لماذا انحطت الاخلاق واختفت الشهامة وزاد العنف فى مصر ؟؟

صبحي فؤاد

بقلم: صبحي فؤاد
تسائل الصحفى المعروف كرم جبر رئيس مجلس ادارة مجلة روزا اليوسف فى مقالة الاخير " الخطر الداهم " الذى نشر بمجلتة بتاريخ 16 مايو عن اسباب انهيار الشهامة وازياد العنف وتدهور الاخلاق فى المجتمع المصرى وقال فى حيرة واضحة هل السبب الفقر ؟؟ التعليم والمدرسين ؟؟ زيادة سقف تطلعات الناس ؟؟ ادمان المخدرات ؟؟ الاستهتار بالقانون ؟؟ التسيب ؟؟ تفكك الاسروالمدارس المهلهلة والنفوس الضائعة ؟؟
وفى نهاية مقالة الرائع تساءل قائلا :
المشهد الذى نهتم بة فقط المظاهرات والاضرابات والطوارىء والانتخابات ولكن هناك ماهو اهم ولا يشغل بال احدا ..فمن اين نبدأ ؟؟

لا شك ان هذة القضية الهامة التى طرحها كرم جبر للمناقشة هى من وجة نظرى تعد بمثابة " خطر داهم"  يتربص بمصر كلها كما وصفة هو شخصيا ومن اكبر التحديات التى تواجهها فى هذة اللحظة ولا ابالغ اذا قلت ان تجاهل معالجة اسبابها بطريقة علمية وواقعية من قبل الجميع بلا استثناء سواء كانوا رجال الحكم او سياسة او دين او تعليم او مفكرين او فنانين وغيرهم سوف يكلف مصر غاليا فى المستقبل القريب.
نعود الى الاسباب التى طرحها كرم جبر والتى كان من ضمنها الفقر فاننى شخصيا لا اعتقد ان الفقر هو السبب الرئيسى لزيادة العنف والجريمة وانحطاط الاخلاق ولكنة بلا شك عامل مشجع ومحرض وضاغط عى النفوس الضعيفة .

وقد تربيت فى وسط اسرة فقيرة وعشت طفولتى وجزء من شبابى فى حى الشرابية الشعبى الذى كان قبل هجرتى الى استراليا غالبية سكانة من الفقراء والبسطاء ومع هذا لم ارى سوى الشهامة والرجولة ونبل الخلق من كل من كنا نتعامل معهم سواء من الجيران او التجار. كان فقرنا دافع لنا لكى نجتهد وننجح  ونحسن احوال معيشتنا والاجتماعية الصعبة.. كان فقرنا يدفعنا للبحث عن كل السبل والطرق الشريفة التى تساعدنا على الخروج من حياة الفقر التى كنا نعيش فيها وليس السرقة وارتكاب الجريمة .

المخدرات ؟؟ ربما ولكن لا اعتقد ان كل المصريين اصبحوا من المدمنين للمخدرات حتى نقول انها السبب فيما يحدث على ارض الغالية المحروسة .
تفكك الاسرة وتدهور التعليم ؟؟ اكيد طبعا انهيار الاسرة يعنى زيادة اطفال الشوارع وزيادة الجريمة واختلال توازن المجتمع حيث ان الاسرة المتماسكة المترابطة تفوق فوائدها للمجتمع عشرات المرات الاسرة المتفككة.
اما عن التعليم فاننى اعتقد مليون فى المائة انة من اهم واخطر الاسباب التى ادت لهذة الحالة المخجلة التى وصلت اليها البلد والمجتمع المصرى. ان التعليم فى مصر منذ بداية ثورة 23 يوليو اصبح وسيلة الحاكم لتزيف التاريخ وتمجيدة ورهينة فى ايدى الجماعات الاسلامية المتطرفة والمتشددة فى مصر لنشر التعليم الدينى غير الصحيح والكراهية والسموم بين الاطفال والشباب لضمان خروج اجيال كاملة تنتمى اليهم وتؤمن بافكارهم الشيطانية .

اننى اتفق مع كرم جبر فى بعض الاسباب التى ذكرها وخاصة التعليم والتفكك الاسرى واود ان اضيف اليها الاسباب التالية :
1- غياب القدوة الحسنة
اذا كان الانسان المصرى البسيط يسمع كبار رجال الدولة يتحدثون يوميا عن انحيازهم للفقراء والطهارة والشفافية بيما هم انفسهم يعيشون عيشة الملوك ويفتقدون الى الطهارة ونظافة اليد .. فما الذى نتوقعة من هذا المواطن البسيط ؟؟ هل نتوقع منة اخلاصة لبلدة وخوفة وحرصة عليها او العمل بكل جهدة وطاقتة لرفع شانها بين الامم الاخرى ؟؟  طبعا معظمنا ان لم يكن كلنا  يعرف الاجابة جيدة.

2- الافراط والمغالاة فى التدين والدروشة على حساب مصلحة العمل والانتاج 
من اخطر مشاكل مصر هى مشكلة الافراط فى التدين .. فلا مانع ان تعطل مصالح عباد اللة بالساعات ويتوقف المرور من اجل الصلاة فى عرض الطريق او منتصف الشارع .. لا مانع ان تغيب عن عملك عشرات المرات يوميا بحجة التوجة الى الصلاة فى الزاوية او الجامع .. لا مانع ان تحرم اولاد وبيتك من اجل التبرع لبناء جامع او مساعدة المجاهدين فى غزة او افغانستان او باكستان او العراق او السودان او الصومال.. لا مانع ان نزعق الناس ونقلقهم بالميكروفونات ومكبرات الصوت على مدار الاربعة وعشرين بحجة الدعوة الى الصلاة .. ولا مانع ان نتكاسل ونهرب من العمل ونعتقد ان اللة سوف يلقى الينا بالطعام والشراب من السماء ويلبى كل دعواتا وطلباتنا اذا رفعنا ايادينا الية فى ليلة القدر !!! ولا مانع ايضا ان نسفك دماء غير المسلمين ونسرق متاجرهم ونحرق بيوتهم ونغتصب بنتاتهم لانهم كفرة يؤمنون بدين غير دين اللة المفضل ودين الدولة.
ان الايمان الحقيقى هو العمل وزيادة الانتاج والخوف على مصالح الناس والحرص على مشاعر الاخرين واملاكهم واعراضهم سواء كانوا مسلمين او غير مسلمين.

3- التوزيع غير العادل لثروات وخيرات مصر
مع ازياد الفجوة بين من معهم والذين ليس معهم من المصريين اصبح لزاما على الحكومة التدخل السريع بطريقة مدروسة علمية غير عشوائية لتقليل هذة الفجوة بين الفقراء والاغنياء .. فلا يعقل ان نتوقع خيرا من موظف يتقاضى 400 او 500 جنية شهريا اذا رأى رئيسة فى العمل او جارة الذى يعمل فى بنك او مؤسسة اجنبية يتقاضى الوف الجنيهات شهريا.. اكيد هذا الموظف سوف يقبل الرشوة اذا عرضت علية ولا يستبعد ان يحاول سرقة مكان عملة اذا وجد الفرصة .

4- العدالة شبة الغائبة حاليا
فى اواخر الستينيات قبض على اثناء تواجدى وسط الشباب الصغير فى احدى المظاهرات والقى بنا فى قسم الازبكية لعدة ساعات ثم افرج علينا بعد ان اجبرنا ضابط القسم على التوقيع على اوراق لم نتمكن من الاطلاع عليها .. وعند اطلاع المحامى الذى كلفة المرحوم والدى للدفاع عنى ذهل الرجل لخطورة التهم التى وجهها ضابط قسم الازبكية لى ولعشرات مثلى من الشباب البرىء .. ورغم ان هذة التهم التى لوتم اثباتها لكانت كافية بتوقيع عقوبة السجن على شخصى الغلبان بعشرات السنين لكن لان القضاء وقتها كان شريفا نزيها غير مسيسا او متعصبا لم ياخذ الامر سوى دقائق معدودة من وقت القاضى للحكم والنطق بالبراءة لان التهم جميعها كانت لا تحتاج جهدا لاكتشاف انها ملفقة ومفبركة.
فى مصر الان اختلف الوضع حيث اصبحنا نجد بعض رجال القضاء مسيسين يخافون من مخالفة التوجة العام للدولة ويخشون الدخول فى صراع معها فيكون حكمهم غالبا لصالح الدولة حتى لو كان المتهم برىء مائة فى المائة .. وبعض رجال القضاء الاخرين نجدهم تابعين وموالين لجماعة اخوان الخراب يحكمون بناء على هويتك الدينية بطريقة فجة مهينة تخالف كل الاعراف السماوية والقوانين الدولية . ولذلك فلا غرابة ان نرى غالبية ابناء الشعب المصرى يستهترون بالقانون ويضربون عرض الحائط بة وغالبا ما نجدهم يسعون لاخذ حقوقهم باياديهم لانهم لا يرون فائدة او عدالة ترجى من اللجوء الى القضاء.
هذة من وجة نظرى اهم الاسباب التى ادت الى انهيار الاخلاق والقيم وساهمت فى زيادة العنف داخل داخل المجتمع المصرى .

والسؤال هنا هو  من اين نبدأ اصلاح هذا الوضع الشاذ المنفلت فى مصر ؟؟ .. اعتقد انة لابد من فصل الدين عن الدولة وتغير الدستور المصرى الحالى بدستور علمانى  يحدد بوضوح العلاقة بين الدولة والمواطنين. القضاء على التطرف ووضع نهاية لسيطرة المتدروشين على عقول المصريين والغاء التعليم الدينى فى مصر وتغير مناهج التعليم وخاصة فى المراحل مابين الابتدائية الى الثانوية العامة لكى تتماشى مع روح العصر الحديث وفى نفس الوقت يمكنها تلبية احتياجات مصر والدول المجاورة فى سوق العمل.. وفرض القانون والعدالة على الجميع بلا استثناء او تميز.
والعمل باقصى جهد على زيادة الانتاج والحد من الزيادة السكانية المخيفة التى تبتلع فى طريقها كل خطط التنمية وكل امكانيات الدولة المتواضعة..
والاهم من كل هذا وذاك ان يكون الكبار فى الدولة وجميع المؤسسات الاجتماعية والسياسية والدينية قدوات طيبة للجميع مثلما كان السيد المسيح قدوة طيبة فى سلوكة وحياتة قبل عظاتة وكلماتة ..ومثلما كان غاندى قدوة ناجحة عظيمة لشعبة فى بساطتة وتواضعة ومحبتة الصادقة لجميع ابناء الهند من كافة الاديان والتوجهات السياسية وليس العكس .
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع