ناهد صبري
بقلم : ناهد صبري
ليس من العيب إطلاقا أن نعترف بأن بعض مناهج التربية الدينية بها بعض الخلل،وبها بعض الآيات التي تَحُض على العنف،هذا أفضل كثيراً من أن نبقى على هذه المناهج فتكون نواة لإنقسام وعنف نعانى من ويلاته لأكثر من جيل،انقسام وعنف يراه العالم من حولنا فيصنفنا- بحق- من الشعوب المتخلفة المعادية لحقوق الإنسان .
هذا هو ما رآه الوزير الشجاع ( أحمد زكى بدر)، وزير التربية والتعليم،حيث عقد يوم الإثنين الموافق السابع والعشرين من ابريل الماضى إجتماعاً بمقر وزارة التربية والتعليم إجتمع فيه بالدكتور(على جمعه)،مفتى الديار المصرية،بإعتبار أن الأزهر هو المرجعية الوحيدة فى كل ما يتعلق بالقضايا التعليمية،وباعتباره الجهة ذات الإختصاص فى تطوير المناهج الدينية الإسلامية ومراجعتها،وذلك لتغيير مناهج الدين بما يتناسب مع تغير إهتمامات المتعلم،وتطور ميوله وذلك إعتباراً من العام الدراسى ( 20011 – 20012 )
لقد قال وزير التعليم " أن هذه الخطوة هى نتيجة لمشوار بدأناة منذ شهو؛بسبب شكوى البعض داخل المجتمع من وجود بعض الخلل فى مناهج التربية الدينية"،ولعله بهذا يقصد عدداً من قادة الأحزاب الليبرالية،والجماعات الحقوقية،التي طالما طالبت بإلغاء حصص الدين كليةً ،أو على الأقل تنقية المناهج الدينية،كما طالبوا أيضا بتخفيف الآيات من المناهج الدراسية الأخرى .
إلا أن( زكى بدر) آثر الإبقاء على حصص التربية الدينية،مع تنقيتها،وأضاف مادة تُسمَى " الأخلاق " لتعميق المواطنة،والتعريف بالآخر وإحترامه أياً كان .
أما الدكتور( على جمعة) فمن جانبه قد أكد على ضرورة تغيير مناهج التربية الدينية من وقت إلى آخر بما يتلاءم مع ظروف كل وقت،حتى يمكن لهذه المناهج أن تؤدى دورها دائمًا ،وتواكب العصر،إذ أن التغييرهو سنه الحياة،وكل منهج له زمنه المناسب مؤكداً أن المعايير التي تم وضعها في المناهج الجديدة،هي نتاج أكثر من عشرسنوات من العمل الدائم،لكي تتوفر فيها شروط التربية والتعليم،فضلاً عن الإهتمام بالأخلاق لتنشئه جيل واع من الدارسين.
لقد أكد الدكتور (على جمعة ) أيضًا،أن عملية تغيير كتب الدين الإسلامي،تستهدف تنقيتها من الأفكار التي يمكن فهمها على محمل التحريض ضد الآخر،والإنعزال عن المجتمع، وأن هذا التعديل سيخضع لمعايير تربوية مصرية وليست أجنبية .
أما اللجنة المنبثقة عن المؤتمر فقد أعلنت أنها ستضع كتبًا للطالب وأخرى للمعلم لتدريبه اعلى تدريس المناهج الجديدة،من أجل ضمان توصيل المعنى الذي أرادته الوزارة وعدم الحيدان عنه.
وقد تم الإتفاق على إصدار كتاب جامع للمبادئ التي تُحث عليها الأديان الثلاثة،اليهودية، والمسيحية،والإسلام والذى سيحمل عنوان" الأخلاق "،وذلك لتفادى عدم قبول الآخر و تكفيره في بعض الحالات ،بحيث يتناول الكتاب الوحدة الوطنية،وتعريف الطلاب بالقيم السمحة التي تشير إليها كل الأديان السماوية .
إن المناهج الجديدة يجب أن تتضمن من المواد ما يدعم ثقافة المحبة والإخاء بين أبناء هذا الوطن،وبناء الإنسان القادر على إدراك التنوع البشرى،والذي يحترم المخالف له في العقيدة،مما يجسد مبدأ التكافل الإجتماعي،ويحافظ على القيم وعلى الإنتماء بين أفراد المجتمع .
كما يجب أن ترسّخ المناهج الدراسية،الإخاء والقيم النبيلة والتكاتف الأجتماعى،وتعمل على تنمية الذهنية الفردية بشكل عام،وتبث فيه ما يؤدى إلى تفعيل دوره فى المجتمع،وتساعد على معرفه مشاكل المجتمع وقضاياه وطرق حلها،وتدريب الفرد على المشاركة المفيدة، وتنميه روح فريق العمل،وتقوية الروابط بين فئات المجتمع المختلفة بما يعود على المجتمع بالنفع العام ويشيع المحبة بين أفراده .
والمطلوب الآن،وقبل تغيير مناهج التربية الدينية مراجعه كافة المواد الدراسية،وتنقيتها من كل ما يعمق الفروق الطائفية،تماشيًا مع الإنفتاح الثقافي والحضاري الناتج عن ظاهرة العولمة، وتدريس ما ينمّى روح التسامح الديني وإحترام حقوق الإنسان،وقبول الأخر المختلف في العقيدة والدين ،ومطلوب أيضا وقبل كل شئ تغيير النظرة تجاة التعليم أى النظر إليه ليس بكونه إحتياجًا فقط بل بإعتباره كافلاً لحقوق الإنسان .
http://www.copts-united.com/article.php?A=17460&I=434