دراسة تحليلية لانجيل يهوذا المزعوم (المقال الاخير)

لطيف شاكر

بقلم : لطيف شاكر
هذا المقال السادس والاخير ويدور حول الصليب كمحور الوثيقة المزعومة والصليب هو العمود الفقري لجسد العقيدة المسيحية ودونه لايكون للمسيحية قوة ولا للحياة الروحية  معني ...وبالصليب اصبح لنا استحقاقا للميراث الابدي والصليب ايضا مشكلة المشاكل للاديان الاخري ففي الوقت الذي يعترف اليهود به ولكن كعقاب ولعنة يذهب الاسلام الي عدم الاعتراف به واذا كان بعد الصليب قيامة او رفع الي السماء يؤمن به الاسلام فهو في اليهودية زيف وضلال  ....وسيظل الصليب نقطة خلاف لجميع الاديان وعلي مر الايام.

لان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة أما عندنا نحن المؤمنين فهى قوة الله " ( 1 كو 1 : 18 ) ... ان الصليب عند المسيحيين هو قمة الحب الالهي للبشرية وهو اساس الخلاص المجاني لكل العالم ...ولا احد يؤمن بالصليب الا من خلال الحب الحقيقي وبدون الحب لايمكن الايمان او الاقتناع به.. وان كنا (العالم كله ) ينفذ وصية الصليب دون ان يدري ...فكم ضحي الاباء والامهات من اجل انقاذ اولادهم وبناتهم حتي لو كانت وسيلة الانقاذ تؤدي بهم الي "الصليب "  الالم او الحرق او الموت من اجل انقاذ وحياة فلذة اكبادهم ..اذن لماذا يكون سهلا علي الانسان التضحية ونستحيله ونستطصعبه

علي خالق الانسان كلي الحب ومصدرالمحبة فهو اله المحبة ( لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية) يو 16:3 شئ اخر اريد ان اوضحه للجميع فالذي يطلع علي ابسط قواعد اللاهوت المسيحي, يكتشف ان الوحي من الوجهة المسيحية هو كشف الله لذاته بشخص السيد المسيح , وهكذا جاء الانجيل شهادة الرسل لاختبارهم مع صاحب الكشف وموضوعه .لذلك تعتبر المسيحية الانجيل ليس كتاب تاريخ فحسب بل هو كتاب ايمان بالدرجة الاولي يسجل خبرة التلاميذ مع السيد المسيح .

وأهم من هذا كله , أنه شهادة قيامة, لأن الانجيل بأكمله كتب علي ضوء قيامة السيد المسيح من بين الأموات بعد صلبه , وهذا نأتي الي  الرأي الذي يقول إن الانجيل هو كتاب محرف عبث به الكهنة علي مر الزمن عن طريق الترجمة او عن أية طريق أخري .

إن هذا الرأي لايستند الي أي  دليل تاريخي , ولم يستطع أي باحث عبر التاريخ أن يثبت أن الاناجيل كتاب محرف بمعني تشويه الحقائق الاساسية التي يحملها , مع العلم أن الانجيل كتاب قابل للترجمة  لاي لغة او لهجة لانه لجميع الامم , ولان اعجازه لايكمن في اللغة التي كتب بها بل بالكشف الالهي المباشر من خلال شخص السيد المسيح .
إن كلمة انجيل هي كلمة  يونانية وتعني بالعربية "الخبر السار" او" البشارة "لذلك فعندما نقول انجيل متي فكأننا نقول "الانجيل بحسب متي"أو "البشارة بحسب متي" وهكذا في كل البشائر.

وايمان المسيحية عبر الاجيال ومنذ وجود السيد المسيح علي الارض أن الروح القدس سوف يكون مع التلاميذ ومع الكنيسة ليقودها ويرشدها , ومازالت الكنيسة حتي اليوم تؤمن بهذا , وهي مستمرة ليس بقوة ابنائها او فلسفتهم ام علمهم انما بقوة الروح القدس الذي هو في الكنيسة ويعمل بها من خلال  رجال الله  اكليروس او علمانيين .
وانطلاقا من هذا الايمان فان الروح القدس هو الذي ارشد الكنيسة الاولي لجمع الكتب التي بين ايدينا اليوم وجعلها في كتاب واحد اسمه االعهد الجديد او انجيل يسوع المسيح . والروح نفسه يحمي الانجيل من التحريف او العبث بحقيقة الكشف الالهي .

لقد خضع الانجيل علي مر العصور للنقد النصي والنقد الادبي والنقد التاريخي ..هذه المدارس في النقد كانت ولاتزال مفتوحة لجميع الذين يرغبون في البحث عن الحقيقة .
والانجيل معظمه نقلا عن تعاليم السيد المسيح لانه لم يكن يوما كتاب شريعة وانما كتاب ايمان يساعد المؤمن علي الارتقاء في علاقته العمودية اي مع الله وعلاقته الافقية اي مع الانسان ليستطيع ضمن هذا النضج والارتقاء تحقيق ماقاله السيد المسيح "جئت ليكون لكم حياة وليكون لكم افضل "فيشد الانسان افقيا ليرتقي به عموديا نحو الله , وهذا هو هدف الانجيل ..وعليه نستطيع بسهولة ان نحكم علي انجديل يهوذا  او اي انجيل اخر منحول هل ينطبق عليه  هذه القاعدة الكريستولجيا اي حسب رؤية المسيح  .

وملاحظتي الاخيرة هي ان الانجيل "البشارة " كتب علي ايد بشرية , وفيه يظهر اسلوب الكاتب الشخصي وشخصيته المتميزة والفريدة ولكن كل هذا حدث بارشار الروح القدس .
 لقد قامت الدنيا في مصر ولم تقعد بكتاب يهوذا المنحول , وبالرغم من ان المخطوطة تعج بكلام هزل  وترهات كثيرة, ونصوصه غير مترابطة وتخلو من الانسجام الروحي والكتابي  ومملوء بالاخطاء  التاريخية والاخلاقية والادبية ...الا ان خاتمة المخطوطة   في اخر فقرة  يذكر :واقتربوا من يهوذا  وقالوا له ماذا تفعل هنا؟ أنت تلميذ يسوع ".فأجابهم يهوذا كما أرادوا منه واستلم بعض المال وأسلمه لهم .(للصلب) .

اخوتنا المتأسلمين لم يعيرهم هذا كله وراحوا يلفقوا موضوع الصلب كما ذكرنا في المقالات السابقة وماجاء بالكذب الفاضح  خاصة من بعض كتاب معتبرين انهم كبار ناهيك عن الصحف الصفراء والمواقع الاسلامية التي لاحصر لها, تبشر بانتهاء المسيحية بظهور هذه الوثيقة المزعومة ,ومادام الامر لايتعلق باخطاءه الكثيرة واكتفوا بمحاولة ازاحة الصليب من امامهم  من خلال رؤيتهم لنصوص يهوذا فراحوا يسلطوا الاضواء  بقوة علي الصلب والصليب ولم  يلتفتوا الي  سواه , وتخيلوا انهم وجدوا  مرادهم  المنشود,  فراحوا يعلوا من شأن كتاب لم يقرأوه  ولم يدركوا انه يشهد  بصحة ايماننا وسلامة عقيدتنا .

ومن هنا يأتي الرد منصبا علي حقيقة الصليب , موضحا الامر بجلاء   دون  التطرق الي  مايشين الكتاب من فحشاء الالفاظ  وفجورالمعني والاشياء المعيبة  الاخري التي كان يحتم الولوج اليها اولا.. لكن يبدو ان الخيانة اصبحت تندرج ضمن الصفات الجميلة وعن طريقها نصل الي الهدف ونعلن كذبنا المفضوح عن طريق خيانة مقيتة  لااساس  لها ولا سند لصحتها وكا يقول المثل  زوبعة في فنجان او فقاعة هواء تتلاشي  في لمحة بصر . لكن اريد او اوضح للعقلاء فقط اذا كان بالمخطوطة الاخطاء الكثيرة التي يتأفف من قراءتها الانسان مثل معاشرة الرجال والتضحية بالاطفال كان لابد من اهدار كل الكتاب وعدم الالتفاف حوله او الالتفات اليه, لكن الذي يدهش المرء اهتمام شريحة كبيرة بكتاب مفضوح , وذهبوا فقط الي موضع الصليب وخيانة يهوذا الخلاصية , بالرغم ان العبارة الخاتمة للكتاب تكشف يهوذا وتفضح كل افتراء وكل المؤيدن لها  وتدحض كل الظنون وتجهض جميع الشكوك  الاان الذين لهم عيون ولا يبصرون اغمضوا عيونهم عن الحق واذانهم عن السمع و وقلبوا المضامين وكذبوا الحقائق وهذا شأنهم  لانلتفت اليه ....
 ونوضح فيما يلي بعض نبوات العهد القديم عن خيانة يهوذا وتحققت في  العهد الجديد وكذا موضوع الصلب من التاريخ اليهودي :

اولا:  خيانة يهوذا من العهد القديم
يقول داود النبي :أعدائي يتقولون علي بشر متي يموت ويبيد اسمه وإن دخل ليراني يتكلم بالكذب  قلبه يجمع لنفسه إثما يخرج في الخارج يتكلم كل مبغضي يتناجون معا علي علي تفكروا باذيتي يقولون أمر ردئ قد أنسكب عليه حيث اضجع لايعود يقوم  ايضا رجل سلامتي الذي وثقت به أكل خبزي , رفع علي عقبه  مز 4:41..9

يقابلها في انجيل يوحنا :  وقال (السيد المسيح) الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمني ......اجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة واعطيه فغمس اللقمة واعطاها ليهوذا الاسخريوطي فبعد اللقمة دخله الشيطان يو21:13.....27.
 وايض في انجيل متي :والذي اسلمه  اعطاهم علامة قائلا الذي اقبله  هو هو أمسكوه فللوقت تقدم الي يسوع وقال السلام ياسيدي وقبله فقال له يسوع ياصاحب لماذا جئت حينئذ تقدموا والقوا الايادي علي يسوع وأمسكوه مت48:26..50 , يهوذا الاسخريوطي الذي اسلمه مت  4:10 بيع بثلاثين من الفضة

