والمسيحية أيضًا ... دين ودنيا

جرجس بشرى

بقلم : جرجس بشرى
هل تعلمون السبب الرئيسي للنكبات التي تدق على رؤوس الأقباط كل يوم ؟ وهل تدرون السبب الجوهري وراء تصاعد وتيرة العدوان الطائفي , والإضطهاد الرسمي المُمنهج الذي يُمارس ضد المسيحيين المصريين في الجامعات ، والمناصب الحساسة  والقيادية  بالدولة ؟! .. في الحقيقة لست أجد إجابة على مثل هذه الأسئلة ، سوى أن ما يحدث للأقباط ( المسيحيون المصريون )  من إضطهاد  في وطنهم  الأصلي مصر،  إنما يرجع لسببين أساسيين ، أولهما  : مسيحيتهم ،  نعم ، فما يحدث للأقباط منذ الغزو الإسلامي  لمصر تحديداً وحتى هذه اللحظة ، سببه الرئيسي هو إيمانهم بمسيحهم .. 

 فالحكومات المتأسلمة التي تعاقبت على حكم مصر ، منذ الغزو  العربي  إلى يومنا هذا ،  ما زالت تقاوم المسيحية في المسيحيين  أنفسهم ، وتنظر للمسيحية على إعتبار أنها ديانة كفر وشِرك ، وبالتالي تُستَحل أموال ، ودماء أتباعها . ولا يجب أن تبنى لهم كنائس أو تُجدد !!( هل تساءل أحدكم : لماذا تحدث معظم حوادث العنف الطائفي ضد الأقباط  وكنائسهم بعد صلاة الجمعة ؟!! ) ،

والغريب أنه تأكد لنا  مؤخراً ، عبر فتوى إسلامية صادرة عن الأزهر، نشرتها جريدة الأقباط متحدون  الإليكترونية ، أنه لا يجب القصاص من المسلم الذي يقوم بقتل غير المسلم ، وهو  الأمر الذي  يُعد بمثابة  تصريح ، ورخصة غير مباشرة  للمسلم  بقتل غير المسلم ، ولا شك في أن القضاء المصري يستند إلى مثل هذه الفتوى في حوادث العنف الطائفي ضد الأقباط  ، بدليل أنه لم يتم حتى الآن القصاص  من المسلمين الذين قتلوا واحداً وعشرين قبطياً في الكشح ، وستة أقباط في نجع حمادي ، وغيرها من الحوادث الطائفية!! 

وأبلغ تعبير على مقاومة الحكومة للمسيحية كدين ، هو ملاحقاتها للمتنصرين في كل مكان وتهديدهم ، وإطلاق أمن الدولة بعض العصابات عليهم لترويعهم وإرهابهم ، وكذلك عدم السماح لهم بإثبات معتقدهم الديني الجديد ( المسيحية ) في الأوراق الثبوتية ، هذا في الوقت الذي تُسَهِّل فيه حكومة مصر , وجهازها الأمني ، عمليات التحول من المسيحية أو أي ديانة أخرى إلى الإسلام !! ، ونزع حضانة الأطفال من أمهاتهم  المسيحيات لأبائهم الذين أشهرو ا إسلامهم ، وتغيير أسمائهم إلى أسماء إسلامية  !

أما السبب الثاني ، والذي لا يقل أهمية عن السبب الأول في تردي أوضاع الأقباط في مصر،   هو فهمهم  الخاطئ لبعض الآيات والتعاليم المسيحية ، وهذه حقيقة يجب الإعتراف بها 00 فما زال هناك أقباطاً حتى هذه اللحظة يفهمون قول الكتاب المقدس " ليست لنا هنا مدينة باقية ولكننا نطلب العتيدة " ، و " من لطمك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضاً "، و" لي النقمة أنا أجازي يقول الرب " 

وغيرها من الآيات المقدسة فهماً خاطئاً ، وأرتكنوا نتيجة الفهم الخاطئ لهذه الأيات  إلى العزلة ، والسلبية ، واللا مبالاه ، والتواكل ،  وتهميش حقوقهم ، معتبرين أن المسيحية دين فقط ،  غير مُدركين أنها دين ودنيا أيضاً ؛ بدليل أن السيد المسيح له كل المجد قال عن المؤمنين به في مُناجاته مع الآب " لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير " ، كما قال لمن لطمه :" لماذا تلطمني " ؟! وأيضاً " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " .
 
كما أن بولس الرسول أيضاً عندما شعر بالظلم والإضطهاد الواقع عليه ،  مع أنه رجل دين ، رفع شكواه إلى قيصر ، وهو أعلى سلطة في الإمبراطورية الرومانية وقتها ، لم يخف ، بل طالب بحقه في المواطنة ، كسائر جنسه من الرومانيين ،  ولم يتهاون في ذلك.

 إن قضية الأقباط في مصر ستظل مرهونة بمدى جديتهم في مطالبتهم بحقوقهم بلا هوادة ، وبشكل سلمي ، وفي أي مكان في العالم ، فكلما زادت رقعة وقوة إحتجاجاتهم ومطالبهم الشرعية ، وصل صوتهم أكثر إلى العالم ؛ ليعرف الضمير العالمي كله مدى المعاناة والإضطهاد  الذى يقع على مواطنين  مسالمين لا ذنب لهم سوى أنهم مسيحيين !!!