونود أن نذكر كثيرا كل المنتمين والمهتمين بكرة القدم والشأن الرياضي بأمرين هامين هما: أن الرياضة هي وسائل ترفيهية وتربوية ومدعاة للتقارب والتعارف بين الشعوب، وأنها تحولت إلى «صناعة» يعول عليها كثيرون لكسب عيشهم، وبالتالي فإن أي تصرفات خارجة لن يجد إلا عقوبات دولية مهما ساق البعض من مبررات. وختاما فإن القبول بقرار اللجنة التأديبية، وعدم المزايدة عليه وما إلى ذلك من تصريحات لا تجدي، موقف عقلاني يجب أن يتخذه الطرفان، وما حدث سيكون عبرة ودرسا للجميع.
نقلا عن الشرق الأوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=18158&I=450