ميرفت عياد
كتبت: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
كشف المفكر المصري الراحل جمال حمدان في مذكراته الخاصة التي تصدر لأول مرة هذا الأسبوع في ذكرى رحيله، عن آراء جديدة بشأن الواقع السياسي المصري وخاصة في الإسلام السياسي، واصفا الأحزاب الدينية بالعصابات الطائفية، واشترط لتقدم مصر والعرب والعالم الإسلامي أن يتخلصوا من الأحزاب الدينية.. وقد أعد "عبد الحميد صالح حمدان" هذه المذكرات الخاصة بشقيقه جمال حمدان في كتاب (العلامة الدكتور جمال حمدان ولمحات من مذكراته الخاصة)..
وقال محرر الكتاب في مقدمه الكتاب إن شقيقه كتب مسوداتٍ تضم أفكاره وآراءه متفاعلاً مع الأحداث تمهيدًا لإدراجها في عمل كبير كان ينوي إخراجه عن العالم الإسلامي..
وأشار الكتاب إلى أن مذكرات جمال حمدان كانت تحمل العديد من الأفكار؛ منها خوفه من تراجع مساحة الزراعة التي تعني الحياة للبلاد وبدون الزراعة ستتحول مصر "إلى مقبرة بحجم الدولة" لأن مصر بيئة جغرافية مرهفة وهشة لا تحتمل العبث ولا تصلح بطبيعتها للرأسمالية المسعورة الجامحة، هذا إلى جانب رؤيته عن أن مصر تتحول لأول مرة من تعبير جغرافي إلى تعبير تاريخي بعد أن ضاقت أمامها الخيارات ليس بين السيء والأسوأ وإنما بين الأسوأ والأكثر سوءًا ويصف بقاءها واستمرارها بأنه نوع من القصور الذاتي.. ولكنه يستبعد ما يصفه بمشاريع إسرائيل والصهيونية والغرب لتفتيت مصر ويعتبر هذا نوعًا من السفه والجنون ويعزو ذلك لأن مصر أقدم وأعرق دولة في الجغرافيا السياسية للعالم غير قابلة للقسمة على اثنين.. فمصر السياسية هي ببساطة من خلق الجغرافيا الطبيعية.
وفي فصل عنوانه (دنيا العالم الإسلامي) يقول حمدان الذي كان عاشقا لعلوم الجغرافيا إن الجماعات المتشددة وباء دوري يصيب العالم الإسلامي في فترات الضعف السياسي، إذ يحدث التشنج لعجز الجسم عن المقاومة.. ولا يجد حمدان تناقضًا بين العلمانية والدين لأن "كل الأديان علمانية أي دنيوية.. الدين في خدمة الدنيا لا الدنيا في خدمة الدين... هدف الإسلاميين الارهابيين هو حكم الجهل للعلم، ويُضيف أن العلمانية هي "ترشيد التدين.. التدين بلا هستيريا وبلا تطرف".
وقال دكتور مجدى الجزيري، أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية آداب جامعة طنطا وعضو مجلس الثقافة بالمجلس الأعلى للثقافة - في تصريح خاص لـ "الأقباط متحدون" – إن المفكر والعالم جمال حمدان وأستاذ الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة لم يتلقَ في الجامعة التقدير المناسب لعلمه، فقرر أن يقدم استقالته منها ويتحرر من قيودها، فجمال حمدان يُعد أحد األام الجغرافيا البارزين في القرن العشرين، ولهذا حصل على العديد من الجوائز، وعُرِض عليه الكثير من المناصب الهامة إلا أنه فضل العمل بصمت في شقته وتفرغ للبحث العلمي الذي آمن بأهميته وأعطاه سنوات عمره قبل أن يموت تلك الميتة المأساوية محروقا في شقته، ولعل كتاب "شخصية مصر" يُعَّد من أهم كتبه التي أصدرها والتي ترجمت إلى العديد من اللغات، والتي فيها يقدم رؤية فلسفية وتاريخية وجغرافية لمصر، هذا إلى جانب العديد من الكتب مثل (دراسات في العالم العربي) و(بترول العرب) و(الاستعمار والتحرير في العالم العربي) و(استراتيجية الاستعمار والتحرير) و(اليهود انثروبولوجيا) و(6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية) وهو قراءة لما بعد حرب أكتوبر 1973 التي تمكن فيها الجيش المصري من عبور قناة السويس.
وأكد دكتور مجدى الجزيري على رفضه لفكرة الأحزاب الدينية، لأن هذا تداخل بين الدين و السياسة، كما أن الأحزاب يجب أن تجمع وتوحِّد صفوف الشعب، أما الأحزاب الدينية فإنها تفرِّق وتنفر بين أبناء الوطن الواحد، هذا بالإضافة إلى أن الدين هو علاقة بين الإنسان والله، لذلك فالعلاقة بين الأديان يجب أن تكون علاقة تناغم وتسامح وليس تنافرًا وتطاحنًا.
http://www.copts-united.com/article.php?A=16833&I=419