ميرفت عياد
كتبت: ميرفت عياد - خاص الأقباط متحدون
تقدم مجموعة من المحامين بتقديم بلاغ للنائب العام، طالبوا فيه بمصادرة كتاب "ألف ليلة وليلة" وحبس ناشريه بالهيئة العامة لقصور الثقافة، بزعم أن الكتاب يخدش الحياء العام!
وطالب المحامون في بلاغهم بالتحقيق مع جميع المسئولين عن سلسلة «الذخائر» التي تصدر عن الهيئة، ومحاكمتهم بموجب المادة ١٧٨ من قانون العقوبات المصري التي تعاقب بالحبس لمدة سنتين والغرامة لكل مَن ينشر مطبوعات أو صورًا خادشة للحياء العام، واعتبار الكتاب الصادر في جزئين دليلاً ضدهم.
وفي المقابل رفض الأدباء رفضًا قاطعًا محاولات البعض مصادرة الطبعة الجديدة من "ألف ليلة وليلة"، وطالب الأدباء النائب العام بحفظ هذا البلاغ امتدادًا لروح مصر الحضارية.
ومن أجل هذا عقدت الهيئة العامة للكتاب ندوة لمناقشة كتاب "ألف ليلة وليلة" وشارك في الندوة كلاً من د. جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة، والأديب والكاتب "جمال الغيطاني"، وأدار الندوة د. "حسين حمودة" الذي أكد على أن الهيئة إعادة طبع دراسة الكاتبة الراحلة سهير القلماوي عن "ألف ليلة وليلة" التي تمت في عام 1941 وأشرف عليها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ونالت عنها الباحثة درجة الدكتوراة، لما لهذه الدراسة من أهمية حيث توضح أن أصول "ألف ليلة وليلة" عربية.
كما أنها جزء من تراثنا الإنساني وهويتنا العربية الذي لا يمكن المساس به، كما أن بفضل هذه الدراسة انتقلت ألف ليلة وليلة من منطقة السحر والغموض إلى منطقة الوعي والعقل.
*مصادرة ألف ليلة وليلة معاداة للعقل والاستنارة:
ومن جانبه أضاف دكتور جابر عصفور: إن مجموعة المحامين الذين طالبوا بمصادرة كتاب ألف ليلة وليلة ينتمون إلى الفكر السلفي الوهابي المتشدد الذي أتى إلى مصر من الصحراء ليحارب الحضارة والمدنية والإبداع والتراث وكل ما هو قيّم ومستنير، كما أن المطالبة بمصادرة ألف ليلة وليله يُعد معاداة للعقل والاستنارة.
وقدم "عصفور" في كلمته دراسة أدبية عن ألف ليلة وليلة، أشار فيها إلى أن حكايات ألف ليلة وليلة تبدأ بقصة الملك شهريار الذي يعلم بخيانة زوجتهِ له فيأمر بقتلها وقطع رأسها، ويقرر أن يتزوج كل ليلة فتاة من مدينته ويقطع رأسها في الصباح انتقامًا من النساء. حتى أتىَ يوم لم يجد فيه الملك من يتزوجها فيعلم أن وزيره لديهِ بنت اسمها شهر زاد فقرر أن يتزوجها ثم يقتلها كعادته ولكن استطاعت شهرزاد بالعقل والحكمة الحكايات المتصلة التي ترويها له أن توقع الملك في حبها وأن تجعله يتوب عن قتل الفتيات، وبهذه الحكمة استطاعت "شهرزاد" أن تصون بنات جنسها من بطش وحيوانية السلطان.
مشيرًا إلى أن اسم شهرزاد يعنى بالفارسية ابنة المدينة واسم شهريار يعنى بالفارسية أيضًا ابن المدينة وهذا يمثل عقلية المدنية التي تنتقل فيها المرأة من وضع الصحراء التي تحتقرها إلى وضع المدينة التي تحترمها
التراث الإنساني لا يجب المساس به.
ووافقه الرأي الأديب "جمال الغيطاني" الذي أكد على أن ألف ليلة وليلة تمثل صورة تاريخية صادقة لحياة المجتمع الشرقي في القرون الوسطى، كما أن عشاق القصة ورجال الأدب في العصر الحديث اهتموا بهذا الكتاب الذي يزخر بأكبر مجموعة قصصية عربية تمتاز بالصراحة وصدق التعبير، وتمثل ما كان من طبائع وعادات الشرقيين في هذا الزمان، ومن أجل كل هذا بدأ الغربيون منذ أوائل القرن التاسع عشر يهتمون بقصص ألف ليلة وليلة، ويعدونها ذخيرة أدبية ضخمة.
مشيرًا إلى أن من حق جميع القراء قراءة مثل هذا التراث الإنساني ولكن الطبعات الموجودة منه باهظة الثمن وليست في متناول الجميع لذلك جاء القرار بطباعة طبعة شعبية زهيدة الثمن، ويستشعر الغيطاني الخطر من الهجوم على كتاب ألف ليلة وليلة لما يمثله من تراث إنساني لا يجب المساس به.
وختامًا تساءل إلى متى ستسمر أحداث العنف والتعصب والقمع والاغتيال التي تستغل اسم الدين لترهب المثقفين والمبدعين وأصحاب الأقلام الجريئة؟!
http://www.copts-united.com/article.php?A=17582&I=437