نائب الرئيس الذي لا يريده الرئيس!

بقلم: إبراهيم عيسى

هل تراجع مبارك عن تعيين نائب للرئيس؟

البعض يقول إنه لم يفكر أصلا في تعيين نائب وإن كل ما كتبناه حول هذه الفكرة هو محض اجتهادات أو سيناريوهات محللين مشغولين بما لا ينشغل به الرئيس، لكن الحقيقة (أو الأقرب إلي الحقيقة) أن فكرة تعيين نائب مطروحة في الدائرة المحيطة بالرئيس وأنها موضع حوارات ومناقشات تدور بجوار أذني الرئيس ومعه أحيانا، وأنها كانت وشيكة إلا أن الرئيس مبارك لا يزال -رغم الظروف الأخيرة -مغرما بالكتمان وبالمفاجآت، ثم يبدو أن عقيدته الصلبة برفض الاستجابة إلي أي مطالب للرأي العام والحرص علي العناد مع هذه المطالب لا تزال علي صلادتها!

حتي إن الوسط الصحفي يعرف عبر سنوات حكم مبارك أن الهجوم علي وزير والمطالبة بتغييره هي أفضل طريقة للإبقاء علي هذا الوزير أو المسئول وليس غريبا أن تحتشد حياتنا السياسية بقصص أقرب إلي الطرائف والعبر عن وزراء ومسئولين يهللون بمجرد الهجوم عليهم في الصحافة وحين يطالب الشعب بتغييرهم ويعتبرون هذه الأيام أسعد أيام حياتهم فقد ضمنوا أن الرئيس يعاند الجميع وسيصمم علي إجلاسهم فوق مقاعدهم، وكلما ارتفعت نبرة الهجوم عليهم واتسعت مطالب الناس برحيلهم تمسك بهم مبارك أكثر وأبقي عليهم أطول، ولا يوجد مثل واحد أو نموذج وحيد علي وزير أو مسئول في عصر مبارك هاجمه المجتمع السياسي والنيابي والصحفي وألحوا علي رحيله وتغييره فرحل أو تغير، إطلاقا، كل المكروهين المرفوضين مستمرون في الحكم، بينما خرج في التغييرات المحدودة الضيقة التي يجريها مبارك علي فترات متباعدة تزداد بعدا شخصيات تفاجأ الرأي العام بتغييرها حيث لا طلب ذلك ولا هاجمها ولا عارضها!

كراهية الرئيس للتغيير وعناده مع طلب التغيير سواء علي مستوي الشخصيات والمسئولين أو علي مستوي الدستور والقوانين إذا كانت مفهومة خلال تسع وعشرين عاما من حكمه ففي العام الثلاثين يصبح لزاما علي الرئيس أن يرضخ للناس ليس من أجل مصلحة مصر رغم كل هذا الاحتقان والاحتجاج والتفاعل السياسي الذي يتحول انفعالا، بل لمصلحة الحزب الحاكم الذي يرأسه مبارك فهو معرض للتفكك وللصراع حين يكون مطلوبا منه أن يرشح شخصا علي منصب الرئيس في الانتخابات القادمة إذا خلا الترشيح من مبارك شخصيا فهناك طموحات جامحة جانحة لابنه جمال وفريق ضيق من رجال الأعمال الذين يخدمون النجل ويتحالفون معه تربصا بيوم يقنصون فيه مقعد الرئاسة، وهناك أسماء من حرس قديم تقليدي وثقيل الوزن ومحنك الخبرة ومؤسسات سيادية ذات دور محوري ومركزي في صناعة قرار السلطة في البلاد لن تسمح لهواة أو حواة بالقفز علي ظهر مصر ذات ظهيرة!

إذن القرار الحكيم أن يعين الرئيس داخل حزبه أو رئاسته نائبا يصبح معلوما أنه المرشح القادم للرئاسة وطبعا المنطق يقول إنه لا يجب أن يختاره مبارك منفردا عن بقية الدوائر والأجهزة والمستشارين.. لكن من قال إن المنطق هو الذي يحكم الحكم في مصر!

نقلا عم الدستور

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع