أنور عصمت السادات
بقلم: أنور عصمت السادات
حينما تختفي الإرادة وتستكين القوى الشعبية وترضى تمامًا بالأمر الواقع وتصبح تيارات المعارضة والقوى الوطنية وكأنها مكبلة بقيود عديدة لا تستطيع أن تتخلص منها أو حتى تفكر في محاولة لنيل حقوقنا المهضومة لا يمكن لهذه المعارضة أن تقف وتغير.
ولما كانت الحكومات الجائرة على اختلافها لا تراعى أفراد الشعب وجعلت من مواطنيها سلعة رخيصة لا كيان لها وكثر الفساد والنهب والسرقات.
وصار الوطن عزبة خاصة يمتلكها البعض وأصبح المواطن ضحية سياسات المصالح التي ينتهجها الكبار لتزداد ثرواتهم ولو على حساب الفقراء والمهمشين من أبناء الشعب الذين تحوّلوا إلى قنابل موقوتة تنتظر ساعة الصفر حتى تنفجر فيستوي الأخضر واليابس معبرة بذلك عن غضبها العارم تجاه ما يحدث من أمور غريبة في أي مجتمع.
ولعل ما حدث مؤخرًا من ثورة أهالي جمهورية "قرغيزستان" مؤشرًا يجب الالتفات إليه حيث خرج الشعب في مظاهرة أمام القصر الرئاسي ووقعت اشتباكات ضارية بين المتظاهرين احتجاجًا على تردى الأحوال المعيشية وحالة الفساد التي شهدتها البلاد في ظل حكم الرئيس "كرمان باكييف" مطالبين باستقالته.
وقام المتظاهرون باقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون الحكومي وأوقفوا البث في جميع المحطات واحتلوا البرلمان وسيطروا على المبنى، وبدءوا في تشكيل حكومة جديدة. وقامت القوات الحكومية بفتح النار على المحتجين وقتلت منهم قرابة 100 شخص وأصيب 400 آخرون.
وكانت الحكومة التايلاندية على موعد آخر مع تحول درامي سريع للوضع هناك حيث اقتحم المئات من المتظاهرين المناهضين للحكومة في تايلاند والمعروفين باسم "أصحاب القمصان الحمراء" مقر البرلمان التايلاندي مطالبين بإقالة رئيس الوزراء وإجراء انتخابات جديدة ونزيهة وما زالت حالة الطوارئ معلنة إلى الآن في العاصمة بانكوك والأقاليم المجاورة.
لكن ما أود أن أقوله هو أن تلك الشعوب تعانى مثل ما نعانيه أو أقل من أفعال حكومة أهدرت ثرواتنا وأضاعت كرامتنا في الداخل والخارج, وجعلت الشعب عبارة عن طبقتين (فوق – تحت) (أثرياء – معدومين) لا مكان للطبقة الوسطى التي كنّا نسمع عنها من قبل. فقر، بطالة ، فوضى، فساد، عنف، جريمة، انهيار أخلاقي وثقافي واجتماعي والسطور لن تكفى فالواقع يوجد فيه الكثير، ومعارضة كالموجودة في قرغيزستان وتايلاند حين لم يستجب النظام لمطالبها نهضت والتف حولها الشعب جنبًا إلى جنب الكل مستعد للتضحية من أجل حياة أفضل أفراد تموت ليحيا آخرين فاستطاعت بعزيمتها أن تفرض نفسها على الساحة السياسية ويكن صوتها مسموعًا لتغير وفق ما تشاء.
أما عندنا في مصر,,, كلنا نرى ونشاهد حال هذا الشعب وما يعيشه من أزمات متتالية والجميع مكتفون بأن يكونوا متفرجين فقط, معارضة شكلية من صلب النظام حيرت معها الشعب وأفقدتهم الثقة في الجميع.
أما المعارضة الحقيقية فأصبحت أقصى طاقتها أن تنادى وتحكى عن خلافات واختلافات باتت تفسد علاقات أفرادها وتفكك غير مقبول, لماذا؟ لا نجد مبرر أو إجابة مقنعة.
وإذا كانت معارضة تايلاند وقرغيزستان بهذا الشكل استطاعت أن توحد الصفوف من أجل هدف واحد نسعى كلنا إليه فما موطن الخلل عندنا في مصر. لماذا لم نرى حتى الآن معارضة حقيقية تستطيع أن تقود موكب التغيير رغم ما عندنا من فساد يفوق بمراحل ما عند هذه الشعوب. أم أنه لا أحد مستعد للتضحية ولو بالقليل ودفع الثمن من أجل مصر وما نزعمه من وطنية وحب لمصر هو شعارات كاذبة تقال من الأفواه لا من القلوب, وضع مؤسف ومخجل أن نكون بهذا الشكل في ظل هذه الأوضاع المتأزمة والشعوب والناس يتحركون من حولنا، أرادوا فعزموا وحين عزموا نجحوا والأيدي المرتعشة لا تقوى على البناء والمترددون لا يصنعون الحرية.
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية
info@el-sadat.org
http://www.copts-united.com/article.php?A=16491&I=411