فقلت لم:نحن في اعينكم فأعطوني أجرتي وإلا فامتنعوا فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة زكريا 12:11 وقال  يهوذا: ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم فجعلوا له ثلاثين من الفضة  مت 15:26 القاء المال في بيت الله فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها الي الفخاري في بيت الرب زكريا 13:11 فطرح الفضة في الهيكل (بيت الرب ) وانصرف مت 5:27 دفع الثمن عن حقل الفخاري فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها الي الفخاري في بيت الرب  زكريا 13:11 فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري ومقبرة للغرباء مت 7:27 ومن الملاحظ ان النبوات السابقة تدل علي :
1-الخيانة  -  2  من صديق  3 – بثلاثين ( وليس اقل) 4 – من الفضة (وليس الذهب) 5 – القيت وليست وضعت 6 – في بيت الرب 7 – واستخدم المال لشراء جقل الفخاري وهكذا تستمر نبوات العهد القيم لتتحقق في العهد الجديد علي شخص الرب يسوع مثل :
تلاميذه يتركونه زك7:13  مع مر50:14 , يشهدون ضده زورا مز 11:35 مع مت 59:26 , صامت امام متهميه اش 7:53 مع مت 12:27 حتي دفن في قبر غني وايضا مجروح ومسحوق . ضربوه وبصقوا عليه , سخروا منه , سقط تحت الصليب ,ثقبوا يديه ورجليه. ..الخ

 .حتي دفن في قبر غني وعدد النبوات المتطابقة 61 نبوة ثانيا :وشهادة اليهود والتلمود عن الصلب:
أ‌-يقول  فلافيوس يوسيفوس في كتابه آثار اليهود : كان في ذلك الوقت رجل حكيم اسمه يسوع , لو كان لنا ان ندعوه رجلا او انسانا لانه كان يصنع العجائب وكان معلما لمن كانوا يتقبلون الحق بابتهاج وجذب اليه الكثيرين من اليهود والامم علي حد سيواء . وكان هو المسيح.

وعندما أصدر بيلاطس الحكم عليه بالصلب بايعاز من رؤسائنا لم يتركه اتباعه الذين أحبوه من البداية , وأنه ظهر لهم حيا مرة آخري في اليوم الثالث , كما تنبأ أنبياء الله عن هذه الاشياء العجيبة المختصة به , وجماعة المسيحيين المدعوين علي اسمه ماوالوا موجودين حتي  هذا اليوم(Antiquities,XVIII,33)
ب‌-نقرأ في التلمود اليهودي البابلي مايلي : علق (صلب) يسوع في ليلة الفصح ولمدة اربعين يوما قبل تنفيذ الحكم سار المنادي معلنا :إنه سوف يرجم لانه مارس السحر وضلل اسرائيل واي شخص يمكنه ان يدلي بأي شئ في مصلحته فليتقدم للدفاع عنه... ولكن إذ لم يكن هناك مايمكن ان يبرئه فقد علق في ليلة الفصح(Sanhedrin .43,t,Sanh 10:11 . Esther ) كامة علق انظر غلاطية 13:3 و تثنية 23:21  اما اشارة حدوث الصلب في ليلة عيد الفصح تتفق مع يو 14:19
ولكن الادهش هو اعلان المسيح انه سيقوم من الاموات وسيقابلهم في الجليل مر 10:9   انظر الاصحاحات الاخيرة من البشائر الاربعة .

نداء الي د. زاهي حواس

اخيرا اريد ان اوجه  ندائي  وشكري الي الدكتور زاهي حواس بسرعة الحصول علي مخطوطة او كتاب يهوذا وايداعه المتحف القبطي , لانها وثيقة هامة  تم تفنيدها وهي مثل كثير من المخطوطات التي اسموها اناجيل, ولن تكون هذه الوثيقة  الاخيرة بل ستفتح الابواب لغيرها يقول هيجل "إن التناقض شرط من شروط الفكر , كما انه شرط من شروط وجود الاشياء أيضا   والعدم وحده هو الخالي من التناقض ".. ومرحبا بها لان  كل الوثائق تؤكد حقيقة شخصية السيد المسيح في التاريخ  بعد ان  ظن البعض انها شخصية وهمية والامر الثاني  هو تفتيش الكتب لانها تشهد بالمسيح كما اوصانا  السيد المسيح :   فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية.وهي التي تشهد لي. (انجيل يوحنا 5: 39)

لقراءة الجزء الاول أنقر هنا
لقراءة الجزء الثاني انقر هنا
لقراءة الجزء الثالث انقر هنا
لقراءة الجزء الرابع انقر هنا
لقراءة الجزء الخامس انقر هنا

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع